[يزيد فاضلي]

..أيْ واللهِ-أخي الكريم الفاضل رمزي-وهلْ أركسَ أفكارَنا وبَلبَلَ أذهانـَنا وزعزعَ عقائدَنا الصحيحة شيءٌ إلا ذيُوعَ تلكَ البـِدَع والضلالاتِ والمُحدَثاتِ التي تسربتْ-عَلـَناً أو خِلسَة- لتـُحْدِثَ ثـُغـَراً وفجَوَاتٍ هائلة ًفي المَسار العقائدي العام لدينِ خيْر أمةٍ أخرجَتْ للناس..؟؟!!!

إن النبيَّ صلى الله عليه وسلمَ لم يُغادرْ دنيانا هذه إلا بعدَ اكتمال الدين-قرآنا وسُنة ً-بتمامه،فتركنا وللهِ الحمْدُ والمِنة (( على المَحَجَّةِ البيضاءِ،ليْلها كنهارها،لا يزيغُ عنها إلا هَالكٌ ))،فسارتِ الأمة على هداهُ مذ خمس عشرة قرناً،يترنحُ مؤشرُ منحناها البياني بين الصعودِ تارة والانحدار تارة أخرى،ومؤشرُ مُنحناها-صعوداً وانحداراً-مُطـَّردٌ اطراداً تجاذبيًّا مرهوناً بمدَى التزام سَوادِ الأمةِ بنهج دينها الصحيح أو بمدى انحرافِها وبُعْدِها عن سويةِ ذلكَ المَنهَج...

وما مثالُ ( الرُّقـَى الشرعية ) الذي نقلتـَهُ مشكوراً عن كتاب الشيخ فلاح إلا مَظهرٌ صارخٌ من مظاهر انحدار ذلكَ المؤشر للمنحنى البياني الخاص بخيْريةِ هذه الأمة الإسلامية المُحمدية الفريدة التي أنيط َبها زمامُ القيادةِ والشهود الحضاري على الناس (( ...ولتكونوا شهداءَ على الناس ))..

إن الأساليب الإحدى عشر التي نقلـَها الشيخُ عن التطبيقاتِ الخاطئة الشاذة للرقى الشرعية ليستْ مزاعِمَ أو دَعَاوَى أوتلفيقاتٍ وهمية..إنها-واللهِ-عيْنُ الحقائق،وهي من الذيوع والانتشار بحيثُ أنها لا تكادُ تخفى على عيْن أحدٍ،وصار المشرقُ الإسلامي والمغربُ لا يَكادُ مَكانٌ أو إقليمٌ ينجو من وقع الدجالين والمشعوذين والمُهرطقين أو يَخلو من أوكارهم المليئةِ دَجَلاً وغزعبلاتٍ..!!

لقد كان المظنونُ-أخي الكريم-أن تلكَ الأوكارَ تنحصرُ فقط في أولئكَ الذين لفظهُمُ المجتمعُ الإسلامي الواعي الراشد النظيفُ بسبب جهالتهم الجَهلاءِ وبسبب أميتهم الفكرية والعلمية والعَقدية،لكنَّ التقليعة في الآونةِ الأخيرة راحتْ تكشفُ عن وجهٍ جديدٍ لدهاقنةِ الدجل...

الآن..هناكَ قنواتٌ فضائية ومواقِعُ في شبكة النت يُشرفُ عليها ناسٌ يُقدمونَ أنفسَهم كنخبةٍ مثقفةٍ،فيهم المهندس والبشمهندس وفيهم ( الدكتور ) والبشدكتور،وبدبلوماسيةٍ عاليةٍ وحذلقةٍ فقهيةٍ ماهرة يروحون في ضـَخِّ سمومهم الخزعبلاتية في علاج المَرضى والجماهير المسكينة الطيبة،ولا بأسَ البتة من تدبيج معروضاتهم بشيءٍ من القرآن أو الأدعية التي تشبه غمغماتِ الحاوي الهندي أو تمتماتِ جماعةِ المايَا في أعالي التبت،فإذا ما صِحْتَ : ما هذا العبث العقائدي..؟؟ وما هذا الاستخفاف بدين الأمةِ الصحيح..؟؟ أين أدلتكم الشرعية المتواترة يا جماعة..؟؟!!! قيل لكَ : صَــهْ..!! اسكتْ..!! إنها أسرارُ المهنةِ التي لمْ تـُعْط َللعوام..!!! ولكأنَّ الأمة نامتْ لقرونٍ طوالٍ على هوامشَ من دينٍ مستور مَخفي،ثم فجأة أيقظها هؤلاءِ الروادُ الجُددُ العباقرة على أسرارٍ وحقائق من ذلك الدين لم تكنْ معروفة..!!! ألاَ شاهتِ الوجوه..!!!

إن هذا المظهرَ-أخي الحبيب-واحدٌ من بين مظاهرَ ونماذجَ كثيرة وفي مَجالاتٍ حيويةٍ أخرى تبيِّنُ مَدَى ( الأزمةِ الفكريةِ والمأزق الحضاري ) اللذيْنِ تترَدَّى في ظلمائها الأمة الإسلامية منذ عقودٍ طوال..!!!

جزاكَ الله خيراً أخي رمزي على هذه الإطلالة..ووقى اللهُ حياتـَنا من شر هؤلاء الدجالين..وحَفِظ اللهُ علينا دينـَنا وشريعتـَنا الغراءَ بما تركنا عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلمَ وبما سارَ عليه سلفـُنا الصالحُ من الصحابة الميامين رضي الله عنهم جميعاً ومن تابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين...