عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-05-2013, 05:20 PM
الصورة الرمزية نفيسة الفاضلي
نفيسة الفاضلي نفيسة الفاضلي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 57
افتراضي نافــــذة في مــــــداري ...

نافذة فــي مـــــداري....

....حين كنتُ أشرعُ النافذةَ...كنتُ أشرعُ زمنا. .زمنا غير حقيقي..لأني كنتُ أشعرُ أن كينونتي ترتجفُ.. وكأنها تنظر ولأول مرة إلى الحياة.. تلك الساعات تأتي وكأنها نجوما من السماء..مكتملة بالنور ..نصنعُ من الحروف أبجدية أخرى للغة... حين لمَسنا النور بأيدينا. ...تَسربَ إلى الشرايين نسيجا من الضوء..وضًحَ لي رؤيتي إليكَ ...وكما أنت وأنا أمام غابة متوغلة في الخطوط السوداء... صرنا..نُؤلف أوراقا ..فتية ..مفعمة بالخضرة ..وأوجدُ بكَ ..متخمة بالروائح التي تأتي منكَ.... تأتيني شفافة لا أصحو منها...كأحلام يقظة ..تأتيني من بدايتها..وأبتدأ منكَ..مما تقوله...وأنا أصغي إليكَ..أحددُ بوضوح..بداية لزمن غير حقيقي..حين أدنو منكَ .. فتجعلُ من ظلي معالم لأطياف آتية...إليك.. من الغيب..


...وأشعرُ بكَ وأنت تُطوقني..بحزام لا مرئي..تُطوقني..كظل لا يراه أحدا..تَلفني.. يصعدُ البخار..بخار الروح..ينتشرُ..شلالا من نور..ثم يسقط ُفي نفسي بردا..رشة من سعادة..تتركني.. أنثرُ عن نفسي كل زخم الحياة..وكل الأشياء التي لم أستطع إدراكها..ولا البلوغ صوبها...وكأني أنتبهُ فجأة أني موجودة..بك..طفلة لم تفتح بعد عينيها إلى الوجود.... تشمُ عطرا ... تدري بأنها كانت تغتسلُ به في لحظات عتمتها ...في لحظات يتمها ..أوفي اللحظات التي تنتحب حين تشعر أن لاأحد بجانبها....

آه ....ياأنت البعيد..ما كان الله ليخلقني..إلا لأستنشق جمال الخَلق فيكَ..في روحكَ التي تتجلى في صباحا ومساءا....منذُ أن وجدتُ ..روحكَ إني أحسُ بها..يقظة في داخلي..هي روحكَ لا تتركني ..تسكنني بعمق..وكأنها تتملكني..

..أرغبُ أن أحيا..وهاته المساحة التي تَحولُ بيني وبينكَ..وإحساسنا بهذا الحجم الكبير من القرب..وإحساسنا بهذا الحجم الهائل من البعد..يصل الى حد التوحد..وأننا لم نلتق بعد..لكننا نلتقي..متجاوزين كل الخطوط الوهمية..والحواجز..أخلقُ من روحكَ..جوازا لي..فترد لي روحي..بوابة أدخلُ بها اليكَ.

حين أفتقدكَ..وفي كل لحظة..يسقط ُالدمع..فأنتحبُ..لأنني حين أنتحبُ لا يسقط الدمع..وأخشي من البكاء قد يحرقُ الغاب.. وكم أعرفُ بأنه ليس لك وجودا..لا أستطيعُ أن أنقذَ تلك الأوراق الفتية من الموت..ثم تَقبلُ علي...كبسمة تُولد من أزهار الأقحوان..كخيوط الصباح..تأتيني ...رقيقة ..حنونة..تسرح ملىء وجهي..تمسحُ بقايا ملح الدمع ....وتُقبلُ روحي..تتلاشى قسمات الحرقة..والعتمة ..فأشرع عيناي..أرى حقيقة ..مشهدا لبحيرة ..زرقاء..يغريني..و من جديد بالبكاء....

...وبين سيلان الفرح بين فجوات روحي.. أتنفسُ..كما تتنفس الأشجار..صمت الليل.. وهي تلك الساعة التي ملأتني بهذيان كأنه حمى الوجود..والذي أدركته حين شرعت النافذة.. ولم أجدكَ...

....وأدركتُ بما تبقى من إحساس داخلي..أني أهتزُ..برعشات تصعقني..تُجمدُ أطراف روحي..شعرتُ أن أنامل تسري بين خصلات شعري....حين فتحتُ عيناي..كانت سخونة كبيرة تغرقُ وجهي وبرودة تشل جسدي...وصوت أليف يهمس في أذني... أنني كنتُ أهذي .. ..إنه يأتي من النافذة ...حينها تطلعتُ صوب النافذة .. لم تكن تلك النافذة ....ولم يكن ذاك الزمن ولا المكان ...

....واستمر الكلامُ الذي التقطته .. كان صوته وصمتي.. لا يلتقيان..وكنتُ أشعُر في داخلي أن الموت يأتي من النافذة.
__________________
يطير الحمام
يحط الحمام
أعدي ليَ الأرض كي أستريح
فإني أحبك حتى التعب
محمود درويش
رد مع اقتباس