عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 09-08-2017, 01:08 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي

اقتضت حكمة الله تعالى أن نكون معا في هذه السنة، التي توقعت أن نكون فيها أقرب من بعضنا، نعيد فيها ترتيب أولويات حياتنا، نناقش فيها ما مضى، وما حال دوننا ودون ألفتنا وتلاحمنا كأسرة واحدة، ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه.
انتقلنا إلى الخوض، وما زال مدبرا قليل الحديث، ساهما، كأنما يحمل من الهموم جبالا راسيات، أما أنا فقد اعتدت أن أواجه هذه الأمور بعظيم الصبر، متأملة متفكرة في ما آل إليه حالنا من التشتت والتردي، والمشكلة تكمن في عدم رغبته في فتح أي باب للحوار والنقاش، ويفضل بقاء الأمور على ما عليه من سوء الأوضاع، كنت حينها حاملا بابنتي سوسن، وحالتي الصحية من السوء بمكان، ولا معين إلا الله جل وعلا. عندما استقر بنا الحال هناك، كان اول شيء لم اتوقعه منه أن يخبرني بأن كل واحد يسافر بسيارته الخاصة، فكان يتقدمني بليلة، ويصل مساء السبت، وكنت أتأخر حتى الصباح من أجل ابني عمر، فأصل مع موعد المحاضرات، ما في ذلك من بأس، ولكنه كان يعود يوم الأربعاء، ويتركنا بفردي في منزل الإيجار، جربت الأسبوع الأول فأصابني الرعب وخاصة أني غريبة عن المنطقة ولا صاحب لي فيها ولا أهل، وكان المنزل مفتوحا؛ فهو عبارة عن غرفتين متجاورتين مفتوحتين على ساحة البيت، ودورة مياه في زاوية بعيدة منفصلة ، ومدخل بلا باب يصل بنا لى الناحية الأخرى حيث مجلس الرجال، والمطبخ في الزاوية الأخرى، لم أناقشه في هذا الموضوع، وعملت من نفسي على حل هذه المشكلة؛ فقد كانت في نفس المنطقة مجموعة من طالبات التأهيل التربوي من محافظة البريمي، يقمن في سكن خاص بهن، ذهبت واتفقت معهن أن انام معهن تلك الليلة من كل أسبوع، ورحبن بي، جزاهن الله خير الجزاء.
مضت الأيام بل الأشهر ثقيلة جدا لا أستطيع أن اطلب منه مد يد العون والمساعدة في شيء أبد، فبدأت أدرب نفسي على تلبية متطلباتي ومتطلبات المنزل، والدراسة، حتى ذات يوم كان الجو فيه ماطرا والرياح شديدة مع تساقط حبات البرد، في شهر رمضان المبارك، شعرت من أول هذا اليوم أني مريضة، ولا أشعر بالتوازن في خطواتي، وعدت من الجامعة وانا على ذلك ، تحاملت على نفسي وأعددت وجبة الإفطار وهو جالس في الغرفة يرى ما أنا عليه وكأنه لا يرى شيئا، وبعد وجبة الإفطار لم أستطع القيام وكأني في عالم آخر، ولكني أشعر بما يدور حولي، ولا أستطيع أن أطلب منه أن ينقلنا إلى العيادة القريبة من المنزل، فتصبرت وتصبرت، وجاء العشاء وخرج لصلاة التراويح في المسجد القريب، فقلت أنتظر مجيئه؛ حتى لا يقول: إني شغلته عن الصلاة,
عندما عاد كان المرض بلغ مني مبلغا عظيما فناديته طالبة من أن يوصلني إلى العيادة، ساعدني ومضينا، أخبرتني الطبيبة أن أرتاح في العيادة فترة من الزمن بعد أخذ العلاج هناك، مكثنا حتى بدأت أشعر بشيء من النشاط في بدني، فطلبت المغادرة بحجة أني بخير، كتبت لي الطبيبة دواء خاصا آخذه من الصيدلية، ذهبنا إلى الصيدلية، فاكتشفت أن المال الذي في حوزتي لا يكفي لصرف الدواء، فما أتعب نفسه في توفير الدواء وعدنا كما ذهبنا، فقلت أصبر حتى الصباح والله المستعان، فصبرت حتى الصباح، وتحايلت على نفسي للخروج حتى أصل إلى عيادة الطلبة في الجامعة، فكان ذلك وحصلت على الدواء من هناك، فأيقنت حينها ألا معين إلا الله،
وأن وجوده معي مشكلة عظيمة ليس إلا.
كما اتفق ذات يوم أن يصبح الصباح وإطار السيارة فارغ من الهواء، ويحتاج إلى استبدال، في البداية ترددت كثيرا أن أطلب منه ذلك، فحاولت رفع الإطار الاحتيطاطي من صندوق السيارة فشعرت بخطر على الجنين، فقد كنت حينها في الشهر الثامن، فلم يكن هناك بد من طلب المساعدة، فثار في وجهي بحجة أني مهملة، وانه سوف يتأخر عن محاضراته، فوقعت الواقعة، فقام وهو يزبد ويرعد وركب الإطار وانطلق مسرعا، وكأني طلبت منه أن يقتل شخصا ما.
ركبت السيارة وما كدت أمضي حتى بدأت أسمع صوتا في مقدمة السيارة، وبدا ذلك واضحا عندما استقمت على طريق الجامعة الذي كان حينها طريقا واحدا للقادمين والراجعين، فأسقط في يدي، فخفضت من السرعة إلى أقصى حدن و تركت إشارة الخطر تعمل، وكل خوفي أن ينفلت الإطار من السيارة فتكون الكارثة عظيمة مع زحمة الصباح، وكاد وقتها قلبي يقف من شدة الهلع، ولكني واصلت الطريق حتى وصلت غلى كلية الطب، فوقفت هناك، وأخرجت مفتاح شد البراغي، فمر بي ثلاثة من طلاب الجامعة، فساعدوني في ضبط براغي الإطار، فيبدو أن أبا عمر نسي ذلك واكتفى بيديه، ولكن رحمة الله قريب من المؤمنين، وعندما عدت لم أخبره بما حدث؛ لأني أعلم أنه سيقول لي: في المرات قادمة قومي أنت بذلك.
انتهت تلك السنة بما فيها من المرارة، وعدنا لنستقر من جديد في بيت أهله، ورزقنا بسوسن التي ولدت ولديها مشكلة ليونة القصبة الهوائية، فوقعت في معاناة أخرى.
خلال هذا العام تلقي زوجي هدية من ابنيه وهي عبارة عن زجاجة عطر (تولة من المسك الأبيض) بلا علبة؛ لأنهما قدما من العمرة، فأخذها وقال أضع منها عند صلاة الجمعة، فنهيته عن ذلك وقلت له هذه الهدية جاءت من مصدر مشبوه، ولا يمكن لك وضعها في الغرفة أو وضع شيء منها، وخاصة أنك لا تملك حاسة شم لضعف العصب الشمي، فأصر واتهمني بالعداوة لأبنائه، مع كونهما ما زالا طفلين أكبرهما في الحادية من العمر,
حملته مسؤولية تحمل تبعات ذلك العطر وبالفعل ما كاد يضع من مرتين أو ثلاثا، حتى أصيب بما يشبه مسا من الجنون، فانقلب رأسا على عقب، فلا يستق في المنزل، ولا يعود إلا قبيل الفجر ، وإن عاد لا يدخل الغرفة وينام في مجلس الرجال في بيت أهله في معظم الأوقات، وبدا ثائرا متوترا بسبب وبدون سبب، واشتدت عداوته لي ولعمر، فقلت له ذات يوم من شدة الغيظ دع عطر المسك ينفعك الآن،
كثر الجان في الغرفة واستحالت ملعبا للجن لا يقر لنا فيها قرار، ولكني لم أستسلم ذلك وبدأت مرحلة العلاج بالقرآن الكريم والرقية الشعرية وخاصة بعد ما رأيت من إعراض عمر عن المدرسة وتردي حالته الصحية، فكانت كل مراكز العلاج بالقرآن الكريم تخبرني بوجود سحر عظيم، وكلما تماثلنا للشفاء صنعوا لنا غيره، حتى ضاقت بنا الأرض بما رحبت، ومكثنا على ذلك سنين عدة في منزل أهله، وبعد عشر سنوات مكثناها عند أهله، انتقلنا إلى منزلنا الخاص على أمل التخلص من أسحارهم، وسكنا بجوار أهلي من أجل سوسن وعمر، مع معارضته الشديدة للسكن بجانبهم، ولكن قدر الله وما شاء فعل؛ لننتقل إلى مرحلة أخرى أعتى وأشد مما مضى.
للحديث البقية


رد مع اقتباس