عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 19-04-2013, 11:43 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...أقرأ-أختي الكريمة المعلمة الفاضلة الحكمانية-هذه الومضة الشعرية المُحكَمة الجميلة اللطيفة،فأستشِفُّ بين صدور وأعجاز أبياتِها هالة المعلم المربي..المعلم الشعلة..المعلم الجذوة..المعلم الصابر..المعلم الذي أخذ بأيادينا البرئية-ونحن كتاكيت صغار-ثم راحَ في رحلةٍ طويلةٍ،يَبني فينا الأفكارَ والمشاعرَ،ويُنيرُ في رحلتنا فوانيسَ المعرفة والهدى والرشادَ،ولمْ يألُ جهداً ولا وسعاً،ولا عَرَقاً ونصَباً أن يُبصرَنا بدروب الحياة الوعرة والسهلة معاً...

وكلنا يُدركُ حقيقة المعلم في حياتنا..لقد كانَ يُغذي فينا العقلَ والقلبَ من مَصل فِكْره ووجدانه،وقد كانتْ أعصابًُهُ تحترقُ-في غير ما مَنٍّ أو مقايضةٍ-حتى نستبصِرَ في محراب دنيانا حقائقَ الوجودِ وأسراره...

وأقسِمُ-أختي-أنا لو بقيتُ حياتي أسددُ شيئًا من مَزايَا مُعلمي وفضائله عليَّ وعلى حياتي لاستعسَرَ الأمرُ ولاَ مغالاة..!!

نعَمْ..هذا هو المعلم..وبصرف النظر عن الأحوال التي آلتْ إليها مكانة المعلم،خصوصاً في هذا الزمن الأغبر الذي أصبح الحليمُ فيه حيْراناً من رداءة كل شيءٍ..وبَذاءة كل شيءٍ،فإن المعلمَ يبقى-وسيظل-في برجه العالي العتيد،وما كانتْ مسالكُ الاعوجاج والشذوذ الاجتماعي ستـُقلِبُ يوماً حقائقَ الأشياء الثابتة...

المعلمُ سيَبقى في حِمَى كونهِ مُعلماً..وهذا وحدَه يَكفي..!!!

القصيدة التي جادتْ به قريحتـُكِ الثرة-سيدتي الكريمة-تكشفُ عن صهيد ذلكَ الاحتراق الذي يضطرمُ تأجيجاً في شغاف المعلم في معتركِ المسؤولية الثقيلة والتبِعَةِ المُضنيةِ التي أنيط بها كاهلـُه وعنقه إزاءَ التحدياتِ التربوية التي يواجهها أثناء ممارسةِ مهمته الرسالية العظمى...

وسَواءٌ جاءتِ القصيدة تعبيراً مباشِراً منكِ-كونكِ معلمة فاضلة-عن تجربةٍ شخصيةٍ ذاتيةٍ،أو جاءتْ إيحاءًا وترميزاً عن حالةِ الألوف من المعلمين والمربين الذين يحترقون هنا وهناك في صمتٍ وأنينٍ دفينٍ،فإن القصيدة-وما احتوتْ من جُؤارٍ-خرجتْ تعبرُ بالفعل عن الظروف والأحوال التي يتحركُ فيها المعلمُ وهو يُؤدي رسالتـَه النبيلة...

قصيدتـُكِ-أختي الكريمة-ذكرتني بقصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان-شقيق الشاعرة الكبيرة فدوَى-وقد كانَ معلماً،يُربي النشءَ،عارَضَ بها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله المشهورة :

قمْ للمعلم وفهِ التبجيلاَ ** كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولاَ

فكانتْ قصيدة ًمن أروع القصائد القريبةِ إلى حِسِّ المعلمين والمربين،يُترجمونَ بها عن معاناتهم واحتراقهم..!!

فأستميحُكَ العذرَ-سيدتي-أن أثبتـَها هنا لِمَا في دلالاتِ ( التجربة الشعرية ) التي تكادُ تجعلها-وقصيدتـَكِ-في خندقٍ واحدٍ..!!

يقولُ براهيم طوقان طيبَ اللهُ ثرَاه :

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي ** (( قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا..!! ))
اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً ** مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا..!!
وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ ** (( كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا..!! ))
لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعة ** لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولاَ..!!
حَسْبُ الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً ** مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيـــلاَ..!!
مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ ** وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا..!!
وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى ** وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا..!!
لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً ** مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا..!!!
مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ ** أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا..!!
وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي ** مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا
وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى ** وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى..!!
فَأَرَى (حِمَاراً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه ** رفعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولاَ..!!
لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً ** وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا..!!!
يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ ** إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا..!!


أعاننا اللهُ-وإياكِ-أختي على حَمْل الأمانة وتبليغِها...

وبوركتِ على هذه القريحة الشعرية الوضيئة...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 20-04-2013 الساعة 12:22 AM
رد مع اقتباس