عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 13-08-2011, 09:31 PM
الصورة الرمزية هيثم العيسائي
هيثم العيسائي هيثم العيسائي غير متواجد حالياً
مدير تحرير مجلة السلطنة الأدبية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 4,461

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى هيثم العيسائي
افتراضي



الشخصية الثالثة عشر







كان في حسب من قومه شجاعا جريئاً، وكان لا يهاب هجاء أي كان من قومه أو من غيرهم. كانت أخته قد تزوجت عبد عمرو بن بشر، فاشتكت يوما لأخيها من زوجها فقال فيه:
ولا عيب فيه غير أن له غنى *** وان له كشحاً إذا قام اهضما
فبلغ ذلك عبد عمرو فكتب إلى عامله في البحرين يأمره بقتله، ففعل. وقد كان عمره وقتها عشرين سنة ولذلك لقب بابن العشرين.
ويقال بأن لبيداً مر يوماً بمجلس لنهد بالكوفة، وهو يتوكأ على عصا، فأرسلوا إليه فتى يسأله: من أشعر العرب؟ فقال: الملك الضّليل (امرؤ القيس)، قال: ثم من؟ فأجابه: ابن العشرين، قال: ثم من؟ فرد عليه: صاحب المحجن (يعني نفسه).
قوله:
ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا **** ويأتيك بالأخبار من لم تزود
من جيد شعره:
وأعلم علماً ليس بالظن أنــــــه *** إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
وان لسان المرء ، مالم تكن لـــه *** حصاة ، على عوراته لدليل
وان امرءاً لم يعف يوماً فكاهة *** لمن لم يرد سوءاً بها لجهول
هو ينتمي الى اكبر قبائل العرب وهي قبيلة بكر بن وائل. و لقبه غلب عليه. ولد في البحرين سنة 543 م، وقتل في عهد عمرو بن هند، ملك الحيرة سنة 569 م. فيكون قد عاش ستة وعشرين عاما فقط، ولهذا عرف باسم 'الغلام القتيل'.وينتمي لأسرة عرفت بكثرة شعرائها من جهة الأب والأم. وكان في صباه عاكفا على حياة اللهو، يعاقر الخمر وينفق ماله عليها. ولكن مكانه في قومه جعله جريئا على الهجاء. وقد مات أبوه وهو صغير فأبى أعمامه أن يقسموا ماله وظلموه.ولما اشتدّت عليه وطأة التمرد عاد إلى قبيلته وراح يرعى إبل أخيه إلا أنها سرقت منه. ولما قصد مالكاً ابن عمه نهره. فعاد مجدداً إلى الإغارة والغزو.
موته :
توجه إلى بلاط الحيرة حيث الملك عمرو بن هند، وكان معه خاله المتل(جرير بن عبد المسيح).بسبب أن هذين الشاعرين قد هجوا عمرو بن هند من قبل حتى أحنقاه عليهما ، ثم وفدوا عليه فتلقاهما لقاء حسنا مظهرا حسن النية ومبطنا الغدر
وكان شاعرنا في صباه معجباً بنفسه يتخلّج في مشيته. فمشى تلك المشية مرة بين يديّ الملك عمرو بن هند فنظر إليه نظرة كادت تبتلعه. وكان المتلمّس حاضراً ، فلما قاما قال له المتلمّس: 'يا... إني أخاف عليك من نظرته إليك'. فقال :لابعدها كتب عمرو بن هند لكل من شاعرنا والمتلمّس كتاباً إلى المكعبر عامله في البحرين وعمان وأوهمهما أنه كتب لهما بالجوائز والصِّلات، وإذ كانا في الطريق بأرض بالقرب من الحيرة، رأيا شيخاً دار بينهما وبينه حديث. ونبّه الشيخ المتلمّس إلى ما قد يكون في الرسالة. ولما لم يكن المتلمّس يعرف القراءة، فقد استدعى غلاماً من أهل الحيرة ليقرأ الرسالة له، فإذا فيها:باسمك اللهم.. من عمرو بن هند إلى المكعبر.. إذا أتاك كتابي هذا من المتلمّس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً'.

فألقى المتلمّس الصحيفة في النهر، ثم قال لشاعرنا أن يطّلع على مضمون الرسالة التي يحملها هو أيضاً فلم يفعل، بل سار حتى قدم عامل البحرين ودفع إليه بها.فلما وقف المكعبر على ما جاء في الرسالة أوعز إليه بالهرب لما كان بينه وبين الشاعر من نسب ، فأبى . فحبسه الوالي وكتب إلى عمرو بن هند قائلاً : 'ابعث إلى عملك من تريد فاني غير قاتله'.فبعث ملك الحيرة رجلاً من تغلب، وجيء به إليه فقال له: 'إني قاتلك لا محالة .. فاختر لنفسك ميتة تهواها'.فقال: 'إن كان ولا بدّ فاسقني الخمر وأفصدني'. ففعل به ذلك.
شعره :
شعره قليل لأنه لم يعش طويلاً. ولكنه حافل بذكر الأحداث، ويعكس أفكاره وخواطره بالحياة وبالموت، وتبرز فيه الدعوة لقطف ثمار اللذة الجسدية والمعنوية قبل فوات العمر.

وقد ترك لنا ديواناً من الشعر أشهر ما فيه 'المعلّقة'. وقد قال عنه ابن سلام أنه اشعر الناس بواحده , يقصد المعلقة.

ويحوي الديوان 657 بيتاً ، أما المعلقة فيبلغ عدد أبياتها (104) بيتاً وهي على البحر الطويل. ومن موضوعاتها:

1- الغزل - الوقوف على الأطلال ووصف خولة.
وصف الناقة.

3- يعرّف نفسه ثم يعاتب ابن عمه.

4- ذكر الموت، ووصيته لابنة أخيه أن تندبه.

مختارات من معلقته تدور حول عدة مواضيع :
نسيب :

لخولة أطلال ببرقـة ثهمــدِ

تلوح كبـاقي الوشم في ظاهر اليدِ

وقوفـاً بها صحبي عليّ مطيَّهم

يقولون لا تهلـك أسـىً وتجـلَّدِ
الإعتداد بالنفس :

إذا القوم قالوا : من فتى؟ خلتُ أنني

عُنيت فلم اكسل ولـم اتـبـلَّدِ

ولستُ بحلاّلِ التـلاعِ مـخـافةً

ولكن متى يسترفدِ القـومُ أرفِـدِ


خواطر وآراء :

ألا أيهـذا اللائمي أحضر الوغـى

وأنْ أشهدَ اللذاتِ، هل انت مُخْلِدي؟

فإن كنتَ لا تسطيعُ دفعَ مـنيـّتي

فدعني أبادِرْهـا بـمـا ملكَتْ يدي

ولولا ثلاثٍ هنَّ من لـذّةِ الفتـى

وجدِّكَ لـم أحفلْ متـى قام عُوَّدي

فمنهنَّ سبقي العاذلاتِ بشـربـةٍ

كُمَيْتٍ مـتى ما تُعْـلَ بالـماءِ تُزْبِدِ

حكم :

وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً

على المرءِ مـن وَقْعِ الحسامِ المهنَّدِ

ستبدي لكَ الايامُ ما كنتَ جاهلاً

ويأتيكَ بـالأخبـارِ مـن لم تُزَوِّدِ

بين فكّي التاريخ :

هوالشاعر الجاهلي المبدع عانى من ظلم الأقرباء وهو أشنع ضروب الاستبداد لأنه يأتي من الأيدي التي نحبها والتي نظنّ أننا نأمن شرّها. ولم تمهله المؤامرات التي حيكت ضده كثيرا فمات في ربيع عمره عن 0(26) عاما، حيث قتل بوحشية لا لذنب اقترفه سوى إبداعه وإن كان بالهجاء.سقط الشاعر ضحية لخلاف شخصي مع الملك. وإذا صحّت الرواية حول موته وأنه حمل الكتاب الذي يحوي أمراً بقتله، فإنّ هذا يدلّ على مدى عزّة النفس والثقة التي كان يتمتّع بها، وإن كانت في آخر الأمر، سبب مقتله.

بمقتل في ربيع عمره وفي بداية عطائه حرم عشاق الأدب العربي والباحثين في علوم الصحراء والبداوة وتاريخ العرب من مصدر خصب كان يمكن أن يزوّدهم بالمعلومات التي يحتاجونها، وحرموا من عطاء خيال مبدع.وتبقى معلّقة الشاعر شاهدا على مجد صاحبها وعلى الظلم والنهاية المؤلمة للشاعر.
المعلقة كاملة :

لـــخــولــة أطــلال بـبـرقـــة ثـهــمـــد

تلوح كباقـي الوشــم في ظـــاهر اليـــد

وقــوفــاً بهــا صحبــي علـى مطيـهـــم

يـقـــولـــون لا تـهــلك أســـى وتجـلـــد
__________________
[IMG][/IMG]