الموضوع: ذاكرة معطوبة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-12-2009, 09:50 PM
الصورة الرمزية عُلا الشكيلي
عُلا الشكيلي عُلا الشكيلي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 52
افتراضي ذاكرة معطوبة

،
،
،
هل جربتم يوما ان تستيقظوا وأنتم مغمضو الجفن؟!
روحكم تحوم في المكان ، تلتقط الأصوات حولها ، وضوءها مكمما لا يزال يغط في سباته الطويل !

عجيب أن لا يطيل السكون سوى السكون ، بينما الجنون يمحي الوقت بين الامكنة ! ولا دقائق ننتظر أن تمر ، فهي تركض بنا بلاتوقف ، ولا تكف عن العبث بكل شيء فينا !

الزمن يمضي بنا بلا توقف ، حتى لا نكاد ندرك له ذكرى أو تحنيطا للحظاته التي مررنا فوق جثتها ! فلا نعود نذكر من أطيافه سوى وجوه مرت ذات ومضة ، من حيثُ نحن !

ألتقي بإحداهن ، في مكان مزدحم بالمرض ، فتظل تحدق في ملامحي ، أفكر أنا فيمن تكون تلك المصوبة ورود الفضول الجميل نحوي ؟!
أنكس نظراتي للأسفل ، وأرحل عبر خلايا ذاكرتي ، علي أتذكر من تكون ؟
ولا ذكرى تطل بحنينها لأهرب بها من خيبات النسيان المتلاحقة ، دائما ما أنسى الأسماء ، بالرغم من تذكري للوجوه!!
أوف ، كم اكره تلك الآفة فيني .
لابد أنها الآن ترميني بــ"المكتبرة " كعادة أغلب الأشخاص ، حي يحسنون الظن بذاكرتك ويسيئون الظنون بك!

إقتربت مني .. إبتسمتُ في وجهها ، وأنا لازلتُ أفتشُ في ذاكرتي عنها !
ولا أجد سوى ملامح مشوهه لها !
أسمعها تقول :"كيفك عُلا ؟ "
فتتسع إبتسامتي وأرد :"الحمدلله عزيزتي ، كيفك أنتِ"؟
فتجيب :"بخير. وتصمت.
ويصمت جنوني بداخلي ! وأركن إلى ثرثرة هادئة أخاطب بها ذاكرتي المعطوبة .
ترى من تكون هذه ؟!
أين إلتقينا ؟!



أبدأ برسم خيالات عدة ، في فضائي الذي لا يراه سواي ، وأفترض أننا إلتقينا ذات فرح ! وافكر طويلا ، ثم أغرق في تفاصيل وتفصيل المشهد ، لأحفظه عن ظهر ذكرى ! كي لا تُباغتني بسؤال عن يوم اللقاء المزعوم !
وأظل أحفر في ذاكرتي ، وأعبئ فراغات الحكاية بمشاهد اخلقها بنفسي وأنفخ فيها الروح ليبدو جنونها حقيقي النزق !

أذكرني جيدا ، كنتُ لا أكف عن الثرثرة في كل لقاء يجمعني ذات صدفة بأي يباس للمعرفة على رصيف ذاكرتي ، لأنثر عليه رذاذ فضولي ، وأجعله يورق رغما عنه .
ثم ما ألبث أن أضعه في ركن قصي بالذاكرة ، فلا أعود أتذكر شيئا !!
وكأنني أعبء بنهم المعرفة أوقاتي المثقوبة بالفراغات الكثيرة !

أثرثر ، وأسكب ثرثرتي من حولي ،مطرا يسمع وقع قطراته العابرون من ذات الزاوية .
تقابلتُ يوما مع إحداهن ، وكعادتي ، وضعتُ صورة لي على رف ذاكرتها ، ومضيت .
وبعد شهور عدة ، إلتقيتُ بها بصحبة صديقة أخرى ، وقبل أن تُهم صديقتي بتعريفي على قريبتها ، \كنتُ والأخرى قد إستقبلنا أحضان بعض ، وأمطرنا القبلات على الخدود، أذكر يومها أنني ضحكتُ على صديقتي الأولى كثيرا ، وهي تقول لي :"يالجنية ، حد ما تعرفيه "؟!
لترد عليها الأخرى :"ولو وهل يخفى القمر "؟!
وأمام روعة الروح الأخرى ، تتساقط نظراتي لتعانق الأرض على إستحياء .

الآن أنا أفتش عن ذات الروح ، التي شاكست كثيرا في السابق ، فأجدها مركونة بزاوية صمت ! أحاول مُجهدة أن أستحث جنونها ، ولكنه يبقى صامتا يثرثر بداخله فقط ، ولا يجروء على البوح !!

أقف قبالة تلك الفتاة ، وهي تحاورني وتسألني عن أحوالي ، وأنا أُثرثر عني بصمت ! ولا يجد الصمت ما يثرثر به عنها ، واظل حائرة ، أسأل ذاكرتي عنها :"من تكون هذه"؟!
أين إلتقينا ؟!
وكم أكره حين أكتشف أن بذاكرتي ثقوب عدة ، سربت الكثير من الوجوه عن طريقها !

يناديني الدكتور ، فأتركها بصحبة الفضول و أمضي بصمت يثرثر في المكان بلا توقف !
ترى من تكون تلك الفتاة ؟ أين إلتقينا ؟!
،
،
،
رد مع اقتباس