عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-05-2010, 12:09 PM
عبدالله الزعابي عبدالله الزعابي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: في قلب الرنين
المشاركات: 435
افتراضي ( .. فلـسفـة فـي اللـيل المخلـوق .. )


مفترق آخر من الطرق في شارع الحياة ..
ليتني أستطيع ان أصف نفسي على حقها في واحد من مسارات هذه الطرق ،
أو أصفها على هوى من يستطيع أن يزخرف الهوى بعيداً عن الكذبة الكبرى
فأنقلها بصفاتها كيفما كانت بحلوها أو مرها ...

أنقلها نقـلاً وافياً في رسالة بيدي
وفي راحة كفيّ أموج بكلماتي هذه في سنا ليلة من ليالي القمر ..
أتنفس وإياها كل ساعة رائحة القدر الجميل حتى مطلع الفجـر ..!

آآآه ما كان لي ولها في البـلاء الجميل ..؟
إن عهدي بهذه النفس مصممة حكيمة .. إذا تناولت رسمة عرفت
من أين تمسك بالقلم لتخط على الورق ملامح وجـه تلك الصورة ..
وأدركت متى وكيف تمسك بفرشاتها لتمتص بريشها أجمل ألوان الطيف
لتنهي رسمتها بإبتسامة تخفـي وراءهـا ألـوان الدموع ...؟

في كل يوم كنت أخاطب فيها ذلك العقل النافـذ الحكيم ...
وفي كل يوم يطلع في حياتنا فجر وتبزغ من وراءه شمس
يسبقها قوس من الألوان المصفوفة في بعـد السماء ... !!

إنني أدرك أنها تدرك أن الإنسان يُبتلى ثم يُبتلى ليعرف
أن كل ما فيه إن هو إلا وديعة الغيـب فيه ...
فما شاء الله نفع وإن كان سبباً من الضر ،
وماشاء الله ضــر وإن لم يكن إلا نفعـاً ..
وإني وإياها لندرك أن الأسباب كالعمر
لا يملك الإنسان استمراره لحظة واحدة .. وقد يستمر على ذلك ما يستمر.

إن وصفـك يا سيدتـي لهـمٌ جديد تولد الآن في نفسي ...
وأصبحـت أراك غيـر التي كنتِ .. والكتابة فيـك وعنـك ولـك ..
أكـاد أحسهـا كلغـات عـدة لا بـد لي وأن أعـرف كيـف أنطـق حروفها لأقـرأهــا ..
وحتى ألقيها على مسمعـك كان لابـد لي أن أفهمـها لغـة واصطـلاحـاً
لكي تسمو بمعانيها في نفسك ... فيتحسسهـا شـعورك ...وتتوق إليهـا نفـسـك .

ليس من السهل يا سيدتي أن تقرأين ما أكتبه لك عندما
أخط حروف كلماتي بحبـر الصمت أو بزفرة من أوجاع الزمن ..؟
وليس من السهل عليّ أن أجمع في صحيفة كتابي لونين مختلفين
واحد من الحب وآخر من الخيال ..
وإن صار ذاك واجتمعا فلابد أن يكون الإثنان من الحب بعيـديـن عن نسج الخيال ...

عندها أشعـر أن الهـوى وقلبي يتفقان على أن أجعل من ريقكما حبراً لقلمي
ينسـج وشيـه وزخرفـه في صفحـة أجمـع فيها مابيـن الإبتسـامـة ومـاء دمـوعـي ...
فنكـون سـويـاً سحابـة تعـانـق أفـق السماء ..
تمطـر غيثـهـا نـفــات تنحـدر من كبــد السحــاب لتلتصـق بحبـات الرمـل
على شواطـئ البحـر .. أو تتـوغـل بقطــراتهـا في بطـنِ الطيـن على امـتداد الصحــراء .

فتنـة خلقتـي أيتها المرأة ...
كلما نظرة إليك نظـرة فاتـرة .. كأنما تقولين هـلُـمَّ إليّ بقلبـك ..؟
وإن إعتصمـتِ وتمنعـتِ وملـتِ بوجهـكِ عني سعـيـتُ أنا إليـك ...؟

ما أروعـك وما أجمـل نهـارك الدافـئ ... وما أرق نسيـم ليلـك أيتها المرأة ..!!
تكادين أن تكوني حوريـة خرجت من الجنـة وأكادني أفقـد صـوابي فيـكِ.

الجمال له ميزان يا سيدتي ..
وميزانُ جمالكِ أنتِ يكمن في دمّـك ..؟
فكأن تكوينـك قـد تـم بإذن الله بعـد أن نفخ من روحـه فيـك ...
وأرسـل مع المـلائكـة قطـرة معطـرة من آياتـه فتحقنهـا في عـروقـك ..
فتنفحـيـن بهـا على القلـوب برائحة الجنة ... !!

رشيقـة جـذابة أنت يا سيدتي ... وعاقلة وحكيمة فطنـة ...
يأخذني سحـر عطـرك كلمـا نفـذ عبيره قلعـة قلبيّ المحصـن ...
فيزعزع السكون في نفسي ..
وأصبح بينك كالطفل الوديع في عينيـه إبتسـامة ...
وفي داخله قلب كبير يضطـرب .. لا يزال قلقـاً نافـراً يتملمـل أمام أنـوثتـك التي
لها من الأسلوب خواصه ..!!

أعذريني سيدتي ... فإني قرأتُ في وجهـكِ الشوق والحب معاً ..
يرتعشان من الخوف ..
ورأيت في عينيـك سـرباً من الطيـورِ تهـاجـر
وتجـرّ وراءهـا زمـناً من الحـزن الدفــين.
وحروف وكلمات يسطـره ذلك السـرب في الفضـاء ...
وكأنها إئتـلاف نهـايـة لقصـة مركبـة بلغـة الطيـور
تـود أن تدفـن أوجاعهـا في ثنـايـا القـدر .

إنها واحدة من طعنات الزمن في جـوف كتاب سطرته لنا فلسفـة الحياة ..

حتى نبقى ويبقى لنا في الحياة رنين .

--------

انتهى في آذار / مارس - 2001م


الطير المسافر

.
.
__________________
-----------------------------------------------

هل إنحازت اللغة للرجل ..؟
وهل تم تذكير اللغة تذكيراً نهائياً ..؟
أم أن هناكَ مجالاً للتأنيث ..؟


-----
عبدالله الغَـذَّامي
كتاب المرأة واللغة

---------------------
(الـطــــــــالطيرالمســــافــرالطيرـــيـــــــــــر)

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الزعابي ; 10-05-2010 الساعة 01:05 PM