عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-07-2013, 12:00 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية الَتوْأمَ الجزء الخامس



الَتوْأمَ

الجزء الخامس

نار الحب


إستنفر حسن الأهل و الأصدقاء و الأصحاب
و أخذوا يبحثون, وينادون
حسينا, لكنهم لم يحظوا برد,ولم يروا له أثر
وأخيرا وبعد طول بحث وعناء عثر عليه أحد الخدم في المغارة النائية
كان حسين في تلك اللحظة غارقا
في محيط من الهم الثقيل الجاثم على صدره
وحين سمع وقع الأقدام إنتبه من غفلته وتدارك امره
فكفكف دموعه , وأصلح هيئته, وإنتظر القادم
فإذا بخادمه الوفي مسرور, فسُر حُسين بوجوده.
وحين سأله الخادم عما به
أجابه : بإنه نام ولم يشعر بمضي الوقت ثم عادا إلى القصر
وعندما سألته أمه, وأجابها لم تقتنع بما سمعت من جواب
وكذلك أخوه حسن
نفذت كلماتهما وأسئلتهما, ولم يتلقَّيا منه سوى تلك الإجابة المبهمة
حاول حسين أن ينام على فراشه الوثير
وأن ينسى ما جرى عليه في هذا اليوم العصيب ومع أنه جائع
مرهقة, حزين كئيب, إلا أنَّ النوم جفا مهجعه
فالحب قد أقضّ مضجعه
فإنه إذا أغمض عينيه زاره طيفها
وإذا فتحهما خالها أمامه تتثنى في مشيتها
وإن إضطجع على شقه الأيمن تذكر إبتسامتها
وإن إنقلب على شقه الأيسر تغلغل شذى عبيرها في أعماق روحه
إنه الغرام ... قد سرى في عروقك
إنه الحُب قد إمتزج بدمّك
هكذا كانت تحدثه نفسه
رد عليها : لا... لا... إنها زوج أخي الحبيب حسن
فليس لي حق في النظر إليها
نازعته نفسه مُجددا : إذن فهو الهلاك فهو التلف
رد عليها : هما والله أحب إليّ مما تدعوني إليه
علِم الأهل بمرض حُسين. فقدموا لزيارته والإطمئنان عليه
وطبعا كانت شمس النهار أول الزوار
وهي لا تعلم أن عيونها المرضى قد أمرضت حُسينا
وأن جمالها قد فتك به
وحين سمع صوتها وهي لم تصعد إليه بعد
كاد يتلف حبا, ويموت كمدا, فأنتابته
قشعريرة العشاق, وأخذ يهذي بأبيات
سمعها صديق كان إلى جانبه :
مَرضِى منْ مريضة ِ الأجفانِ علِّلاني بذِكْرِهَا عَلِّلاَني
بِأبي طَفْلَة ٌ لَعُوبٌ تَهَادَى من بناتِ الخدورِ بين الغَواني
فَتِ الوُرقُ بالرّياضِ وناحَتْ شجوُ هذا الحمامِ مما شجاني
طلعتْ في الخيامِ شمساً، فلمَّا أفلتْ أشرقتْ بأفقِ جناني
إلى أن قال :
أيها المُنكِحُ الثريّا سُهيلاً عَمرَكَ الله كيْفَ يَلْتقِيَان
هيَ شاميَّة ُ، إذا ما استقلتْ وسُهَيْلٌ، إذا استهَلّ يَمَانِي
وهي قصيدة لمحيي الدين إبن عربي
وعندما دخلت عليه شمس النهار لم يستطع النظر إليها
بل كان يشيح عنها بوجهه يمنة ويسرة
وبعد نصرافها مع زوجها إختلى به صديق عمره
فبادره الصديق متسائلا :
مالك يا حسين قد تغير لونك؟
ونحل جسمك ؟
ورثت ثيابك ؟
ونتنت رائحتك ؟
وشعث شعرك ؟
وزاد همُك ؟
أخبرني أي حُسين... ما خطبك ؟
فإنك إن كتمت الأمر في نفسك أهلكتها
وإن أخرجت ما في صدرك أحييتها
أنكر حُسين وقال : لا اشكو بأسا أنا بخير
ثم لاذ بصمت رهيب
قال الصديق : لا أخالُك إلا مغرم صبابة يا صديقي
قال حسين : لست بمغرم صبابة ... إنه مرض ما قد أصابني
قال الصديق : نعم إنه مرض
أصابتك به مريضة أجفان اليس كذلك؟
لاذ حسين بالصمت
حاصره صديقه بأسئلته المُتلاحِقة : إذن فمن هي يا حسين ؟
من هذه التي رفضتك ؟
وأنت أكبر تاجر في البلد؟
من هذه التي لا تعجبها وسامتك ؟
ولا يرضيها حُسن خُلقك ؟
ولا رجاحة عقلك ؟
ولا شبابك الندي الريّان؟
لا أراك الا تعشق إبنة القاضي اليس كذلك؟
ضحك حسين وقال : لا أيها المجنون
إنها ليست إبنة القاضي
قال صديقه : إذن فأنت عاشق, الست كذلك ؟
بكى حسين كثيرا, وحين فاق من بكائه قال في حزن ومرارة :
نعم ... لقد ُبليت بنظرة, وأصابني سهم قاتل
من عينين سود. كأنهما عيني مها
قال صديقه : ما في الحب من عيب يا حُسين
قال حسين : ولكن حبي أنا معيب يا صديقي
قال الصديق : ولم؟
ألا تُحب إنسية ؟
قال حسين : إنها إنسية, لو رأتها الشمس
ما طلعت يوما على أحد, ثم سكت
قال الصديق : إحِترت معك يا حسين فبالله أخبرني من هي؟
قال حُسين : إنَ هذا هو سبب شقائي, ثم أغمي عليه

يتبع إن شاء الله

رد مع اقتباس