عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-11-2015, 07:47 PM
الصورة الرمزية شاعرة الليل
شاعرة الليل شاعرة الليل غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: برستَيج عيآل قابوَس
المشاركات: 1,526

اوسمتي

Exclamation المهرجان الطلابي مهازله ومفاسده

لا زلت أتذكر جيدا المهرجان الطلابي الخامس عشر ببعض تفاصيله ومهازله ومفاسده . ولا زلت لم أستطع التوصل إلى جدوى المهرجانات التي كانت تقام بتهريجها وإنفاقاتها الكبيرة واستقطابها جهودا من المسؤولين والمعلمين والمشرفين وغيرهم . كنت يومها في بداية المرحلة الاعدادية ، وكنا نحشر مع المحشورين من الطلبة رغبنا أم لم نرغب لأجل المشاركة ، وربما التهديد والإغراء بالدرجات كان عاملا قويا يومها . كانت التدريبات تبدأ قبل العرض بأشهر عديدة ، حيث كان التدريب على الحركات الأولية يبدأ في المدارس نفسها . بعض زملائنا يأخذون حصصهم ودروسهم ومن قيد اسمه في المشاركين يخضع للتدريبات في ساحة الطابور ، والدراسة لا تهم ما دام هؤلاء الطلبة سيكونون تمثال الولاء الذي سيقدم يوم (العرض الأكبر) . لا أريد أن أتذكر المعاناة في الحافلات التي كانت أحيانا تأخذنا قبل العصر وتعيدنا بعد العشاء بلا صلوات ولا غذاء إلا من وجبة واحدة (تفاحة-فطيرة جبن-سنتوب) . لا أريد أن أتذكر السباب والشتم والركل بالأحذية على المؤخرات والصفع على الأوجه الذي كنا نتعرض له إن أخطأنا في الحركات . لا أريد أن أتذكر تسلط وتنمر الطلبة الأكبر سنا على من هم أصغر منهم ومحاولات ممارسة اللواط بينهم بالقوة . لا أريد أن أتذكر التحرش بالطالبات والتغزل بهن في الأوقات التي تختلط فيها المجموعات أو تجلس للاستراحة على أرضية الملعب في وقت تدريب المجموعات الأخرى . كل ذلك لا يعد شيئا أمام القادم

في يوم العرض كانت بنات الناس في أبهى الحلل بأثداء متكعبة وناهدة وخواصر كالقلم الأهيف وسراويل نصفها ظاهر وتسريحات للبعض وأصباغ متنوعة في الوجوه تزيد البدر نورا وضياء .
كان العرض متقنا جدا في ذلك العام وقلوبنا متوترة من احتمال وقوعنا في أخطاء تفسد العرض فنتعرض بعدها لوابل من الكلمات القاسية من مدير العرض وضرب من معلمينا . انتهى العرض بسلام ، وغادر السلطان منصته ثم من يأتي في المقام الثاني وكذا غادر الوزراء . كنت صغيرا لم أصل سن البلوغ بعد ولا أفقه في العلاقات بين الذكور والإناث شيئا وكثير مثلي يومها . جلسنا على أرضية الملعب نستريح بعد العرض انتظارا للسماح لنا بالخروج إلى حافلاتنا ثم إلى بيوتنا التي وصلناها قبل منتصف الليل بقليل . كانت أعداد البشر في أرض المهرجان والمجمع كبيرة لدرجة أن الواحد يخاف أن يفقد مجموعته . كان في ساحة العرض بعض نماذج من الحصون موزعة هنا وهناك وحمام زاجل أبيض كثير جدا استخدم لتحية السلطان في ختام العرض بإطلاقه في الأجواء . تحرك الطلبة للامساك بالحمام وكذا الطالبات فكأن المشهد عادي بريء ، لكن فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان ، وزاد الأمر تأثيرا صوت مدير العرض الذي كان يصرخ في المدربين والمعلمين قائلا : أخرجوا البنات أخرجوا البنات . صدقوني يومها لم أكن أدرك ما يحدث وعندما كبرت بدأت أفهم ما حدث . لا أستطيع أن أنسى تلك المشاهد رغم مرور أكثر من 25 سنة على ذلك الأمر . لقد انقض الطلاب الكبار على البنات بأيد لم تترك موضعا في أجساد عدد ليس بقليل من البنات إلا وتحسسته . البنات تصرخ وتركض يمينا وشمالا هربا من رائحة الذكور المسعورين ولسان حال كثير منهن يردد أبيات المرأة السقطرية التي استغاثت بالإمام الصلت بن مالك :
يا للرجال أغيثوا كل مسلمة * ولو حبوتم على الأذقان والركب .

وقالت : وقد تلقف منها موضع اللبب .

نعم ، لقد وجدت أيدي الشباب الفرصة سانحة بسبب الفوضى العارمة لتتحسس أثداء الطالبات . لن أخبركم ماذا حدث داخل الحصون الخشبية المستديرة مع الطالبات اللواتي كان يسحبهن مجموعة من الطلاب إلى داخلها . لا أظن أن طالبة قد أخبرت أهلها بما حدث معها في ذلك اليوم إلا قليلا .سمعت عن إحدى جاراتنا أن ابنتها قد تعرضت للتحرش وكانت أيدي الطلاب لا تنفك تفترس صدرها . هذه بعض الصور التي ظلت عالقة في الذاكرة لا تختفي رغم مرور ربع قرن . أكتب هذه السطور وأنا لم أستطيع أن أفهم بعد ما الذي أفادته المهرجانات لعمان ؟ وكم كانت أرقام الإنفاق في كل المهرجانات ؟ وما الذي كان بالإمكان فعله بتلك الأموال ؟ وهل أعراض الناس رخيصة لهذا الحد حتى تجعل عرضة للهتك بسبب دوافع غريبة لا زلت لا أفهمها ؟
ما أريد قوله اليوم أن علينا أن نعي أن عمان ليست للعبث وأن قرشنا الأبيض ينفعنا ليوم أسود وأن الثروات أمانة قد يسحبها المعطي سبحانه في أية لحظة وأن الولاء للوطن يكون بالبناء والإنتاج ومنافسة الدول في مجالات العلم المختلفة وليس بشكليات فارغة الهدف والمضمون وليس الولاء بتعريض أعراض الناس لمثل هذه المهازل .
أيها الناس ، احفظوا أعراضكم
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض في المال

أحتال للمال إن أودى فأجمعه
ولست للعرض إن أودى بمحتال

يا أهل عمان ، الولاء ليس بقطعة قماش أو ألوان أو مسيرات خرقاء في الشوارع . الولاء يكون بشكر النعم أولا وحفظ الأعراض والأخلاق والقيم ثانيا وبالبناء ثالثا .

ملحوظة : لا شك أن كاميرات المجمع قد صورت كل ما حدث في ذلك المهرجان.
__________________
عِنْدَماَ يَستَوطنُ الابدآعْ .!
نُدركَ أنَ هُنَاكَ أعْضَاءُ مُتَميزونْ

مصْدراً للتَميزْ و الابدآعْ

التعديل الأخير تم بواسطة شاعرة الليل ; 24-11-2015 الساعة 08:40 PM
رد مع اقتباس