عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 29-12-2014, 03:22 AM
الصورة الرمزية خليل عفيفي
خليل عفيفي خليل عفيفي غير متواجد حالياً
مستشار وعضو مجلس الاداره
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: في الجزيرة العربية مع شعراء النبط
المشاركات: 5,183

اوسمتي

افتراضي



طائري الجميل ، يذهب بعيدا ، في رحلة خاصة ، مع أسراب عائلته ، ولن يغيب كثيرا..
لقد وعدني أنه سيحضر ريم الفلا ، رغما عن أنف تلك المجنونة ، التي تشتعل نار الحقد والغيرة
في قلبها ..

رسالة عبر الحمام الزاجل ، بيد الطائر الجميل قبل أن يغادرني .


رحلة مع عالم الجن الحقيقي

رسالتي لها :

على ذلك الشاطئ لنا أناس وأميرات ، كنّ يترقبن ، سفينة العائدين ، وفي قلوبهن كل الود ، وبين
ضلوعهن خزائن مملوءة بالتقدير ..

ساعات الانتظار غربة بحد ذاتها ، تحاصرنا الويلات ، وتمطر علينا سحب الشوق بأمطارها السوداء ،
فلا نملك إلا أن نستثمرها ، وإن غابت فلا نملك إلا أن نستمطرها ؛ لتعود على قلوبنا بكل خير ..

ثم لا نلبث أن نغادر ذلك الشاطئ ؛ لننسى ذلك العذاب ، الذي عانينا منه طويلا ، وعندما نلامس تراب
هذا المكان ، فإن ورودا من عهود الوفاء ننثرها لكل القلوب ..

كنا ولا زلنا بشرا .. لنا في روعة الوجود قصة ، صدر واسع كبير ، نحتضن كل الوفاء ، وفي قلوبنا
ذلك الانتماء لوطن أحببناه ، وبايعناه ، فعدنا إليه بكل محبتنا وتقديرنا وانتمائنا ، وطن بحجم تلك
القلوب الكبيرة .

جذوره في أعماق الأرض ، وفروعه تعانق السماء ، ذلك هو العهد أن نبقى معا ، كما كنا ..

ويأتي الرد تباعا ..

ولدي مخاوي البيداء.. يا قرة عين أمك ..

حينما تتحكم بنا نبضات القلب ، تتوقف إشارات الدماغ ، وتصبح خلاياه باحثة عن العمل ، تسود
البطالة بين مكوناته ، يضمر الدماغ ، يتلاشى ، حينها يصاب الإنسان بالجنون ..

"سنوات الضياع" ، "آه يا زمن" ، "العمر القصير" ، "الدنيا ممر ، وطريق إلى القبر " ، كل تلك
الكلمات ، تحمل بين طياتها ذات المعنى ..
استخرت لك يا ولدي في رحلتك الطويلة ، فكانت الإيماءات ، والرؤى تهب على روحي بأريج عذب ،
بأحلام جميلة ، لكن البشر ينظرون إليك كمخلوق غريب ، أتى من الفضاء ، غير مرحب به.

فتاة في مقتبل العمر - وفي عمر الزهور - ، ينتظرها شابٌ شابَ ، حتى أصبح كهلا ..

كانت الدروب مقفلة أمامه ، تعلق بأحلامه الوردية ، قرأ قصص العاشقين :

مجنون ليلى ، وجميل بثينة ، وكثير عزة ، وعروة عفراء ، ولم ير في قصص عشقهم ، ما يوازي
مثقال ذرة مما يحوي قلبه من عشق لها ..

كان إحساسه يا ولدي ، حينما ترسل أشعة الشمس خيوطها ، ترسل عطرا نادرا ، وأما قطرات الطل ،
فوق الرياحين ، التي تسيل على خديه ، تذكره بعرق محبوبته ، وأنفاسها الخزامى تعطر لحظاته
بأنفاسها ..
آه يا ولدي : لم أر عذابا كعذابهما ، وإن كان اللقاء فردوسا لهما حينما يلتقيان .

لم ير في الدنيا بديلا عنها ، حرم على نفسه أي امرأة غيرها ..

عشق العروبة ، وكان دائما يتغنى بأمجادها ، يقدس ثراها الطاهر الذي تشرف بخطوات سيد البشر
– محمد بن عبد الله ، والتابعين ، والمرسلين ، وصحابة رسل الله ، وأنبيائه ، كان يعشق بداوتها ،
يسجد لله شاكرا لنعمة العروبة التي تعبق بأجمل روائح ورود الكون ..

لقد توحد بها ، وأصيب بمرض لا شفاء له ، إلا رحمة من الله .

كانت تبادله ذات الشعور ، لكنها ، لم تنبس ببنت شفة ، عما تكنه له من حب ،أسرّت ذلك لحين اللقاء
الأبدي ، لكنه عرف ذلك الحب مما رأى من روائح الورد ، وعبق الريحان ، وعرق قطرات الطل
والندى .
وتبدأ الحكايات منذ الطفولة معه ..




وذات يوم ، دعي عند قريب عزيز لديه ، ليتناول كأسا من الشاي ، وحينما فرغ من تناوله ، بدأ يشعر
بالغثيان ، و يكأنه قد شرب ماء البحر الميت !! ..
يذهب بسبات عميق ، وماذا يفعل بالاختبار النهائي؟!
يتفقده الأهل ، كأنه قتيل ، ويأتي أحد أفراد الحي ، على صوت الخائفين مما جرى يتم كسر قفل الباب ،
ليروه وكأنه قد ثمل ، وملامح وجهه تبدو عليها الغرابة .

كانت قصة حقيقية والله ، تعايشتها يا ولدي ...

أحس ذلك الشاب أن هذا نتيجة لما مر به في طفولته ، حينما كان في القرية يسير ذات ليلة شديدة
البرودة ، قادما من عرس ، وقرب بناء قديم جدا ، يشعر بصفعة من أحدهم على خده ، والغريب في
الأمر ، أن المكان خال من البشر تماما ، فمن أين جاء ؟
وما سبب تلك الصفعة الحاقدة ؟!
لقد أحدثت تلك الصفعة خرقا في وجهه ،، يتلمس الجرح ،، وإذا به جرح قد شق وجهه ، يجري
مسرعا ، فيخبر أمه بالحدث ، لتقول : "بسم الله عليك يمه"
ويعود كل شيء كما كان ..
كان شقيا في صغره ، - هكذا تخبرني والدته رحمها الله- وفي ذات يوم يسقط في كهف صغير ،
فيحدث نفس الشق في وجهه ، يتلمسه ، وإذا بالجرح قد وصل إلى أعماق فمه ..
شرخ كبير في الوجه ، وما يلبث أن يصل إلى البيت فيخبر أمه ، فتمسح على وجهه ليبرأ.. لا إله إلا الله


أقسم الشاب أن ذلك قد حصل معه فعلا ...
وتستمر الحكاية ، وحينما كان في إحدى البلدان العربية ، أصبحت الأحلام ترافقه ، وفي كل حلم ،
تسقـــــط أمامه طائرة ، فيعيش الحزن دائما ، ولا يرى حلا ، ولا تفسيرا لحلمه ...
ضاق صدره مما رأى، وضاقت الدنيا أمام ناظريه ... وتقاطعه المرأة ..

يا ولدي ، تذكرت قصة عاشق ، معذب كمن تحدثني عنه ، لقد وعدتني أن لا تتحدث عن غيرك ..

لكنني لن أعتبر ذلك خرقا لاتفاقنا .. لا عليك يا ولدي ..

لقد أحبها الشاب كثيرا ، ها هي سنوات العمر تمضي ، وقطار العمر يجري بأقصى سرعة له ، ولا
يتوقف عند محطة .. لقد أصبح كهلا .
إنها لا زالت في عمر الزهور ، والفارق الزمني بينهما كبير .
ويشيب ذلك الرجل ، حتى يصبح خائر القوى ، ولم يصل إليها ، لقد أقر في نفسه ، أنه لم يعد ذلك
الشاب الوسيم ، وأصبحت ويلات القهر ترسم التعاريج ، والمنحنيات
على ملامح محياه الحزين ..
يتخذ بيتا من بيوت الله مكانا يتهجد فيه ، ليتفرغ حينها للعبادة فقط ، والزهد في الحياة الدنيا ، ولا يجد
من يتحدث عنه ، إلا صرخات تخرج من أعماق القبر ..
ويكون الرد لها :
إن هذه القصة التي سردتها علي أدمت القلب ، ولكنني أشعر بقطار العمر يتوقف قرب محطة انتظاري
، ولذلك لن يستولي علي اليأس ..

نعم يا ولدي ..

يبقى الأمل بيد البارئ - عز وجل- ، وهو القادر على كل شيء ، حقا ..

لا تدع هذه القصة تثبط فيك العزيمة ، فتوكل على الله ، وقل حسبي الله ونعم الوكيل.

تعالي لنرى حالة ذلك الرجل الحزين .. ها هو يسرد القصة :




__________________
آنا ابدوي والغرب مني يلتمس**علم وحضاره ومعرفه ونعم النسب
مخاوى البيدا

عذرا إن لم أتـــــــــــابع المنقــــــــــــــول

مدونتي : عروس البحر في قصر التخاطر

التعديل الأخير تم بواسطة خليل عفيفي ; 31-12-2014 الساعة 10:51 PM
رد مع اقتباس