عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 24-12-2014, 03:42 PM
الصورة الرمزية خليل عفيفي
خليل عفيفي خليل عفيفي غير متواجد حالياً
مستشار وعضو مجلس الاداره
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: في الجزيرة العربية مع شعراء النبط
المشاركات: 5,183

اوسمتي

افتراضي


المراجع رقم (5 ) مخاوي البيدا

ويحين اللقاء ، ها هو حارس الكهف ينظر إلي ، وبإيماءة منه ، أن انتظر قليلا ..
كان يوما طويلا هذا اليوم ، لم أتناول طيلة اليوم إلا قطعة من الخبز المحلى ، وأنا أتخيل أنني أغمســـها
بذلك اللبن ، الذي كان على يدي أمي الطاهرتين ، حينما كانت تخلـــــط اللبــــــــــن داخل "كيس اللبن "

مشهد كنا نتسابق إليه ، أنا وشقيقي الأصغر، حينما كنا صغارا، فأحدنا يمســــك يدها اليمنى ، والآخر
يمسك الأخرى .. والله إن له طعما آخر ..

كنت أمارس الدهاء ببراءة ، فعندما نختلف على برتقالة ، فيقول لي :
أنا ستكون لي البرتقالة الكبرى ،، ولك الصغرى ..
فأقول له : اسمعني يا أخي ، من الأكبر؟ أنا أم أنت ؟
فيقول أنت .

فأقول له :
إذن فالبرتقالة الكبيرة للكبير ، والصغيرة للأصغر ، فيقتنع على مضض ، ولكنه يقول :
حسنا إذن ، العيد الصغير - يقصد عيد الفطر السعيد - يأتي قبل العيد الكبير (الأضحى المبـــــــــارك )
ولذلك سأتزوج أنا أولا ، ولتنتظر أنت ..

كان دهاؤه أكبر هذه المرة .. فقلت : لا بأس ، لا بأس ، سنتفق ..
ويحين اللقاء ..
وترتجف قدماي : صوت يهز الأرجاء : المراجع رقم ( 5 ):مخاوى البيداء ...

نعم . نعم سيدي ..

حان موعد اللقاء ، .. مخاوي البيداء ، مخاوي البيداء ..

قبل الدخول ، حاولت أن أنفض بعض الغبار ، ولكن أي غبار أنفض ، ومثلي تائه في البيداء منـــذ وقت
طويل ؟! سأدخل كما أنا ..

يا للعجب .

في مدخل الكهف وحوش مفترسة ، والأفاعي كبيرة الحجم ، ..أهو كهف ساحرة ؟!

فيتكلم أحد الحراس :

هيا اقترب ، ولا تخف ، فما تراه يكشف صدقك ، أو كذبك ..
فإن كنت واثقا من صدق مشاعرك ، فيما جئت من أجله ، فلا تخش شيئا ..
الحمد لله ...
لقد زال الخوف ، وأرى الوحوش تهدأ ، وتجلس في مكانها ، وكأنها قد روضت مذ كانت أجنة ..

سبحان الله !، والحمد لله ..

كان قصرا متواضعا من الداخل ، لكن رائحة اللبان تعبق بالمكان ،،يا للروعة !! ..

سجادات للصلاة في كل مكان ، وزاوية يركن إليها المراجعون ، وكأنه مصلى لهم .

نعم إنه مصلى ، سأصلي إذن قبل أن أدخل ، وقبل أن يحين موعد أذان المغرب ..
فالحمد لله ،،
ها هي تعد لي مكانا بقربها ، إنها امرأة يشع النور، والإيمان من وجهها ..

يا ولدي : من أين جئت ؟

أراك تحمل هموم الدنيا فوق رأسك ، فهل تستحق هذه الدنيا الفانية
هذا الكمـــد والقهر ؟


إنني أشم قربك رائحة أمي ..

فأنا والقهر توأم ، وبئس التوأم القهر ..

يا ولدي : لسنا في عصر المعجزات ، ولكنها الحكمة يا ولدي ..
ثق بالله ، وابق مؤمنا بقدره ، فمثلك يحبه الله.

اسمع يا ولدي ، لقد أعلمني طائرك الجميل بقصتك ، فتفاءلت ، وعرفت الشـــيء
الكثير عنك ، ولكن لك هذه الوصايا :
فقد كان لقمان الحكيم يوصي أبناءه ، بوصايا لو تمسكنا بهـا لكنا من أسعد خلق الله ..

هل استخرت ؟


سأجيب بما فعلت ، ولقد استخرت مرات ومرات ،،
نعم ، وكثيرا ، وكنت أشعر ، وأحس ، وأعيش براحة كاملة في كل مرة .
استخرت الله يا يمــــــــه كثـــــير
وما اشوف برؤيتـــي إلا الهـــــنا
الف مره والف مره استخـــــــــير
وكل يوم يزول من قلبي العــــــنا
غير يا يمه اشـــــوف الكون غيــر
شبت انا يمه ولــــــي متني انحنى

صح لسانك يا ولدي .. صح لسانك ..

علمنا لقمان الحكيم الكثير ، ولو لجأنا إلى وصاياه ، لكانت الدواء لكــــــــل داء ..

يا بني: أحكم سفينتك فإن بحرك عميق، وخفف حملك ، فإن العقبة كؤود، وأكثر الزاد ، فإن الســــــــفر
بعيد، وأخلص العمل فإن الناقد بصير .


أخشى أن أقدم على شيء ، فأنا غريب .. غريب ..
وكيف تكون غريبا في وطن عربي كبير كوطنك يا ولدي ؟
هي وطني الذي أتوق لأقبل حبات رماله ..

رحم الله والديك ، اذهب وحاول مرة ، وأخرى ، وأخرى ، فإن قلبـها هي الأخرى
مولع بك ..


أخشى الرفض ، فأنا وحيد ..غريب
لا تخش شيئا ، كن مع الله يكن الله معك ..
ولكن أوصيك يا ولدي بأن تحافظ عليها أمام الله وتصونها ..
أماه : والله لقد عاهدتها بالكثير :
أن أحبها ، وأقدرها ، وأصونها كما أصون عرضي ، ووطني ، ولا أجرحها ، وأن أخاف الله فيـها ، وأن

ألبي جميع ما تتمناه ، وأن تكون الروح للروح ..

عاهدتها بأن تضع كل شروطها ، وأقر بالموافقة ، وعلى طبق من ذهب ..
عاهدتها أن أوثق صدق نواياي قرب بيت الله الحرام ، وفي بيوت الله ..

أمي الغالية .. الجنة تحت قدميك ، وقبلة لقدميك ، فأنت أمي .... وهنا ..

ولدي ، خمس سنوات، والرأس فيك يشتعل شيبا .. فإلام الانتظار ؟
إنك إن تظلم نفسك ، تظلمها ، فلا تظلم الآخرين معك ..
هيا يا ولدي ، توكل على الله ، ولا تحزن ما دام الله معك ، وسأدعو لك أن يحفظك الله أنت وريمك ،
ويحقق أمانيكما ..فالله يسمع نداء من استغاث به ...
دعها تخبر أباها أولا، وانتظر ، ولا تيأس يا ولدي ، فوالدها رجل حكيم ، وعلى درجة من العلم
والثقافة ، والخلق ..وإن رفض ، فدونك رجال القبيلة ...


وأي قبيلة يا أمي ؟ أنا وحيد في البيداء ..وحيد .. غريب ، غريب

"ما غريب إلا الشيطان يا ولدي" ، لا عليك يا ولدي ، فسييسر الله لك الأمر ..

قبل أن تغادر يا ولدي :
دونك هذه العبوة ، عبوة من ماء البحر ، وبها بعض الهدايا ، أراها من رائحـة
ريم الفلا ، وصلتني من ريمك ، فلعل في الأمر سرا ..

فانظر ، أراه شيئا يشعرك بروعة الحياة ، وبالراحة الأبدية ..
إن لم يكتب لك القدر أن تكـــــــــون رئمك ..رئمتك معك ..

وفقك الله يا ولدي ، ولا تيأس من رحمة الله ..


الحمد لله يمه .. الحمد لله

سأفعل إن شاء الله ، وهذه قبلة لجبينك يا أمي ..
سأنفذ وصاياك .. وأسأل الله أن يكون معي ..

وخرجت ، وإذا بالجنية تخبرني بكل شيء ، لقد كانت تسمع وتشاهد كل شيء ،،
ريم الفلا تنتظرني ، على أحر من الجمر ، أسال الله أن نلتقي قريبا ،،

بت أدندن بكلمات وأنا انتظر الطائر ، ولكنني هذه المرة ، سأذهب ولأبدأ فأنفذ وصايا الأم
فلن تكون عجوزا بعد اليوم ..

كما أنني سأزور أمي ، فهي على سرير الشفاء ، يقولون إنها لا تتذكر شيئا ، ولكني سأزورها
، فرضاها علـي ، قبل كل شيء بعد رضى الله ..
الحمد لله ، في لمح البصر كنت قرب أمي ، وتقول : مخاوي البيداء ولدي ، أيها البري
كانت تقول لي إنني بري ، أعشق البر كثيرا ، الحمد لله لقد عرفتني ، ونلت رضاها ، وقبلت منها

القدمين ، وذكرتها بقصص شقاوتي وأنا في الصغر ، فتضحك ، وتقول :

يا يمه "مش قادرة أصلي ، يا ترى ربي بيحاسبني ؟)
سبحان الله ، وهي على سرير الشفاء تفكر في صلاتها !!

قلت لها فلتصلي وأنت مكانك يا أمي ..

الحمد لله .. الحمد لله رأيتها ، وشاهدت ابنها بعد سنوات من الغياب ..
ويقول لي الطائر الجميل ،سأقوم بتصوير المشهد كله ، يحكي قصتك ، فأقول له :
حسنا يا طائــــــــري الحبيب ..
وحينما اتفقنا ، واقتربت من قصرها ، وجدت الجنية تتمثل لي أمام أبيها ، وتقول :

هذا ليس سيــدا ، إنه غريب ، فهممت أن أقتلهتا ، لولا أن تلاشت كلمح البصر ، فهي جنية ، ورأت الشرر من عيني ..
وتذهب ريم الفلا ، تتقدم لأبيها ، فيرفض ، ويذهب وجهاء من القبيلة ، فيرفض ، فما العمل يا الله ؟

ويشترط علي والدها أن أجيبه بلغز شعري ، إنه يعشق الشعر كذلك ، فيحصل الرضى ، ثم التراجـــع ،
فالغريب يبقى غريبا ...

إنما الأحزان تســـري
في فؤادي تستــــكين
هزها الشوق وقلبي
يرتدي ثوب الحــــنين
هذه الدنيــــــا تغنّــــي
والزغاريــــــــد الأنين
أزهر الحـــــــزن بقلبي
منذ أن كــــــــان جنين


__________________
آنا ابدوي والغرب مني يلتمس**علم وحضاره ومعرفه ونعم النسب
مخاوى البيدا

عذرا إن لم أتـــــــــــابع المنقــــــــــــــول

مدونتي : عروس البحر في قصر التخاطر

التعديل الأخير تم بواسطة خليل عفيفي ; 24-12-2014 الساعة 04:33 PM
رد مع اقتباس