عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-01-2011, 07:53 PM
الصورة الرمزية محمد الراسبي
محمد الراسبي محمد الراسبي غير متواجد حالياً
مدير الموقع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,754

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى محمد الراسبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد الراسبي
افتراضي

كما اقيمت الجلسة الثانية وابتدأت في الساعة الحادية عشر صباحا حيث تراسها الشيخ المكرم أحمد بن عبدالله الفلاحي وقررتها فتحية بنت حمد الرحبية .

حديث قدم الورقة الأولى الباحث مسعود بن محمد الحمداني وحملت عنوان حركة التطوير والتحديث في الشعر الشعبي العماني المعاصر واتجاهاتها ولخص في إن حركة التحديث في الشعر الشعبي العماني في كل عصورها ظلت على حركتها المستمرة، والمتجددة، والتي تعكس مدى التواصل الفعلي بين الشاعر الشعبي ومجتمعه، ولم يشكّل هذا الشاعر في أي وقت قطيعة مع المحيط الذي حوله، ولعل هذا التواصل بين الشاعر والمجتمع هو أحد أسباب الحاجة الدائمة لتحديث النص الشعري، ولغته، وأسلوبه، وابتكار المعاني الجديدة الجزلة لكي يظل في دائرة الاهتمام ومحط أنظار الناس أو المتلقي، ويظل لسان حال زمانه.

وخلال السنوات الأربعين الماضية أخذت القصيدة العمانية منحنى آخر نتيجة لمتغيرات سياسية وثقافية واجتماعية أسهمت في مساحة الوعي لدى الشاعر، وأثـّرت في مختلف مناحي الحياة في السلطنة، وجاء هذا التحديث عبر مستويات ثلاثة تتعلق بـمستوى المعمار الفني، و مستوى الوزن، ومستوى الفكرة والطرح والشكل الخارجي.

وتنازع هذا التحديث ثلاثة تيارات شعرية، تتفق في معالم النص العامة، وتختلف في أهمية التحديث، وسيرورة النص هي: تيار تقليدي بحت لا يعترف بالتجديد بأي شكل ، و تيار تجديدي متطرف ينظر إلى التقليدية باعتبارها رجعية شعرية ، و تيار وسط يسعى للتجديد الذي يحافظ على الموروث وروحه.

ويعدد الباحث اسباب هذا التنوع في الساحة الشعرية وانعكاسته على تطور أدوات الشاعر ونضج تجربته، وتركه لبصمة خاصة للقصيدة العمانية، أطلق البعض عليها مسميات خاطئة أحيانا (كالرمزية) نتيجة لاختلاط المفاهيم النقدية، ولاصطدام النص الجديد بذائقة تقليدية، أولعدم فهم بعض الشعراء لماهية التجديد، فاتجهوا إلى النص المغلق، والانسلاخ أحيانا عن خصوصية المكان العماني، واستلاب لهجات دول أخرى نتيجة للتداخل الثقافي، وثورة المعلوماتية، ففقدت القصيدة العمانية ـ عند بعض الشعراء ـ خصوصيتها اللهجية، واستعارت ألسنة الغير، ونتج عن ذلك ـ كما أسلفت ـ صراع وجود (متوهم) بين القصيدة التقليدية بسماتها القديمة، والقصيدة الجديدة بانفتاحها غير المقنن، مع ظهور اتجاه وسط وقف في المنتصف بين هذين الشكلين وهو الذي سعى لتحديث القصيدة مع الاحتفاظ بروح الهوية والموروث الحضاري للمكان، حيث أخذت القصيدة العمانية الشعبية خلال السنوات العشر الماضية بالتشكّل، وعُرفت في دول المنطقة بأنها القصيدة الأكثر تحديثا مقارنة بنظيراتها من دول أخرى.

وفي هذا السياق يتحدث الباحث عن إسهامات بعض الأسماء في تحديث النص الشعري الشعبي من خلال عناصر :
الشكل الخاجي والبناء المعماري للنص، و الاتجاه للرمز والحداثة الشعرية ، والصوره الشعرية ، فاتخذت سيرة الشعر الشعبي اتجاهات جديدة من ناحية الفكرة والتناول والأغراض الشعرية، والأوزان، وهرمية النص، وبنائه، ولغته، واتجهت كثير من النصوص نحو التفصيح، فظهرت اللغة أو اللهجة البيضاء، وهي التي يتحدث بها المثقفون، ويحلل الباحث مظاهر هذا التوجه وعوامل نشوئه في خروج الشعر الشعبي من دائرة القوالب الجاهزة، وأثـّر وتأثر، ودخلت ثيمات جديدة في النصوص الشعرية كالموت، والفقد، والاغتراب الذاتي، والمكاني، واتخذت بعض النصوص بعدا فلسفيا ووجوديا بشكل واضح، واستطاع شعراء آخرون محاكاة الأفكار المجردة، وصياغة مواضيع إنسانية جديدة، وقل في ظل هذه الاتجاهات الالتفات إلى قضايا المجتمع الحقيقية، وغلبت النزعة الذاتية على النصوص.

ويرى الباحث بأن الوان الشعر الشعبي الموجودة في السلطنة (التقليدي والتجديدي) شكلت فسيفساء أدبية، تحاول التعايش بسلام، وإن بدا ظاهرا محاولة كل اتجاه تهميش الآخر، وكسب الصراع، إلا أنه في الواقع تأثر كلا الاتجاهين ببعضهما البعض بوعي أو بدون وعي، حيث تطور التحديث ليلتصق أكثر بالتقليدي، وتطور التقليدي ليواكب لغة العصر، ويجدد في صوره وأنماطه الكلاسيكية.

كما يؤكد على أن هوية النص الشعري الشعبي العماني قد تحولت من النص التقليدي المتشابه مع نصوص بقية المنطقة الخليجية، والمنغلق على ذاته، إلى هوية جديدة يُعرف بها وهو (التحديث) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، بغض النظر عن اتفاق البعض أو اختلافهم مع هذا التوجه، فحافظت القصيدة على إرثها الحضاري والمكاني مع الاتجاه إلى التجديد الذي جعلها تكسب رهان المشافهة والتدوين، وأكسبها صفة الديناميكية وعدم جمود الحركة، والتحرر من السائد والمألوف.

إن تحديث القصيدة الشعبية كان أمرا طبيعيا لا بد منه، وسار متوازيا، ومتوازنا مع عنصر الزمن، وتطور الحركة الواقعية والمجتمعية، ولم ينفصل عن حركة التحديث الحاصل في كل عُمان، ولو ظلت القصيدة على نفس صورها، وأساليبها، وأغراضها، ونمطيتها القديمة دون تغيير، فإن ذلك سيعني الجمود وهو ما يعني التخلّف الحضاري والثقافي في عُرف الأمم، وسيشير ذلك إلى وجود خلل خطير في لغة التخاطب، وجسد الأدب، والمجتمع بشكل عام.

وفي ظل هذا التسارع الفكري والثقافي وحتى لا يخرج الشعر الشعبي عن مساراته التي عُرف بها، كلغة تعبير عن المجتمع وطبقاته المختلفة، المتعلمة وغير المتعلمة، فإن على الشاعر الشعبي أن يمنهج لغة خطابه للآخر، ويتقارب مع لهجته، قدر الإمكان، لأن الشعر الشعبي هو الحافظ للهجة، مع الاتجاه للغة البيضاء كأداة تخاطب مع جميع فئات المجتمع، حيث أنّ على الشاعر مهمة الارتقاء بالذائقة العامة مع المحافظة على هوية وخصوصية المجتمع، والمكان، وهي المهمة الأصعب لعملية التحديث، حيث تبقى المعادلة القائمة على التكامل الحضاري وليس التصارع بين الأصالة والمعاصرة.


ثم قدم الورقة الثانية الباحث إبراهيم حامد الخالدي من الكويت وحملت عنوان علاقة الشعر الشعبي العماني بالشعر النبطي في الخليج (تأثيرا و تأثرا)
الشعر النبطي في الجزيرة العربية وعلاقته بالشعر العامي في البيئة العربية عامة

ويطرح عنوان هذه الورقة ثلاثة أسئلة يتوجب على الباحث أن يجيب عليها بوضوح، وهي:
• كيف نعرّف الشعر النبطي في الجزيرة العربية؟
• كيف نفرق بين ما هو عامي، وما هو نبطي؟
• كيف تبادل الشعر النبطي والشعر العامي في البيئة العربية التأثر والتأثير؟

وسنحاول خلال السطور القادمة الإجابة على هذه الأسئلة، ونبدأ بالسؤال الأول (كيف نعرّف الشعر النبطي في الجزيرة العربية؟)، والذي يتطلب منّا تعريف الشعر النبطي، ونبدأ مع إشكالية تسمية هذا الشعر بالنبطي والتي أجدني موافقاً لما ذهب إليه عدد من الباحثين من أن كلمة (النبطي) في الأصل تطلق على المتحدث بلغة الأنباط إلا أن التحول الدلالي جعلها وصفاً لذلك الشعر الذي لا يتقيد بقواعد الشعر العربي الفصيح، وينظمه العامة باللهجة التي يتكلم بها سكان الجزيرة العربية.

ويرى الباحث أن الشعر النبطي قد مرّ بعدت مراحل زمنيةخلال تاريخة هي:
1- المرحلة الهلالية.
2- ما بعد الهلاليين.
3- عصر الهزاني.
4- ما بعد الهزاني.
5- القرن العشرون:
6- الوضع الحالي.


وينتقل الباحث للإجابة على السؤال الثاني: (كيف نفرق بين ما هو عامي، وما هو نبطي؟)، فمسمى الشعر النبطي يأخذنا إلى نمط من الشعر العامي يلتزم بالشكل التقليدي (العمودي)، ويصطبغ بلهجة أهل البادية، ومن جاورهم من القرى والمدن، ومن هنا لا يمكننا اعتبار الشعر العمودي الذي كتبه شعراء من حواضر مغرقة في الحضارة بعيدة نسبياً عن البوادي ملحقاً بالشعر النبطي.والتفريق بين نصوص هؤلاء وغيرهم، والنصوص المألوفة من الشعر النبطي مربك فعلاً لأن الشعر النبطي يكتب أساساً بلهجات بدوية وحضرية متعددة، وبالتالي تبقى للقارئ المتذوق مهمة التفريق بين ما يندرج تحت مسمى الشعر النبطي، وبين الشعر العامي الذي يكتب باللهجات العامية المختلفة، وإن كنت أرى أن هنالك معيارين يمكن استخدامهما لتحديد ما هو نبطي، وهو الالتزام بالشكل العمودي الموزون المقفى للقصيدة، وقرب اللهجة المستخدمة من لهجة أهل البادية، والحواضر القريبة منهم، وكلما أغرقنا في المدنية ابتعدنا عن الشكل النبطي، واقتربنا من المسمى العامي للنص الشعري.

ويرى الباحث أن التفريق يكون أسهل بالنسبة للقوالب الشعرية العامية الأخرى البعيدة عن الشكل النبطي العمودي، فهي قوالب يمكننا أن نصنفها تحت مسمى (الشعر العامي)، وكذلك الحال بالنسبة لقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر العامية، كما يرى أن من الواجب علينا التأكيد بأن الشعر النبطي، وبقية أنماط الشعر العامي في البيئة العربية تتماثل في كونها جداول نبعت من مصدر واحد، وهو تراث الشعر العربي الفصيح، وبالتالي، فمن المتوقع أن تتبادل هذه الأنماط التأثير والتأثر فيما بينها على الأصعدة الآتية:

• الأوزان والقوافي: احتفظ الشعر النبطي بالأوزان الخليلية إذ لا يمكننا أن نجد نصاً نبطياً واحداً يخرج على هذه الأوزان إلا في الروايات المرتبكة، والتي لا يعتد بها.وفي المقابل نجد أن الشعر النبطي استفاد من الشعر العامي من جهات عدة من بينها الأوزان من خلال الجرأة على ابتكار الألحان الجديدة، والتي تعود إلى أوزان خليلية أصيلة، وحاول بعض شعراء النبط منذ القدم الخروج من أسر الشكل العمودي مستفيدين من تراث الموشحات، وفنون الشعر العامي.

• الموضوعات: في بدايات الشعر النبطي ظل ملتزماً بالموضوعات الأصيلة التي طرقها الشعر الجاهلي إلا أنه بمرور الوقت صار أكثر جرأة على الولوج في تفاصيل الحياة اليومية، وبدأت تظهر لدينا نصوص تنتمي إلى الشعر الاجتماعي قرّبت الشعر النبطي من النصوص يتبادلها العامة.

• اللهجة: رغم أن الشعر النبطي نشأ من رحم الفصحى، وترعرع في البوادي العربية ثم انتقل إلى القرى والمدن القريبة منها إلا أنه سرعان ما تلونت لهجته بألوان مختلفة، وبدأت الحواجز تزال بين الشعر النبطي وأنواع الشعر العامي، ولذا، فإن التبادل التأثيري بين الشعر النبطي، والشعر العامي عملية ديناميكية متواصلة في كافة المناحي اللهجية والشكلية والموضوعية.
__________________
ديواني المقروء
رد مع اقتباس