عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-07-2012, 05:56 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...شكر الله لكَ-أخي الكريم الواعي جناح الأسير-على هذه الإطلالة ( البيداغوجية ) التي تساوَقتْ تماماً مع معضلةِ الواقع التعليمي-في المناهج والآليات-وواقع آفاقه التي صارتْ تأخذ-في سيْرورتها وصيْرورتِها-شكلَ الهاجس المقلق لدى خبراء التربية والتعليم،لا في السلطنة وحدها بل على امتداد العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج...

فبالفعل...كانَ التعليم-وإلى وقتٍ قريبٍ-أخي الكريم يَمضي في معظم المؤسساتِ التربويةِ في عالَمِنا العربي ويقوم على أساس نظرية ( التعليم بواسطةِ الأهداف Education par les objectifs pédagogiques )..وبقيَ ما شاءَ اللهُ له أن يبقى هكذا...

ولكن،وفي بداياتِ الألفية الثالثة تحديداً،وبسبب التحدياتِ العلميةِ المعاصرةِ التي راحتْ تتحركُ بوتيرةٍ مذهلةٍ على مستوى كل الأصعدةِ وفي كل الاتجاهاتِ،بدأ خبراءُ التربيةِ والتعليم يتحسسونَ مَدَى ضغطِ تلك التحدياتِ على شبكةِ النظام التعليمي الشامل ( خصوصاً في مراحله الثلاثة : الابتدائي بطوْريْه والإعدادي والثانوي ) وبَانَ لهم بما لا يَدَعُ مجالاً من الشك أن نظامَ التعليم عندنا-والذي يقوم على أساس التدريس بواسطة الأهداف-قد استهلكَ وقتَهُ ولم يعُدْ قادراً-لو استمر-على مواكبةِ التكيفِ مع إيقاع تلك التحديات المستجدة،لأنه نظامٌ يقوم في مجموعه على ( الشكل التراكمي الكَمِّي للمعلومة La forme de l'information cumulative )،ويجعل من التلقين والحَشو محوراً أساسيا في العملية التعليمية بما قد يلغي دورَ المتعلمِ تماماً-وهو في الحقيقةِ حجر الزاوية-يَلغيه من أن يكون له الدور الفاعل والمنفعل فيها..وبالتالي فإن هذا النظامَ كانَ في عمومه يهدف إلى ( مَلْءِ الوعاءِ وليسَ قدْحَ الشرارةِ )...!!!

فما كانَ البديل المناسب يا ترى..؟؟

كانَ البديلُ المناسبُ والذي لاخيَارَ لنا عنه هو إحداثُ ثورةٍ منهجيةٍ شاملةٍ في طرق التدريس تلكَ ( في الطرائق والملامح البيداغوجية التي يدخل إليها التلميذ في بداية المرحلة ويخرج بها )،فاستقر رأيُ الخبراءِ البيداغوجيينَ على أن المنهجَ البديلَ الجديدَ،الساري في العالم المتقدم ( أوروبا وأمريكا وجنوب شرق آسيا ) هو ( التعليم بمقاربة الكفاءات Compétences d'enseignement approcher ) والذي ينقلُ المتعلمَ-بواسطةِ المعلم-من المهارة إلى الكفاءة..ومن استرجاع المعلومات وترديدها إلى استرجاعها قصد التفاعل معها والإبداع فيها....

ولعل التدريسَ بواسطة الكفاءات يأتي تماماً متساوقاً والثورةَ التقنيةَ الهائلةَ التي تحيط بحياة المعلم والمتعلم معاً،وليسَ من المنطقي أبداً أن تتحركَ الحصصُ التعليمية في الفصل من غير أن تكونَ لهما قدرة تكيُّفٍ مناسبة مع تلك التقنيات وعلى رأسها ؛ القدرة على التعامل مع عالم البرمجياتِ المتنوعة وما تفرزه من قرائن معلوماتية تعينُ المتعلمَ خاصةً على أن يكونَ إزاءَ وضعيةٍ إدماجيةٍ ( la position intégrative ) تسمح بممارسة الكفاءة في هيئةِ إشكاليةٍ مختلفةٍ،تتيحُ لقدراته-الفكرية ولمهاراته الحركية-أن تميز بين المكوناتِ والعناصر والربط بينها بالقرائن،وبالتالي سيُدركُ بَداهةً الغرضَ النهائي من تعلمه...

يستحيلُ-أخي الكريم-أن تحْدُثَ قفزاتٌ نوعيةٌ في نتائج التعليم عندنا بواسطة المقاربة بالكفاءات ما لم يتحصل المعلمُ والمتعلمُ معاً على قدرة التعامل مع هدير الثورة التقنية والمعلوماتية الهائلة التي لن ترحَمَ أيَّ معلمٍ أو متعلمٍ فقدَ القدرةَ على التفاعل إزاءَ متطلباتِها المُلِحَّة..!!

ومطلوبٌ من مُعلمينا-في المرحلة الراهنة-أن يرفعوا في قدراتِهم وما استلهموه من تجارب الإعداد العلمي والثقافي والبيداغوجي في مراحل التكوين والبناء،فيطوِّروا أداءاتِهم وفقَ آلياتِ تلك التقنيات الحديثة حتى يكونوا في قلب التحدي ورهان العطاء والإبداع اللذيْن تقتضيهما المرحلة...

وإلا-أخي الكريم-اسمح لي أن أقول : إن معلماً تربويًّا يتحركُ في طرائق تعليمه-وهو يعيشُ عصر هذه الثورة-بوسائلَ عفا عليها الزمنُ وتجاوزتْها الضروراتُ البيداغوجية...اسمح لي أن أقولَ-وأنا واحدٌ من رجال التربية والتعليم-(( إنه كالذي يدخلُ معركةً هائلةً،يُقاتلُ فيها بالسيفِ في عصر الصاروخ...!!! ))...

مرة أخرى...شكر اللهُ لكَ على الإطلالة الهادفة...وتقبل الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ..
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس