عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-02-2013, 04:55 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...مقالٌ رائعٌ وخاشعٌ وجميلٌ وجليلٌ-أخي الكريم-هو هذا الذي نقلته لنا...

وجزى اللهُ أحبتي الكرام الذين سبقوني إلى تقرير هذه الإيمانياتِ الراسخة في عقيدتنا نحن المسلمين..فإنه لا يختلفُ مسلمان مؤمِنان واعيان بشأن هذا التناسق البديع وذاك الانسجام العجيب الذي أوجدَ المولى عز وجلَّ الكوْنَ والوجودَ-بما فيه الكائنات الجامدة والصامتة التي تحيط بنا-والتي جعلَ لها من لسان التسبيح لخالقها ما تشمله الآية الكريمة التي ذكرَنا بها الأستاذ سالم الوشاحي : (( ...وإنْ مِنْ شيءٍ إلا يُسبحُ بحمده ولمنْ لا تفقهون تسبيحَهم ))...

ما من شكِ-أخي الكريم-أن للموْجوداتِ الجُماداتِ لغتـَها الخاصة في الإعلان عن علاقتها بالخالق سبحانه وحتى المخلوق...

والغاية العظمى من ذلك كله هو إثباتُ وجودِه لذاته العليةِ-سبحانه وتعالى-وإقراراً بالعبوديةِ المطلقةِ لربوبيته وألوهيته في غيْر ما تشبيهٍ أو تمثيلٍ أو تجسيدٍ أو تعطيل...

فسبحانكَ اللهُمَّ أنـتَ الواحِدُ ** كُلُّ الوجودِ على وجودِكَ شاهِـــدُ
يا حَيُّ،ياقيُّومُ،أنتَ المُرْتجَى ** وإلى عُلاَكَ عنا الجبــينُ الساجدُ


والحقيقة الإيمانية الكبرى في حِسِّ المؤمن النابض باليَقين الراسخ والتصديق الجازم-أحبتي الكرام-لا تحتاجُ إلى ضرورةِ أن يَسْمَعَ المؤمِنُ بطبلةِ أذنه همهمة التسبيح تنبعث من الصخور الصماء أو يَراها بأم عيْنيْه مكتوبة ًعلى بتلاتِ الأزهار وأوراق الشجر...

إن الصخورَ الراسياتِ،المتنوعة في ألوانها وتراكيبها الهائلة وامتدادها الجيولوجي المُذهِل في طبقاتِ الأرض الدنيا أو العليا..وإن جمالَ الزهر ونضارَ الوردِ في بهائه وتناسقه وزخرفة ألوانه وفي أعباق أرَجِهِ وشذاهُ الفوَّاحِ..وإن الامتداداتِ الغفيرة الواسعة لتلك الطبيعة العجيبة المذهلة في ما تحوي من أسرار وأسرار... كلها،كُلُّها تَطرقُ فِطرة المؤمن من باب عقلِه النيِّر ومحراب قلبه الحَيِّ لتـُسْمِعَهُ من هَمْسِ حديثها الصامتِ ترنيمة التهليل والتكبير والتسبيح والاعتراف الخاشع بوجود الخالق الباري البديع المُصوِّر،فلا يتعامَى أو يتصاممُ عنها إلا أولئكَ الذينَ نكتَ الله تعالى-بسبب كُفرهم وغرورهم وعِنادهم-على قلوبهم المظلمة وعقولهم الكالحة بالران والحُجُب الكثيفة،فأعمى اللهُ بصيرَتهم معَ أن بَصَرَهُمْ وسمعَهُمْ حديدٌ في الدنيا..(( وقالوا لو كنا نسمَعُ أو نعقِلُ ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسُحقاً لأصحاب السعير ))..!!

إن مثل هذه الظواهر الكونية التي يُجريها المولى عز وجل كمعجزاتٍ خارقةٍ بين الحين والحين عسى أن يَثوبَ الملحدون والماديون إلى رُشدِهمْ وحتى يَزدادَ أهلُ الإيمان إيماناً على إيمانهم..إن هذه الظواهرَ الخارقة تفعلُ ذلكَ ولا شك،وهي دليلٌ إضافي على وجوده العظيم سبحانه وتعالى،إلا أن إيمانَ المسلم الحقيقي ينبُعُ من روافدِ أنوار الهُدَى الربانية التي تسري بالنور في أقبيةِ عقله وشِغافِ قلبهِ الذي يتخافقُ قلبُهُ بتسبيح وتمجيدِ ربه الخالق العظيم،فهوَ يسمَعُ ويَرى ببصيرته الربانية تسبيحَ وتمجيدَ بقية الكائنات المحيطة به-وإن لمْ يكنْ لها لسانٌ ناطقٌ-وكأنما الكوْنُ كلـُّهُ محرابٌ نوارنيٌّ يَعِجُّ بترانيم التسبيح العذبة الشجية..

إنه يسمعها ويَراها بأنوار بصيرته الإيمانية-وهذا هو الأهم-وليسَ شرطا بالضرورة أن يسمعَ غمغمة أنينها أو انبعاثِ نجوَاهَا بأذنيْه ويَراها بعيْنيْه...(( كلٌّ قد عَلِمَ صلاتـَه وتسبيحَهُ ))...

ورحِمَ اللهُ تلكَ العجوز المؤمنة البسيطة التي مرتْ يوماً على الإمام الفخر الرازي-صاحب التفسير الكبير-وهو يَحمِلُ على بعيره حِمْلاً ضخماً ثقيلاً،فسألته عنه،فردَّ : إنه حِمْلُ مائةٍ كتابٍ فيها ألفُ ألفِ دليلٍ ودليلٍ على وجود الله تعالى..فابتسمت المرأة العجوز وقالتْ له على البديهة : (( واللهِ يا هذا لو لمْ يكنْ في نفسِكَ ألفُ ألفِ شَكٍّ وشكٍّ لما احتجتَ إلى ألفِ ألفِ دليلٍ ودليلٍ على وجوده سبحانه..!! يا بني إنَّ الأثرَ يَدُلُّ على المسير وإن البعرة َتدلُّ على البعير..سماءٌ ذاتُ أبراجٍ وأرضٌ ذاتُ فجاجٍ وبحارٌ ذاتُ أمواجٍ،ألاَ يَكفيكَ كلُّ هذا على وجود العليم الخبير..؟؟!!! ))،فأطرَق الإمامُ الرازي خجِلاً،ثم رفع يديْه إلى السماءِ قائلاً : (( اللهمَّ إيماناً كإيمان العجائز..!! ))...

نعَــمْ أحبتي...

ففي كلِّ شيءٍ لهُ آيَة ٌ** تدلُّ على أنه الواحِــدُ..!!

جزاكَ الله خيراً-أخي-على النقل..وجزى اللهُ الكاتبة الدكتورة هَيَا إبراهيم الجوهر على العَرْض..وجزى الإخوة والأخوات الأعضاء على الإثراء والتفاعل..ودمتَ دائماً متألقاً...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 27-02-2013 الساعة 11:20 PM
رد مع اقتباس