عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 26-02-2013, 09:34 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...التربية والتعليمُ-أختي الكريمة البديعة وهج الروح-وجهان لعملةٍ واحدةٍ،لا فِكَاكَ بينهما أوفِصال...

والذي يَعتقد أن حياة المَرْءِ في رحلته الدراسيةِ أو التعليمية-أستاذاً أو طالباً-يُمكنُ أن تستمرَّ في غياب التربية ووازعِها الأخلاقي،هو في الحقيقةِ واهِمٌ أو أنه من أولئكَ الذين تصدِقُ فيهم الحكمة المأثورة : (( رُبًّ رجْلٍ في حذاءٍ فاخرٍ بجَوْرَبٍ ممزَّقٍ..!! ))..

إن رحلة ( التعليمَ )-دون منهجٍ تربوي أخلاقي مُصاحِبٍ-قد تستمر على نحْوٍ مَّا،بَيْدَ أننا في نهاية المَطاف لن نتوقعَ أبداً قطفَ تلكَ الثمرةِ اليانعةِ التي يترقبها المجتمعُ في الأستاذ المربي والطبيب الناصح والقاضي النزيه والمهندس المُتقِن والمسؤول المخلص...

التعليمُ يمكنُ أن يصنعَ لنا الأستاذ والطبيبَ والقاضي والمهندسَ والمسؤولَ،لكنه أبداً لوحدِهِ سيصنعُ لنا المربي والناصح والنزيه والمُتقِنَ والمُخلِصَ..!!

إن هذه الصفاتِ اللازمة الضرورية إفرازٌ عن ( منهج التربية ) القويم الذي صاحَبَ رحلة التعليم في حياة الإنسان من بدايات الطور التحضيري والابتدائي،فالإعدادي والثانوي،فالجامعي ودراسات مابعد التدرج في الماجستير والدكتوراه...

لذا-أختي-نلحَظ دائمًا أن وزارات المعارف الجَادةِ تتسَمَّى الواحدة منها بـ ( وزارة التربيةِ والتعليم ) لاَ ( وزارة التعليم والتربية )...

إنها تعطفُ ( التعليمَ ) على ( التربية )..أيْ أن التربية أولاً ثم التعليمَ ثانيًّا...

إن حظوظ الناس في ( التعليم ) تتفاوتُ..فمنهم مَنْ أوتيَ منه حظا وافراً..ومنهم مَنْ أوتيَ منه حظا قليلاَ..ومنهم-لظروفٍ قاهرةٍ-حُرمَ منه نهائيًّا...وحياتـُهُمْ تمضي بما قسَمَ اللهُ لهمْ فيها،وربما وجدوا في مجالاتِ الحياة الأخرى عَزاءً عن حرمانهم من نعمة التعلم،فما يُنكِرُها عليهمْ عاقِلٌ ولا يَعيبُهُمْ كبيرٌ أو صغيرٌ،ومعَ أهميةِ تلك النعمةِ التي حُرموا منها إلا أن حالـَهمْ يَحِقُّ فيها الأثر النبوي الجليل : (( ارْضَ بما قسمَ اللهُ لكَ تكنْ أغنى الناس ))...

أما مسألة ( التربية ) فشأنها-إن حُرمَ المرءُ منها-أنكَى وأخطر..

إن الناسَ جميعاً يُقاسون ابتداءً بما اتسَمتْ به شخصياتـُهُمْ وكِيَاناتـُهُمْ من تربيةٍ وشمائلَ وفضائلَ أخلاقيةٍ بصرف النظر عن كوْنِهِم متعلمين أو غير متعلمين..

وأهلُ التعليم بالذاتِ-معلمين ومتعلمين-أولى الناس باستدعاء التربية إلى أقوالهم وأفعالهم وسلوكاتهم وتصرفاتهم،ويَومَ يقعُ فِصامٌ وفِطامٌ في حياتهم بين مَسار التعليم ومنهج التربية الأخلاقية،فقلْ على الدنيا السلام..!!

وواللهِ-أختي البديعة-لا أزالُ أذكُرُ بالإجلال والإكبار والإعجاب تلكَ القصيدة الشامخةِ التي درسناها أيام كنا طلبَة في نهائي الثانوية العامة،وهي لشاعر النيل الكبير حافظ إبراهيم رحمه الله...

إن أصداءَها لمْ تزلْ ترنُّ في سمْعي وفكري ووجداني،وما زالتْ أفكارُها ومعانيها العظيمة-على تقادُم العهدِ بها-تخِط لمثلي أنواراً وأقباسًا...

قال طيبَ اللهُ ثراه :

إني لتطربني الخِلالُ كريمــــــة ً** طرَبَ الغريب بأوبةٍ وتــلاَق
وتهزني ذكرى المروءة والندى ** بين الشمائل هِزة المشتاق
فإذا رُزقتَ خليقة ًمحمــــــــــودة ً ** فقد اصطفاكَ مُقسِّمُ الأرزاق
فالناسُ هذا حظه مالٌ وذا عِـلمٌ ** وذاكَ مـــــــــــكارمُ الأخــلاق
والمالُ إن لمْ تدخرْهُ مُحَصَّـــــناً ** بالعِلــــــم كان نهاية الإملاق
والعِلمُ إن لم تكتنفه شمَــــــــائلٌ ** تـُعليه كانَ مَــــطية الإخفاق
لا تحسبنَّ العِلمَ ينفعُ وحــــــــدَه ** ما لمْ يتوَّجْ ربُّــــــهُ بخــلاَق
كمْ عالم مَدَّ العلومَ حبَـــــــــــائلاً ** لِـــــــــوقيعةٍ وقطيعةٍ وفراق
وطبيبُ قومٍ قد أحلَّ لِطِـــــــــبِّهِ ** مَــا لاَ تحلُّ شريعـــــة الخـَلاَّق
قتلَ الأجنة في البطون وتــــارة ** جمعَ الدوانقَ من دم مِهْـــراق
وأديبُ قومٍ تستحقُّ يمـــــــــينـُه ** قطـْعَ الأنامل أو لظى الإحراق
في كفه قلمٌ يَمُــــــــــجُّ لعابُــــــه ** سُمًّا وينفِثه علـــــى الأوراق
لو كان ذا خـُلـُق لأسعَد قومَـــــه ** ببيانِـــــــــــه ويَراعِه السَّبَّاق..!!


إن مَثلَ أهميةِ التربية للتعليم كمَثل أهمية الهواءِ والماءِ للكائن الحَي،والمتعلمُ الحقيقي أو العالِمُ الراسخُ في علمه هو ذاكَ الذي يَشِعُّ وجهُهُ وفكرُهُ وبيانـُهُ بضياءِ التربية الرفيعة ويُدثرُ ما وهبَهُ اللهُ تعالى من عِلمٍ ومعرفةٍ بأنوار الأدب الجَمِّ والسجايا الرفيعة والخِلال الكريمة...

والمفروضُ-أختي الكريمة-أن الجامعة وطلبتـَها وأساتذتـَـها-بكل فروع كلياتها-هي واجهة الأمة الحقيقية في الجمع الجميل بين التربية والتعليم...

وأساتذتنا الجامعيون هم مناراتُ الهُدى أو هكذا يُفترَضُ أن يكونوا...

ويَومَ أن يُتاجرَ البعضُ منهم-في غير تعميم-بذممهم العلميةِ وشرفهم المِهَني،فعلينا أن نرتقِب الساعة...!!!

وطلبة اليومَ همْ بُناة الغد..فكيفَ يُرتجَى من بُناتِنا أن نطمعَ في إجازاتهم العِلمية-فضْلاً عن أنْ نثِقَ فيها-إذا تآكَلتـْها قلة التربية..؟؟!!

وَيْحَ جامعاتِنا إذا دفعتْ بحشودها المتخرجينَ إلى ميادين الحياة المختلفة وهم خواءٌ في رصيدهم التربوي والأخلاقي..!!!

المفروضُ أن يكونوا لبِناتٍ في بناءٍ،لكنهم-والحالُ هذه-سيغدون معَاولَ هدْمٍ تأتي على الأخضر واليابس...

وقى اللهُ تعليمَنا مثالبَ الخَوَاءِ التربوي..وحمى الله أساتذتنا الكبار و أبناءَنا الطلبة من تلكَ المثالب..وزانَ عِلمَهُمْ ودراستـَهم وتدريسَهم بأكاليل التربية الرفيعة وتيجان الفضائل السامية...

وشكرَ اللهُ لكِ-أختي الصغيرة-هذا الطرح،والشكرُ موصولٌ لكل مَنْ قال برأيه الحُرِّ...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 03-03-2013 الساعة 12:23 AM
رد مع اقتباس