[يزيد فاضلي]

...عَلِمَ اللهُ-أختي الكريمة مملكة الطموح،أحبتي الأوفياء بمن فيهم الأخ الكريم بوميحد-أن مُداخلتي الصريحة والواضحة أكبَرُ من أن تكونَ تهارشاً شخصيًّا-لا سَمَحَ اللهُ-أو تكونَ خدمة ًلتصفيةِ حسابٍ للذاتِ واالنفس الأمَّارة بالسوء...

لاَ..لاَ معاذ اللهِ أن ننزلَ بما أكرمنا اللهُ إلى هذا المستوى الذي قد يقعُ فيه أولئكَ الصغارُ من ضِعافِ الإيمان ومهازيل الأخلاق...

أنا هنا-حتى أزيدَ الأمرَ إيضاحاً-لا أتألـَّى على أحدٍ بعيْنِهِ،فأنتصرُ لنفسي على حساب الحق والعدل الذيْن أمرنا أنْ نجعلهُما مِحَكَّنا الفيْصل في بَتِّ الأمور وحَسْم القضايَا...

فإنه : سَواءٌ أكانَ التنويه الذي صارحتُ بهِ-أخي بوميحد-تنويهاً موجَّهًا إليهِ مباشرة..أو كانَ لغيْرهِ من كل الأحبة الرواد..فإنني-وهذا هو الحق-لا أعني به ذواتَ الأشخاص وإنما أعني به كُلَّما يَصدرُ عن الأقلام،بصرف النظر عن ذاتِ صاحبها،فيَخِلُّ به إخلالاً واضحاً بالقسم الإسلامي وقوانينه الواضحة...

فسواءٌ أكنتُ أنا..أو الأخ بوميحد..أو غيْرَه..أو أيًّا مَنْ يَكون..ومهما كان شأنه وكانتْ أعذارُهُ...لا نقبَلُ أبداً،أبداً،أبداً الترويجَ للعبثِ العِلمي أو الفكري باسم الإبداع وحرية التعبير داخلَ رواقٍ إسلاميٍّ،يرفعُ في شعاراتهِ رايَاتِ الارتقاءِ الجَادِّ في الطروحات والدراساتِ الإسلاميةِ التي ترتبط بعلوم القرآن وعلوم السنةِ وأصول العقائدِ وقواعد تفسير النصوص والتنوع المذهبي والفكري الإيجابي الزاخر...

ولنا جميعاً-في حريةٍ مسؤولةٍ واختلافٍ في الآراء-أن نتفقَ أو نختلفَ كما نشاءُ في فهم الظنياتِ ومدلولاتِ الاحتمال،وأن يتحركَ كُلُّ واحدٍ منا وفقَ قناعاتهِ المذهبيةِ،في غيْر تعصبٍ أو تشددٍ أو تزمُّتٍ أو شذوذٍ ملحوظٍ..وليَكُنْ ذلكَ ما دامَتْ مظلة العقيدة الجامعةِ الواحدةِ،ومادامتْ مظلة الأصول والقطعيات مُتفـَقٌ عليها،ونتحركُ جميعاً-في اختلافنا ورؤانا وتمذهبنا-تحت ظِلاَلِها الوارفة..كُلُّ ذلكَ في إثراءٍ ونقاشٍ،يبني ولا يَهْدِمُ،يرتقي بمستوانا العلمي والفكري ولا يتسفلُ بنا إلى تحت،يَدْفَعُ بنا إلى الأمام ولا يتأخر بنا ألف كيلو إلى وَرَاء،يجعلنا نستقطبُ العقولَ لاَ أن تنفرَ منا وتنآى،نكون به مَحَلَّ إكبارٍ واحترامٍ-لأن الدنيا بأسرها تتابعنا-لاَ أن نكون به عرضة للإضحاكِ والسخريةِ ورمْيِنا بالجهل والدجل والسذاجةِ والمستوى الهابط في الطرح والمناقشة والاستنتاج...

والأمرُ يكون في أقصى درجاتِ الخطورةِ عندما يتمُّ الترويجُ للعبثِ الصريح داخلَ قسْمٍ إسلاميٍّ تحتَ غطاءٍ من ذريعة فهم القرآن أو فهْم السنةِ أو فهم أصول الإسلام وفروعه..!!

فمُمْكِنٌ لشخْصٍ-في أضيَق الأحوال-أن يُرَوِّجَ في منتدياتِ ( التسليةِ ) أو ( منتدياتِ جَرِّبْ حظكَ ) أو أيِّ منتدياتٍ أخرى تقومُ على الترفيهِ وحرية الفكر المطلقةِ،المنفلِتةِ من ضوابط الدين والأخلاق والأعراف والثوابت والمبادئ..أن يُرَوِّجَ فيها مثلاً :

- إثارة نقاش عن المحرماتِ بصيغةِ المناطحة الصريحة لكل ما فصلتْ فيه السنة النبوية الصحيحة من مُجمَل المُحرماتِ القرآنية القطعية المؤبدة..فكأنما السنة النبوية أسْقِطتْ من الحساب تماماً كمصدرٍ رئيسٍ من مصادر التشريع والتفسير عندنا..!!!

- أو النقاش الذي يُفضي إلى أن ( الخمْرَ ) ليسَ من المحرماتِ على أساس أن ( فاجتنبوه ) لا تعني الحُرْمة-تأمَّلوا-...!!!

- أو النقاش الذي يَلمِزُ في إمامٍ شامخٍ من أيمةِ السنةِ ( وهو الإمام البخاري ) رحمه الله ورضيَ عنه،والذي أجمعَ علماءُ المسلمين الأوائل والأواخر أنَّ جامعَهُ الصحيحَ أصحُّ كتابٍ بعدَ كتاب الله تعالى بلا منازع،واللمزُ يبلغ أقصى إرجافِه وإفكِهِ حين يُعلـَنُ أنه جاهلٌ باللغة العربية وغريبٌ عن قواعدها بسبب عُجمتِهِ..!!!

وواللهِ..أنا ما أدري من أين جاء بهذا الفتح العقلي العجيب،ونحن الذين نستطيع التحدي به في أعقد قضايا النحو والصرف والإملاء والبلاغة والبيان الفصيح،ونستطيع أن نتحدى أيَّ شخصٍ في الدنيا أن يفتح ( الجامع الصحيحَ )-وفيه زهاء تسعة آلاف حديث،ويقع في تسعة مجلداتٍ من القطع الكبير-وَيعثرَ في السند أو المتنِ على هنةٍ لغويةٍ أو نحويةٍ أو إملائيةٍ أو صرفيةٍ أو بلاغيةٍ واحدةٍ..إننا نتحدى واثقين..!!! فما أدري من أين جاءتْ هذه المعلومة،ومَن قالَ بذلك من الأولين والآخرين..؟؟!! وما الدليل عليها كوْن الإمام البخاري جاهلاً بأسرار اللغة العربية وعلومها..؟؟!!!!!!!!!

- أو النقاش الشاذ الذي يُؤكدُ عَدَمَ دوران الأرض ( !!!!!!! ) باستدلالٍ قرآنيٍّ بعيدٌ كل البُعْدِ-لا علميا ولا شرعيا ولا عقليا-عن هذه الفريةِ الغريبة..!!!!

ممكنٌ-أحبتي-لمثل هذه النقاشاتِ البلهاء أن تـُعْرَضَ في منتدياتِ التسالي والألعاب الفكرية ولا ضيْرَ...

أما أن تـُعْرَضَ هذه التقاليع وهذه الخرافات في ( قسمٍ إسلاميٍّ جَادٍّ ) فلاَ...وألفُ لاَ...!!!

إن وجودَ هذا النشازَ الفكري وهذا الشوَهِ في فهم قضايَا الإسلام وآياتِ قرآنهِ وآثاره وتراثهِ والسماح بها داخلَ رواقِهِ تقويضٌ مباشِرٌ لنهضةِ هذا القسم ووأدٌ أبديٌّ لقيمتهِ العلمية ومصداقيتهِ لدَى الرأي العام العربي والإسلامي-بل والإنساني-الذي يتابعُ طروحاتِهِ...

لذا..فإنني أؤكد-أحبتي الكرام-أن تنويهي ما جاءَ قدحاً في شخصٍ أو لمْزٍ في ذاتٍ أو إزراءٍ بإنسانيةِ أحدٍ،فحرمة الأخوَّةِ الجامعةِ تحجزنا عن ذلك...

لكنْ-كما تعلمنا وتربينا دائماً-نحن نحكُمُ على ما قيلَ..لاَ على مَنْ يَقول...

نحن نعرفُ الرجالَ بالحقِّ..ولاَ نعرفَ الحقَّ بالرجال..!!!

وهو حُكْمٌ يَسْري أولاً على أنفسِنا وأقلامنا وفِكْرنا ورصيدنا وأخلاقِنا أولاً قبل غيْرنا...

إنْ حِدنا عنه قيْدَ أنملةٍ،أو هادنـَّا وتراخيْنا فيه،فلا بقاءَ لنا ولا رئاسة...!!!!

هذا هو المعيار الوحيد الذي وضعناه نصْبَ أعيُننا حيَنَ قبلنا أن ننالَ هذه الثقة العظيمة التي استودَعَها الأحبة-رؤساء إدارة هذا المنتديات-في شخصِنا المتواضع برئاسةِ هذا القسم الإسلامي الناشئ...

أرجو أنَّ الأمرَ قد اتضحَ وانجلى....

وأكرر عُذري واعتذاري وأنا خجِلٌ منكِ-أختي الكريمة مملكة الطموح-على ثِقل ظلي بهذه الحِشرية المُلفته..وأرجو أن يُعتبَرَ تنويهي جملة ًاعتراضية طارئة،وأن يستمر النقاش والحديث بعده في سياق التعليقاتِ الإيمانية العلمية الوجدانية التي ترِفُّ على وَحْي الآياتِ الإعجازية الكريمة...