عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 17-01-2010, 11:31 PM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي المدارس الادبية.....منقول


السريالية

السريالية "أي ما فوق الواقعية أو ما بعد الواقع" هي مذهب أدبي فني فكري، أراد أن يتحلل من واقع الحياة الواعية، وزعم أن فوق هذا الواقع أو بعده واقع آخر أقوى فاعلية وأعظم اتساعاً، وهو واقع اللاوعي أو اللاشعور، وهو واقع مكبوت في داخل النفس البشرية، ويجب تحرير هذا الواقع وإطلاق مكبوته وتسجيله في الأدب والفن.

وهي تسعى إلى إدخال علاقات جديدة ومضامين غير مستقاة من الواقع التقليدي في الأعمال الأدبية. وهذه المضامين تستمد من الأحلام، سواء في اليقظة أو المنام، ومن تداعى الخواطر الذي لا يخضع لمنطق السبب والنتيجة، ومن هواجس عالم الوعي واللاوعي على السواء، بحيث تتجسد هذه الأحلام والخواطر والهواجس المجردة في أعمال أدبية.
ولهذا تعتبر السريالية اتجاهاً يهدف إلى إبراز التناقض في حياتنا أكثر من اهتمامه بالتأليف. يعتبر مسرح العبث الابن الشرعي للسريالية.


التأسيس وأبرز الشخصيات:

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أصابت الإنسان الأوروبي صدمة هزت النفوس وبلبلت الأفهام، نتيجة للدمار الكامل وإزهاق الأرواح بلا حساب، فنشأت نزعة جارفة للتحلل من القيم الأخلاقية، وتحرير الغرائز والرغبات المكبوتة في النفس البشرية، وامتدت هذه النزعة إلى الفن والأدب مما أدى إلى ظهور المذهب المعروف بالسريالية في فرنسا سنة 1924م التي بدأت بالسريالية النفسية..
ثم دخلت السريالية مجالات الأدب والاجتماع والاقتصاد والفن..

ومن أبرز الشخصيات السريالية:
أندريه بريتون 1896-1966م وهو عالم نفس وشاعر نفسي يعده النقاد مؤسس السريالية.
ثورنتون وأيلور وهو كاتب مسرحي، ألف مسرحية جلد الإنسان بين الأسنان سنة 1942م، وهي مسرحة تجنح إلى الخيال والعنف الناتج عن اللاشعور عند شخصيات المسرحية.
سلفادور دالي ولد سنة 1904م وهو رسام إسباني، ويعد من أبرز دعاة السريالية، وقد أضاف إليها إضافات كثيرة أبرزها أسلوبه الذي تميز به الذي دعاه "النقد المبنى على الهلوسة" وكان يؤكد دائماً أنه أقرب إلى الجنون منه إلى الماشي نوماً، والمعرفة عنده تقوم على التداعي والتأويل.


الأفكار والمعتقدات:

يمكن إجمال أفكار ومعتقدات السريالية فيما يلي:
الاعتماد الكلي على الأمور غير الواقعية: مثل الأحلام والأخيلة.
الكآبة التلقائية الصادرة عن اللاوعي، والبعيدة عن رقابة العقل، بدعوى أن الكلمات في اللاوعي لا تمارس دور الشرطي في رقابته على الأفكار، ولهذا تنطلق هذه الأفكار نشيطة جديدة.
إهمال المعتقدات والأديان والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع.
التركيز على الجانب السياسي والبحث عن برنامج وضعي (مادي ومحسوس) يصلح لتطوير المفاهيم الاجتماعية، لذلك تودد السرياليون للحزب الشيوعي، وبذلوا جهوداً كبيرة من أجل توسيع مجال تطبيق المادية الجدلية الماركسية.
الثورة لتغيير حياة الناس، وتشكيل مجتمع ثوري بدلاً من المجتمع القائم، وشملت الثورة ثورة على اللغة التقليدية، وإحداث لغة جديدة. تزيت السريالية بأزياء مختلفة، فتارة تظهر كمجموعة من السحرة، وتارة تبدو كعصابة من قطاع الطرق، وتظهر تارة أخرى كأعضاء في خلية ثورية فهي حركة سرية هدفها تقويض الوضع الراهن. ويعد الغموض في التعبير الأدبي أو الفني في مجال الرسم، هدفاً ثابتاً للسرياليين.

الجذور الفكرية والعقائدية: تأثرت السريالية بآراء فرويد عالم النفس اليهودي في تحليله للنفس الإنسانية وخاصة تلك التي تتحدث عن اللاشعور والأحلام، والكبت ودعوته إلى تحرير الغرائز الإنسانية والرغبات المكبوتة في النفس البشرية، وإشباع الغرائز والرغبات إشباعاً حراً حتى لا تصاب بالأمراض النفسية كما يدعي. وهذه الآراء تتلاءم مع دعوتهم إلى التحلل الأخلاقي في المجتمع البشري. وكذلك تأثرت السريالية بالفكر الماركسي الشيوعي ودعوته إلى الثورة لتغيير المجتمع، واستخدام العنف في سبيل ذلك.. وبظهور المزاج الثوري حلت الفوضى السياسية والصراع الكامل محل النظام والانسجام. وقد تأثرت السريالية أيضاً بحركة سبقتها تدعى الدادية التي ولدت في زيورخ بسويسرا سنة 1916م. وهي حركة فوضوية تكفر بالقيم السائدة والمعتقدات والتقاليد الاجتماعية وتدعو إلى العودة إلى البداية. ورائد هذه الحركة هو ترستان تزارا الذي يصفه كاتب أوروبي بأنه "المروج للفوضوية الفنية والاجتماعية". ولذا عد النقاد أن السريالية وريثة هذه الحركة الدادية في أفكارها وتوجهاتها وأسلوبها.

بداية السريالية ونهايتها:

بدأت السريالية بمجال النفس البشرية، ثم دخلت مجالات الأدب والفكر والسياسة والاجتماع والفن، ثم اقتحمت بشذوذها الثوري مجال العقيدة الدينية والتقاليد الاجتماعية واللغة، وأثارت جدالاً عنيفاً بين أقصى الكاثوليكية في الغرب وأقصى الشيوعية في الشرق. وأخذت السريالية في الانكماش والتقوقع بعد ربع قرن من نشوئها، وشعر دعاتها بعجزهم عن تحقيق أي هدف، وبعقم ثورتهم ضد القيم والمعتقدات الدينية، وإخفاقهم في إيجاد مسيحية جديدة، تخلص الإنسان من عذابه وضياعه –حسب زعمهم- تحول عددٌ منهم بعد الحرب العالمية الثانية إلى الشيوعية والإلحاد، وجُنَّ بعضهم وأدخل المصحات العقلية والنفسية وتحول البعض الآخر إلى العبثية في الأدب المعبر عن انعدام المعنى العام وراء السلوك الإنساني في العالم المعاصر. أما أفكارها ومبادئها فقد تبناها مذهب الحداثة الأدبي الفكري حيث صبت جميع جداول السريالية في مستنقعه الكبير. وهكذا انتهت السريالية، المعبرة عن فقدان الإنسان الغربي العقيدة الصحيحة، واعتماده على ضلالات فرويد النفسية في اللاشعور والأحلام. هذه الضلالات التي أدت إلى التحلل الأخلاقي وإطلاق الغرائز من عقالها، مما أودى بها بعد ربع قرن من نشوئها.
.....

مراجع للتوسع:

نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، د. عبد الرحمن رأفت الباشا. نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض 1405هـ.
مذاهب الأدب الغربي، د. عبد الباسط بدر، دار الشعاع، الكويت.
المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د.
نبيل راغب –مكتبة مصر- القاهرة.
الأدب ومذاهبه، د. محمد مندور. السريالية، إيف دوبليس (سلسلة زدني علماً).
رد مع اقتباس