الموضوع: العودة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-01-2017, 10:50 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي العودة


أشرق الصباح مفعما بالحيوية والنشاط على تلك القرية الساحلية، وبدأت أم حسن توقظ أبناءها؛ ليبدأوا يوما دراسيا جديدا، سائلة لهم المولى القدير التوفيق، وكالعادة انطلق كل واحد منهم إلى مدرسته قدما، وبعد الظهر استعدت أم حسن للقاء أبنائها بعد قضاء يوم دراسي مضن، بسبب شدة حرارة الجو، وطول النهار، فعاد اثنان وتأخر أكبرهم، وكلما أسرعت عقارب الساعة بالدوران، بدأت أم حسن تتوجس خيفة في نفسها، متسائلة: لماذا تأخر حسن؟ ماذا حدث؟ عسى أن يكون خيرا.
حاولت أم حسن ان تتصل بالمدرسة، ولكن لا حياة لمن تنادي، ثم فكرت أن تجري اتصالا بصاحب الحافلة الذي يقله، وهي عبارة عن حافلة أجرة خاصة، يستقلها حسن منذ ست سنوات خلت، وما حدث وأن تأخر كهذه المرة، اتصلت أم حسن بصاحب الحافلة، ففوجئت برده، أن حسن انصرف باكرا من المدرسة؛ لوجود فعالية احتفالية، ولم ينتظر الحافلة التي تقله.
صمتت أم حسن خوفا وهلعا وأسقط في يديها، فما زال ابنها طفلا في الصف السادس، مع شدة خوفه وخجله، وعدم قدرته على حسن التصرف في المواقف الصعبة، فما كان من الأسرة إلا أن تنتظر الغائب وقتا أطول، فلعله ذهب مع بعض أصدقائه، ولم يتمكن من إعلام أسرته، ومما زاد الطين بلة أن والده كان مسافرا، وأن حسن هو أكبر الأبناء.
انتظرت الأسرة وانتظرت، حتى كانت الساعة الثالثة والنصف مساء، فوجئت الأسرة بمجيء الغائب، فكانت فرحة أسرته بعودته في ذلك النهار لا توصف، وبكت أم حسن بدموع الفرح وشكرت الحي القيوم، على عودة ابنها الغالي.
جلس حسن، وبدأ تحري حقيقة الأمر، لماذا؟ وكيف؟ فبدأ حسن يسرد قصته قائلا: بعد انصراف الطلاب مبكرين وقفت منتظرا العم مفتاح، ولكنه تأخر كثيرا، فعزمت على ركوب سيارة أجرة تقلني إلى المنزل، وبدا لي الأمر سهلا ويسيرا، وانطلقت سيارة الأجرة بمن فيها من الركاب، وأخبرني صاحبها، أن أخبره بالمكان الذي سوف أنزل فيه، ولكني عندما مرت بي سيارة الأجرة على الطريق العام مقابل البيت، سرحت بفكري، وعندما انتبهت، شعرت بالخجل والخوف، فالتزمت الصمت، وقلت في نفسي سوف أنزل حيث سينزل الركاب الذين كانوا معي.
انطلق بي صاحب سيارة الأجرة، حتى ولاية السويق قاطعا ولاية صحم، ثم الخابورة، ووقف بنا عند دوار السويق، فنزلت مع من نزل، وبقيت هناك تحت ظل شجرة متقيا شدة وهج الشمس وحرارة الهواء، فمر بي صاحب حافلة مدرسية حكومية وسألني عن وجهتي، فأخبرته عما حدث، فرق الرجل لحالي وأشفق علي. وهنا بدأت أسرة حسن مشرئبة الأعناق إلى حسن منتظرة ما حدث له ، حتى عاد إلى بيته، واستطرد حسن قائلا: ولكن صاحب الحافلة اعتذر إلي بأن عليه نقلة ثانية لطلابه، وعليه أن يعود مسرعا، فسأله عما إذا كان يملك نقودا، أم لا، فرد عليه: إن صاحب سيارة الأجرة أخذ كل ما كان عنده من نقود، فأعطاه ريالا وقال له، خذ سيارة أجرة وعد إلى أهلك، وفعلا عاد بتوفيق من الله تعالى سالما، وهنا ابتسمت أم حسن ابتسامة تبللها الدموع بعدما تذكرت أنها قبل يوم تصدقت بريال واحد على امرأة مسكينة، ولم يكن لديها غيره في بيتها، لحين عودة زوجها في نهاية الأسبوع، وتذكرت قول أخت زوجها وهي تقول لها: احتفظي بهذا الريال، ونحن سنجزيك أمر الصدقة، فأصرت قائلة في حينها، سوف أجده أمامي، فطابت نفسها بقبول صدقتها، وقد عاد الريال إليها، وزيادة عليه عودة ابنها وسلامته.
من الواقع: أم عمر
15- 1- 2017م

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة السوسن ; 27-01-2017 الساعة 11:56 PM
رد مع اقتباس