[مختار أحمد سعيدي]

خاطرة

انتحار الفجر

و يسقط يوما آخر ، يضاهي به عمري أوراق الصفصاف ، يطلب العراء بسذاجته ، ويحادي بغبائه رموز الفناء ....لما فتحت اليوم نافذتي يا حبيتي ، وجدت عصفورا على غصنها يرتقب ، هو كذلك كان ينظر الى السماء ، فعرفت أنه مثلي تائه أتعبه القضاء ، ما كان يرقص كعادته على جناحه ، و لا كان يغني لحبيبته أغنية الوفاء ...حزينا يقف ، و كأنه جالس ، ينصت بخشوع الى عزف الريح التي كانت ترتل التسابيح لمرور الزمن ...آآآه لو تعلمي يا حبيبتي ،كم حزنت له ، و أنا أبتسم رحمة ، أحاول أن أقاسمه تلك الشجون ، لأنني وجدته صابرا يحتسب ، و أنا مصابي فيك أهدر صبري ، و ألبسني رداء الجنون...لا شك أنه هو المطعون بقساوتها و يحتمل ، أما أنا أسقيتك من حبر حنضلي أقداحا ، و طعنتك بيراع الغيرة في كل جميل ، فما أعظمه مثلك ، و ما أتفهني كحبيبته ...
حتى الهدهد هجرني ، واستحال وصلي بالطير و بالبشر ، افتقدت عجائب الحكايا التي كان يرويها على كتفي ، يستلهم أكثرها من مياسمك ... هل تذكرين غيابه عني زمنا ، حتى كدت أذبحه ، و لولا شفاعتك لكان في عداد الأموات يحتسب ...
آآآه...و آآآه يا حبيبتي ، ما أجمل الزمن عندما يكتحل ، ينظر بشغف اللهو و يزدهر ...و ما أجمل الأيام و هي سادية ،لينة في عطائها ، لا تمن و لا تحتسب ...
لا زلت أذكرك في الحين و ما بعده ، و بماضيك أوهم الحلم الجميل أن الليل مايزال طويلا ، و أن الفجر في نفسي من بعدك بدأ ينتحر ...

م خ ت ا ر سعيدي