عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 15-09-2012, 03:01 PM
الصورة الرمزية علي الكمزاري
علي الكمزاري علي الكمزاري غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: عُمان
المشاركات: 80
إرسال رسالة عبر MSN إلى علي الكمزاري
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يزيد فاضلي مشاهدة المشاركة
..ربما للكبرياءِ أحياناً-أخي المبدع الشاعر الرصين علي...-ضريبة من أنـَـفـةٍ،تتهدهَدُ في بوتقةِ المشاعر،كأنما يتأبَّى الخافِقُ فيها عن الحبِّ الصُّراح الذي يتلظى بين الضلوع وهو حقيقٌ به منذ الخفقةِ الأولى.. !!

ربما للكبرياء أحياناً مندوحة ٌُعن الهَيَام بملءِ العِزةِ،فما تفتأ عيْنُ المُحِبِّ تنسفِح عن مقلتِها إلا عنْ ممانعةٍ تشبهُ الرغبة،أو عن صدودٍ يُشبهُ الاستجداءَ،أو عن سخاءٍ يُشبه الضنينَ،وما كانَ غيْرُ رشحةِ الليل البهيم تـُخفي شيئًا من تلكَ الغواياتِ السفحَى للهامياتِ التي تبعثُ السنا في شحوبِ المدامع،وتثيرُ الهوَى المصفق في الأعماق بعيداً عن منطقةِ الرؤيةِ والانجلاء على النحو الذي عناهُ الأميرُ أبو فراس الحمداني ذاتَ مرة في رائيته المشهورة :

إذا الليلُ أضواني بسطتُ يَدَ الهَوَى ** وأذللتُ دمعاً من خلائقه الكِبْرُ..!!

أقرأ-أخي البديع-هذه القصيدة عن ( كبرياء آدم ) فما تستقيمُ مشاعري على قريحتي إلا بترجيعٍ لذيذٍ،أسمَعُ صَدَاهُ العذبَ ولا أراهُ،وتتمَلـَّى ذائقتي جمالَ ذلكَ الكبرياءَ الآدَميَّ الجميلَ الذي زُفَّ للمليحةِ في موكبٍ شِعريٍّ أخـَّاذٍ،فليسَ سهلاً أبداً أن تواتيني جَرَاءَة ٌأن أتساءَلَ عن سِرِّ الخمار الذي انتفى عن الخلع،أو عن حقيقةِ الاستبشاع للجمال،أو عن سبب استسراع الحبيبة للخطو البطيءِ في الدروب الثقال أو عن بقيةِ التواشيح التي توشى بها الموكبُ المَهيبُ في جمالٍ فني وشعري وشاعري،لا يَعْدِلُ فيه جمالَ مبناهُ الرصينِ إلا بَهاءُ فحواهُ الأجمل ...

أصدقكَ القولَ-أخي الحبيب-إن أذعتُ عن نفسي أن ذائقتي الشعرية انسكرتْ-انتشاءً وتفاعُلاً-بعذوبةِ هذا الكبرياء الرقيق الذي انسكبَ أحرفاً وكلماتٍ مرصوفةٍ في تلكَ الأبياتِ النجيَّاتِ التي حَمَلتْ كبرياءَكَ للحبيبةِ من الحب العذول،فكانَ ولا أجملَ من رابيةٍ تنفحُ عِطرَا..وكان نشوةً من العتاب الرقيق الرضِبِ ولا سلسَلاً من كؤوس الطــلاَ..وكانَ تذويباً للواعج الخافق ولاَ شهْداً من خيالٍ وسِحْرَا..

إنه الكبرياءُ الجريحُ الذي يُشبهُ ( وَجْداً تعَــرَّى ) على حد تعبير الشاعرة والناقدة السورية الرائدة ناديه نصَّار..!!

وحينَ يكونُ الكبرياءُ وميضاً من وَجْدٍ،فلا شكَّ أن الموكبَ الشعريَّ الذي يَحملهُ سيخضلُّ بكل مُنمنماتِ التطريز البَهِيِّ...

انتقاءُ مَلكَتِكَ الشعرية-سيدي البديع-لـ ( بحر الكامل ) كانَ إلهاماً لم تدفعْ به العفوية الجميلة في قلمِكَ الجميل نحوَ الرصْفِ والمساوَقةِ إلا إلى مزيدٍ من ذلك الاخضلال الذي اخضوْضرتْ به صُدورَ الأبياتِ وأعجازها المُحكَمة..

حتى تلك ( القافية المطلقة ) التي استتبعتَ فيها الرويَّ بتلك الهاء الجميلة -الساكنةِ حيناً والمتحركةِ حيناً آخرَ-على سبيل ما اتفقَ في ما وَصْلُهُ ساكناً،انقلبَتْ منها الهاءُ عن تاءٍ مربوطة،أو كانتْ في الأصل ضميرَ النصب أو الجر ( ما أبشعَه - معهْ - الأمتعهْ - مروِّعَهْ - مودِّعَهْ – مجمَّعَهْ...الخ )..

وما أخالُ جَرسَها الموسيقي الجَذِلَ يَخفى وقعُهُ العذبُ الرقيقُ على مَن لديه أدنى حِسٍّ في ذائقته الشعرية...

إن تلكَ الهاءَ الساكنة لوحدها فرقة ٌ معنويةٌ من جمال مُجوْقلٍ لا نهاية لامتداداته الخــلاَّقة...

ثم إن انتشار المَجازاتِ الخلابة هنا وهناك في نسيج القصيدةِ أمَدَّهَا بنضـَـارٍ من أغاريدَ تفتقتْ معها أفلاقُ السَحَر...!!

استعاراتٌ مكنيةٌ بديعة ٌ كللتْ رأسَها وطرزتْ جيدَها،فراحتْ معاني الطيوب-في ثنايَا ذلكَ الكبرياء-تنبُتُ في الأبياتِ تِبَاعاً كأنما هي السوْسناتُ أو أجمل : ( ...-قُلْ لِلجمالِ صَراحةً "ما أبْشَعَهْ"-هل يَحملُ الغفرانُ صَخرةَ سوأتي ؟-و مَضيتُ إذْ يروي الطَريقُ حكايتي-أنصِتْ بِقلبِكَ جيدًا كي تَسمعَهْ-وَدِّعْ قِناعَ الكِبريا كَي تَخلَعَهْ-...الخ... )...

أقرأ القصيدة-سيدي الجميل-فتتمايلُ نفسي ومشاعري وأحاسيسي طرَباً وانتشاءً بما سَطرتَ وكتبتَ،فآمنتُ أنكَ الشاعرُ الذي أحسنَ التخفي خلفَ شغافِ القصيد..بل أحسنتَ الاندساس..فما أغمَضنا عيْناً وفتحنا أخرى حتى كانَ لكَ من قريضكَ-كأهل الخطوة-التماع الواصلين وانثيال الرهبان...

جميلٌ أنتَ في كبريائكَ سيدي البديع..وجميلٌ أنتَ في التماعكَ وانثيالكَ..ودمتَ لنا في منتدياتنا ذخراً فنيًّا وذخيرة ًإبداعيةً...

سامحكَ الله !!

أنَّى أرد ؟
بمَ أجيب ؟
رفعتني فوق قدري
و منحتني منزلةً أعلى من منزلتي !!

لِردِّكَ سحرٌ خاص ،
موضوعٌ في حدَّ ذاتهِ ننهلُ مِنهُ علمًا / أنَّى لكَ هذا ؟؟


شُكرًا
> و الشُكرُ عينه اعترافٌ بالعجز ، فلستُ أطيقُ ردَّ الجميل
لذلكَ سأكتفي بهذا فقط و فقط
و فقط

جزيتَ خيرًا و أجرًا

إجلال . .
رد مع اقتباس