عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-07-2009, 03:53 PM
الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
فيصل الزوايدي فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 453
افتراضي

مواصلة ..

ـ المستوى التصويري :
في هذا المستوى نعتبر الشخوص كممثلين يقومون بأدوار، منجزين حركات في المكان و الزمان ، لذا لابد من التركيز على الحقل المعجمي والحقل الدلالي بغية استكشاف مقولة تؤطر الأبعاد التصويرية ، وتؤسس حقلها التشاكلي فنلفي السارد هنا يعتمد معجما يهيمن عليه فضاءين : فضاء الأسرة /العائلة، يحيل على تيمة البقاء ــ و فضاء الانتقال/السفر ، يحيل على تيمة الرحيل .
فالرحيل سوف يكون ماديا لا روحيا ، حيث أن قيم الجنوب الأصيلة ( من جنوب ..) تشده إلى الحرارة الوجدانية والعواطف الصادقة المتيقدة , بينما الثلج (في بلاد ثلجية..) يعده بالملذات المادية ، والمتع الحسية ، لكنه زمان بارد . إنه الانشطار الذي يجعل ذات الحالة تعيش حالة شتات عنيف تقوده رياح وأهواء متنوعة حيث ترى كيانها موزعا عبر أفراد العائلة إلى أشلاء إذا ما حصل الانفصال / الرحيل ( شتات مبعثر مني ) فالأم بوصفها الشلو الأكثر حميمية قد استحودت على وعي ذات الحالة عبر احتلالها بؤرة الانتشار الحدثي ( تقف أمي عند عتبة الباب..).
ذلك أن الأبعاد التصويرية تضمر قيما ثقافية واجتماعية و روحية تعيق رحيل ذات الحالة ،في مواجهة صور الأحلام و الاستيهامات التي تراودها و تمنيها بحياة مادية أفضل ، لكنها رياح جارحة ، عنيفة، عابثة بذات الحالة و بأشلائها . ستتطور في المقطع الثالث إلى صور متداخلة و ألوان مختلطة تفقد معها كل تركيز أو تمييز ، ( تداخلت الصور أمامي(....) واختلطت الألوان في مزيج غريب ) . ‘لكن ورغم كل المحاولات التي تؤكد عزم ذات الحالة على امتلاك موضوعها المادي بوصفه الموضوع المثمن إلا أنها فشلت في ذلك، ومن تمة تحقيق الرحيل ، لأن هذا الأخير قد تم بواسطة ذات أخرى كانت تعاني حالة اعتلال مادي/ جسدي ، إنه رحيل الأب ، ذلك أن اعتلال جسده باعتباره سقما ماديا لم يؤثر على صفاء تفكيره وعلى القيم الأصيلة التي كان يزرعها في أفراد أسرته ( أشلائه ) " تذكرت كلام أبي الكثير عن كوني رجل الدار بعده فكنت أجيبه بأن أدعو له بطول العمر " . إذن تحقق الرحيل المادي بموت الأب ، وفشل ذات الحالة في تحقيق طموحها المادي بعدم الرحيل و ظل القاسم المشترك بين الذاتين متجليا في قيم القيم الجنوب ـ الصحراء ـ ذلك أن المادة إلى زوال مهما تعلق المرء بها بينما تظل القيم الجوهر الأساس والذي تكفلت ذات الحالة بمسؤولية المحافظة عليه و تمريره إلى ذريتها عبر الزواج من ابنة الخال الطيب ـ لا من إحدى شقراوات الوجوه بائعات المتع الحسية في بلاد الثلج ؟ ؟ـ لذا كان سقوط القدح من يد الأم منكسارا تأويلا لانكسار أحلام ذات الحالة المادية من ناحية و من ناحية أخري تفتيتا لذات الأب المتوفى وفقدانها لسند مادي فان ، لكن قيمه لروحية ظلت مستمرة مع ابنها الذي فضل الجوهر عن العرض ... وهنا تبرز الصور ة النواة التي عملت على استفزاز ذاكرة ذات الحالة ، صورة سقوط القدح وانكساره من يد ابنه ، فتنحني زوجته ـ ابنة الخال الطيب ـ رفيقة العمر تلملم شتات القدح ، وكأنها تلملم شتات ذات الحالة ن متحملة مسؤولية الأسرة إلى جانب زوجها ، شأن كل زوجة أصيلة ، " تنحني زوجتي تلملم شظايا القدح وتبتسم بطيبة ساذجة تذكرني بخالي الطيب ، في حين أن شظايا قدح الأم لم يتم لملمتها لأن الأب انتقل إلى العالم الآخر .
ـ البنية التكوينية :
ويمكن تجسيد البنية التكوينية لمسار الانتشار الدلالي كما يلي :
البقاء الرحيل
الحر الثلج
الحياة
الحياة الروحية الفطرية الحياةالماديةالصطنعة
لا الرحيل لا بقاء
الطبيعة التصنع
فلكي يتم الرحيل لابد أن تدوس ذات الحالة على كل القيم الإنسانية الأصيلة لعالم الصحراء( الحر ) المتجسدة في هذا الدفء الأسري و العائلي : الأم تتمسك برابط تقليدي كلحمة بين أفراد الأسرة ، فتحول صب الماء بوصفه مصدر الحياة و فأل خير يضمن عودة الراحل ، ونظرة الأخوة البريئةعبر حركات الأخ و الأخت وصوت الأب العليل ، ثم ابنة الخال الطيب ، إنه عالم من القيم الطيبة والأصيلة التي تتمسك بتيمة البقاء ، فعبر لغة الصمت يتوسل أفراد العائلة إثناء ذات الحالة عن السفر، في مقابل تيمة الرحيل التي تقف وراءها الأحلام و الأوهام ، ومتع الحياة المصطنعة و القيم الباردة ، حيث التعارض بين نمطين من العيش والرؤى إلى الوجود و الحياة :
الجوهر العرض
وحدات تأسيس للبقاء وحدات تأسيس الرحيل
ـ الوجوه السمر ـ الوجوه الشقر
ـ العطف والحنان ـ المال الوفيرو المباهيج
ـ الحب الصادق ـ التصنع و الافتعال ( تغاضي ذات الحالة عنه )
ـ العلاقات الحميمية ـ العلاقات المصلحية (.....)


عالم روحي عالم مادي
إنه الصراع الأزلي بين نزوع الروح إلى الانغماس في في قيم الحداثة المادية ، وإغراءاتها الخادعة ، التي أصبحت تغزو كل مجالات الحياة ، وبين القيم الروحية الأصيلة المكونة للجوهر الإنساني، وذلك ما عبر عنه هذا التجاذب النفسي العنيف الذي طال ذات الحالة بوصفها تمثل قضية جيل بأكمله .
تلكم بعض الخواطر التي أوحت بها هذه الرحلة الشيقة في عوالم هذه القصة / الحكاية التي تعتبر اختزالا لمشروع رواية ، تنفتح على عوالم إنسانية أرحب ، ذلك أن سقوط القدح من يد الأبن بوصفه عملية قدح للذاكرة أوقدت فتيلة الاستذكار، ودفعت السارد / ذات الحالة البش في الذاكرة 7، وهذا يذكرنا بحركة فنجان القهوة في "البحث عن الزمن الضائع " لمارسيل بروست .....
ذ : محمد مهيم
إحالات :
1 ـ القصة : الرحيل
2 - Dominique maingueneau : analyser les textes de communication. P . 88
3 سعيد بنكراد : السيميائيات السردية . مدخل نظري : ص119
4 ـ سعيد بنكراد : مرجع سابق .ص 76
5 – A.J. Graimas , J. courtés : sémiotique dictionnaire raisonné de la théorie du
langage .p 197
6- ib : p 29 30
7 ـ د.عبد المالك مرتاض : في نظرية الرواية .بحث في تقنيات السرد . ص 239
رد مع اقتباس