عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-03-2017, 12:51 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي عندما يتكلم الحزن

لقد توفي جارنا قبل فترة بسيطة، بعد أن أنهكه الشيب والمرض، فحضرت يوم الدفن، كما حضر نساء كثيرات، فكنت أجلس هناك في إحدى الزوايا، وقد أطلقت العنان لفكري؛ حتى يتجول بحرية عبر تلك الوجوه المكفهرة المتعبة، المحيطة بي من يمين ويسار، فوقع بصري على الخالة أم سلطان التي فقدت أكبر أبنائها، وأحبهم إليها، فلم ترزق إلا بسلطان ومحمد الذي ولد معوقا، وفتاة واحدة، فاتفق ذات صباح، أن همت زوجته بإعداد طعام الإفطار، ولكنها لم تستطع فتح أنبوبة الغاز، فقام لمعالجة هذه المشكلة، عن طريق الطرق بمفتاح الأنبوبة؛ حتى يخف الضغط فتنفتح، ولكن للأسف الشديد، فقد انفتحت الأنبوبة مع وجود شرارة نتيجة الطرق المتواصل، فتعرض لحروق، دخل في إثرها إلى غرفة العناية المركزة، ليقضي نحبه، مخلفا جبالا من الأحزان في قلب أمه. فكنت أنظر إليها وهي تنتحب، مرددة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما عن يمينها فقد جلست أم منصور التي فقدت ولدها وهو في ريعان الشباب، في إحدى ليالي رمضان، حيث طلب منه صديقه أحمد أن يرافقه لإحضار كمية من البنزين من أجل دراجته النارية، فذهب الاثنان ولكنهما وهما يعبران الطريق العام فوجئا بسائق سيارة مسرعة، حاول عدم الاصطدام بهما ولم يفلح، فراح ضحيته صاحب السيارة، حيث احترقت سيارته عندما اصطدمت بعمود إنارة الشارع، ومنصور وأحمد، واحترق رابع، وخامس قفز من السيارة قبل احتراقها، فكانت تلك الليلة ليلة ليلاء، على أهلهم وذويهم.
أما في الجهة المقابلة، فقد جلست أم سعود الذي كان في الصف الحادي عشر، فقد توفي ولدها سعود قبيل عيد الفطر، عندما مر به صاحبه الذي لا يملك رخصة سياقة، فانطلقا إلى مكان خال وواسع عند شاطئ البحر، بعد صلاة التراويح، فبدأ السائق يصول ويجول بالسيارة هناك، حتى اصطدمت بتل ترابي، وانقلبت فوق سعود الذي قفز من النافذة، فكانت عندها من أصبر الناس على مصابها، فبدت في العزاء والدموع تلتمع في عينيها، فكنت أستشعر مقدار ما تشعر به من الحزن والألم،

عبرت بنظري إلى أم صخر التي فقدت ولدها الأوسط علي، بعد ان أطلق عليه أبوه النار، ظلما وعدوانا، بعد أن سمع صوته في البيت مع أمه وأختيه، وكان قد طرده سابقا، فذاقت المر حزنا وألما، حتى إنها أصيبت بحالة نفسية رهيبة. كانت هناك تحضر الدفن؛ لأن المتوفى والدها.
أما هناك في الزاوية المقابلة، كانت تجلس أم صقر التي أصيبت بالوسواس بعد أن فقدت ابنها الأكبر صقر، الذي كانت تعد العدة لزواجه، فقد حضرته الوفاة في الملعب، بعد مباراة لكرة القدم، تألم الجميع لفقده وموته المفاجئ، وما زالت دموع امه لم تجف بعد.
أما في وسط الغرفة كانت تجلس، أم علي التي فقدت زوجها الشاب في حادث سيارة رهيب، في اليوم الثالث من أيام العيد الأضحى، بعد أن كان يتسابق مع أحدهم، فاراد التجاوز من اليمين، ولكن صاحب السيارة الذي أمامه لم يعطه الفرصة للاعتدال في الطريق، فاصطدمت السيارة بتخزينة الشارع بالقرب من محطة الوقود، فطارت من فرط السرعة، وسقطت فوق صدره، فتوفي هو وصاحبه المسكين الذي كان من أقرب الناس إليه، وقد كان صديقه لا يزال عريسا جديدا.
كنت أمرر نظري بين كل هذه المآسي، والثكالى، وقلبي يعتصر حزنا ووجعا، وللأسف الشديد فهذه ليست النهاية، فكل يوم نصادف أمثال هؤلاء النساء من حولنا. عافانا الله وإياكم، فكم في الصدر من غصة على فقيد فقدناه ولم نشبع من رفقته، ورؤيته، غفر الله لهم جميعا.

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة السوسن ; 24-03-2017 الساعة 12:56 PM
رد مع اقتباس