عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03-08-2016, 09:27 PM
عباس العكري عباس العكري غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
الدولة: البحرين
المشاركات: 72
افتراضي

حماقة

يبحث.. يرى جوزا ..
يقذفه جهلا .. يلتقطه جائع
يكسر دماغه.. يشبع

نقلا عن الفرحان بو عزة
يقذفه جهلا ../ هو لا يعرف فائدة الجوز بالنسبة للذات الإنسانية خاصة للدماغ ، فإن من حكمة الله تعالى أنه خلق الجوز متشابها مع الدماغ في بناء قشرته وتشكيلها .. فالبطل لا يحس بالجوع ، فلو كان جائعا لتذوقه ، فالجوع دافع غريزي للبحث عن الطعام ، وهكذا كان الإنسان البدائي يعمل على تجريب فواكه الطبيعة بعدما يتذوقها..
فكلمة "جهلا " حددت سبب القذف بالجوز بعيدا، ولكن السارد وظفها لتبيان الفرق بين الإنسان الجاهل بالشيء والإنسان المدرك لقيمة الشيء والمجرب له، بين الجائع الذي يطلب ما يغذي به جسمه دون تأفف أو اختيار، والجائع المغفل الذي قد يختار مأكولاته سواء عن جهل أو قصد.. وأعتقد أن النص يراهن على ظاهرة اجتماعية تكمن في أن الإنسان قد يتأرجح بين الوعي والجهل ، بين اللامبالاة والاهتمام ،بين الاستغناء والاحتياج، بين المعرفة والجهل ...كما أن النص يرمز إلى تلك الشريحة الاجتماعية الفقيرة التي لا يهمها الانتقاء والاختيار، بل يهمها أن تجد ما تملأ بها البطن.
جسدت الأفعال / يبحث/ يرى / يقذف / يلتقط/ يكسر / يشبع/ مجموعة من المشاهد المتدرجة التي خلقت صورا غير ثابتة، فهي تنبض بالحياة والحركة . فالبحث يدل على توزيع الرؤية البصرية في أماكن متعددة ، بحث تكلل بوجود الجوز، يتأمله ثم يقذف به ،فالبحث فيه انحناءة نحو الأرض ،والقذف فيه الإبعاد والتخلص منه. أما القسم الآخر من القصة فإنه يتعلق بالجائع الذي هرع للالتقاط الجوز وهضمه بعد كسره،والدافع لذلك هو الجوع الحقيقي بدل الجوع النوعي المبني على الانتقاء والاحتيار. بفنية أدبية متميزة عمل السارد على توليد حالات مضغوطة، مؤطرة بالصورة والتي تسمى في الأدب :الكتابة بالصورة .صور تجسد مشاهد متناسقة على مستوى الفعل والأجرأة، تبين بوضوح صراع الإنسان مع نفسه وذاته وفكره وفطرته.هكذا قرأت هذه الومضة الجميلة من حيث المعنى والمبنى.
مودتي وتقديري ..

__________________
رد مع اقتباس