عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 18-03-2013, 10:57 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية


أبو البنات السبع
الجزء السابع

أمّا أبو البنات السبع فإنّه وبعدِ إِنصراف الناسُ الذين زاروه في(الماريستان)
إختلى ببناته, وشرع يعتذِرُ إليهن عن تقصيرِهِ, وعجزِهِ عن توفير مؤنتهن
ولام نفسه على التوجه إلى إبن أخيه وسؤاله عن الحمار
لكنَّ البنات جعلن يُطّيِّبن خاطره, ويُهدّين من روعه, و يُطمأننه
فسألهن في قلق : وكيف تدبّرتن معيشتكن في غِيابي ؟
فأخبرهن بأنهن كنَّ يبعن ثوب إحداهن كل يوم, ويشترين بثمنه قوتا
فبكى سُرورا, حين علم أن بناته لم يسألن أحدا, وسجد سجدة شُكرٍ لله
شاهد رُسل القاضي صراع أبي ساعِدة مع الحمار, وسمعوا أقوال الناس
فنقلوا كل ذلك إلى أذنِ القاضي, بعد أن أشهدوا الشهود ...
فقال القاضي : إنّ غداً لِناظِره قريب ...
ولسوف يُشفى الصياد إن شاء الله, وحينها سوف أنصِفه, وأرد إليه كرامته وحقّه
بقي الصياد في(الماريستان) أربعة أيام, وفي اليوم الخامِس عصرا, غادره
وقد حفّ به أصدقاؤه الصيادون, وعندما صاروا على مدخل الحيِ
إستقبلتهم بناته, ونِساء الجيران بالتكبير و وبالزغاريد فسمِع الناس الهتافات
وأتوا مُهنئين على السلامة, ولما كثُرَ عدد الرِجال عملوا (مزفّا) وزفوه إلى كُوخِه
فوصلت أصوات الناس في (المزفّ) إلى مسمع القاضي, ولمَّا علِم
أنّ أبا البنات السبع قد غادر(الماريستان) وأمسى في كوخه ذهب إليه
مع مجموعة من وُجهاء البلد, وهنأوه على السلامة
ثم تلا القاضي : { وقُل جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهُوقا }
(الإسراء81)
و وعدوه بالإقتصاص و الإنتصاف من أم ساعِدة و من خدمِها المُتوحِّشون
في تلك الأثناء كان أبو ساعِدة قاعِدا في السُوق مع أصدِقاء له من التُجّار
وعندما بلغه ما يفعلُه الصيادون من الإحتِفاء بأخيه أراد أن يحُطّ من قدرِه
وأن يُحرِّض الناس عليه, لكنهم فارقوه, وذهبوا لتحية الصياد
والتسليم عليه فبقي أبو ساعِدة لوحده, وقد ثار غضبِهِ, وزاد غمُّه
فأخذ يصفع وجه نفسه من شِدّة الغيظ
في صبيحة اليوم التالي, أرسل القاضي من يسأل أبا البنات السبع إن كان
قادِرا على الحضور إلى دارِ القضاء, لمُواجهة غُرمائه
فأتى وقد أمسكه رجُلين من أصدِقائه الصيادين, كل واحد منهما يمسِكُه من عضِد
حتى أجلساه أمام القاضي, ورافقتهم بناته وهُنّ قلُقات خائفات, والحُزن يعتصِر أفئدتهن
وحضر الصيادون, لمناصرته, وكذلك حضر الصِبيان الذين عبثوا مع ساعِدة ...
وكان القاضي قد بعث حاجِبه, ومعه عددُ من رجال الشُرط والنقباء
إلى قصر أبي ساعِدة وأمرهم بِإحضاره مع زوجته وإبنهما ساعدة والخدم
عندما وصل الحاجب إلى قصرهم, وأبلغهم بأمر القاضي
رفضت أم ساعِدة المجىء, وعلا صوتها على رِجال القضاء, وأسأت الأدب
فقال لها الحاجِب مهدِّدا : في هذه الحالة يُحبس إبنك ساعِدة لِوحده حتى تنصاعين
و تأتين للإدلاء بشهادتكِ, فإن كان الحُكمُ عليكِ ضوعفت مِدة حبسِ إبنك
وحُبِستِ أنت أيضا مُدة طوِيلة
فأصابها الهلع, لأن زوال الدُنيا أهونُ عندها من حبسِ ساعِدة
فوثبت من جلستها, وهُرِعت إلى إبنها, وأحتضِنته وهي تبكي بحُرقةٍ ومرارة
ثم صرخت في وجه زوجها المرتجف خوفا قائلة :
إنهض أيها البدين, قبل أن يغتاظ منَّا ذلك القاضي التعيس, فيحبِسنا
ثم قدِموا إلى دار القضاء, يحُّف بهم الخدم والحشم, والناس ترمقهم
بأعين ملئها الكراهة , والإحتقار, بسبب جورهم وظُلمهم و شدة غرورهم
ولمّا أخذ أبو ساعِدة مكانه, إستدعى الحاجِبُ أبا البنات السبع
بأمر من القاضي, ولما وقف أمامه, قال له :
إبشِر يا بُني, فإن الله قد أظهر حقك, وفضح غريمَكَ !!
وكَشَفَ سِره, وردّ كيدَهُ إلى نحره ...
لم يفهم الصياد مقصد القاضي, لكنه إبتسم راضيا
ثم إن القاضي أشار إليه بالجلوس, وأمر بإستدعاء أبا ساعِدة
فلمّا مثل بين يديه, قال له : أما زِلت تنكر رؤية إبنك للحمار؟
فردَّ مُتذاكيا : كلا أيها القاضي الفضيل, لا أنكر أن ولدي
الشهم ساعِدة شاهد حِمار عمِه بين حميرنا وبِغالنا
قال القاضي مُتسآئلا : وكيف أصبح الحمار بين حُمِرِكم وبِغَالِكُم ؟
سكت أبو ساعِدة قليلا, ثم قال مُستدرِكا : إنّ هذا ما يُحيِرُنا يا سيدي
فلعله قد حنّ إلى رفاقه ...
قاطعه القاضي قائلا : أو ربما
جاء ليطمئنّ عليك ... فعجّ المجلس بِضحك وتهكُمِهِم الناس
بينما صمت أبو ساعِدة مخذولا
فقال له القاضي : أفتنكِر أنّ ساعِدة قد سرق حمار عمّه ؟
قال أبو ساعِدة : نعم أنكر, بل وأقسم أنه لم يسرق حمار عمّه
فقال له القاضي : عد إلى مكانك, وسوف نرى
ثم جاء الدور على أم ساعِدة , فسألها القاضي من وراء الحِجابِ قائلا :
ما شأنكِ يا أم ساعِدة وقد كِدتِ تقتلين نفسا بغير ذنب ؟
سكتت أم ساعِدة وقد تملكها الخوف, حين شعرت بعِظم جُرمها
فأستطرد القاضي : ألك حُجة تنفي بها تهمة الشروع في القتل عنك ؟
فلمّا سمِعت كلام القاضي, زاد خوفها, وأرتعشت أطرُافها, وإختلّ
توازُنها, ثُمَّ سقطت على الأرض, مغشِيا عليها, فسكت عنها القاضي
و تركها, و إستدعى إبنها ساعِدة
فلمّا مثُل بين يديه سأله :
لماذا كنت تضع لُثاما على وجهِكَ, عندما التقاك هولاء الصبية ؟
وأشار القاضي إلى الصبية
لم يحُر ساعِدة جوابا, فسكت, وأمعن في السُكوت ..
قال القاضي : فهل رأيت حِمار عمِكَ أبي البنات السبع في ذلك اليوم ؟
ردَ ساعِدة سريعا : لا. لم أره
قال القاضي : إذن فأنت تُنكِرُ رؤيةَ حِمار عمِكَ في ذلك اليوم ؟
قال ساعِدة : نعم. أنا لم أرى حِمار عمِي ذلك اليوم
أصيب الحاضرون بالدهشة, من قُدرة ساعِدة على المرواغة, وتكذيب أباه
ولكّنَ القاضي كان أكثر دهاء, ومكرا من ساعِدة ومن أبيه وأمِه
لذلك عمِد إلى حيلةٍ محكمة, يوقع بها هولاء الأشقياء في يد العدالة

يتبع ...

إن شاء الله
[/size]
رد مع اقتباس