عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 05-03-2013, 12:17 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي

حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الخامس

ولما وصلوا إليه بادره الحاجب بالقول :


أما لك من سلطان على زوجتك يا رجل ؟


الا تخافان الله ؟ أهكذا تصل رحمك ؟

أهكذا تساعد أخاك ؟

فإنها قد فتكت بذلك الصياد المسكين أبا البنات السبع

و كادت تزهق روحه

فأحس أبو ساعِدة وكأنّ جبلا هائلا قد أُزيح عن كاهله

عندما سمع خطاب الحاجب
وعلم أن لا أحد قد فضح كيده, أو كشف تدبيره مع العيار
فتحجر قلبه ...
و أنسلخ من آدميته, وصار وحشا كاسرا
و رد بحزم وجبروت : إن زوجتي إمرأة راجحة العقل

وهي لن تتعرّض لذلك التعيس

أو لأحدٍ سواه بمكروه ما لم يسئ الأدب

أو يرتكِب أمرا قبيحا يغضبها

أو يستفز مقامها الكريم !!

فلما سمع الحاجب منه ذلك,الكلام قال غاضبا :

فإن القاضي ينتظرك
فذهب معهم معتدا بنفسه, تكاد عنقه تندقُّ من فرط

الشموخ الزائف
وتنادى أخوال ساعِدة وعُصبتهم, وتوجهوا إلى دار القضاء

وقد كثُر لغطهم

لم يكن أبو ساعِدة يعلم أن الحمار موجودٌ في غُرفته

بل وفي خزانة ملابسه

عندما أسمعه القاضي شكوى الصياد فثار غضِبه

و إشتد سُخطه على أخيه
فهاج وماج, وأرغى وأزبد, وعلا صوته

و إرتفع صراخه وضجيجه

فسمعه الناس خارج دار القضاء, فأيقظ فضولهم

فقدموا مسرعين

وسمعوه يقول :

إنك غير منصف أيها القاضي, تتهِمُ ابني بالسرقة

و ليس بيدك دليل ولا برهان

قال القاضي :
لا أحد يتهِم إبنك, كل ما في الأمر أن أخاك أراد أن يسأله
إن كان قد رأى حماره, ولكن زوجتك ,وخدمك

عاجلوه بالشتم والضرب

فهل تنكر أنَّ إبنك ساعِدة قد رأى حِمارِ عمه ؟
رد أبو ساعِدة ردا قبيحا, فقال :
بل أقسم على ذلك, وإن شئت أيها القاض

فإبعث رجالك ليفتِّشوا عن الحِمار بين حميري وبغالي
ذهبت رُسل القاضي, وفتشوا زريبة أبي ساعِدة

فلم يعثروا على الحمار

إذ أن ساعدة وإخوته كانوا قد أصعدوه إلى غرفة أبيهم

وأغلقوا عليه في خزانة ملابسه
ليفاجئوا أباهم مفاجأة سارة, عندما ينهض من قيلولته
كما يتمنون !!!
وعند ما عادت الرسل, ولم يجدوا الحِمار, قال القاضي :

برِئت ساحة إبنك من رؤية الحمار
ولكن ماذا عن إعتداء زوجتك, وفعلها بأخيك ؟

وضرب خدمك المبرح له ؟
قال أبو ساعِدة :

إنه قد تجرأ على إتهام إبني الهمام بما ليس فيه

وأساء إلى سمعته الطاهرة بهذه الأكاذيب

ورماه بالسرقة زورا وبُهتانا
فهو يستحق أن تُضرب عنقه, لا أن يجلد !!!
فسكت القاضي, وهو مذهول

ثم إنه رفع الجلسة لأداءِ صلاة الظُهرِ

وأنصرف الناس
خرج أبو ساعِدة من دار القضاء نشوانا جذلا

قد غمرته الفرحة وطغى عليه السرور
فلقد تحقق له مراده, في حِرمان أخيه و يناتَه من الإنتفاع بالحمار
وأعتقد أنه حققَ نصرا تايخيا مُؤزّرا, وأنه لن تقوم لهم قائمة

وأيقن أن مؤامرته الدنيئة مع العيار لن تُكشف

فزاده هذا الظن بِطرا وغُرورا
ولم يسأل نفسه عن مصير الحمار
فلما دخل قصره نادى بأعلى صوته : يا أم ساعِدة أقبِلي ...
فأتته مُتثاقِلة, مقطّبة الجبين, عابِسة الوجه, مُتجهِّمة

فلمّا رأى منظرها فزع وأرتاع ولكنه تماسك وتضاحك
وقال لها مُمتدحا :

أحسنت صنعا أيتها الأصيلة
لا عدمتُك, هكذا تصنع الحرة, وهكذا تكون الأمهات ...

لقد لقّنتي ذاك السفيه درسا لن ينساه

ولن يجرؤ بعدها على النيل من سمعتنا

ولن يكون بمقدور بناته السبع التافهات أن تقف

لِتناظر فتيتنا السبعة النُجباء
قالت أم ساعِدة ساخِرة :
يا لك من رجلٍ مهين, أتكتفي بعقوبتي له ؟
إذهب إليه أنت بنفسك الآن,
وقم بتأديبه بكل قسوة وغِلظة, لكي لا يعود لمثلها أبدا
قال أبو ساعِدة مُرتجِفا : سمعا وطاعة

ولكن أولئك الصيادون التُعساء
قد خرجوا للتو من صلاة الظهر, وهم مجتمعون أمام

(الماريستان)
وأخشى إن أنا عرضت له, أن يفتكوا بي ...
أعرضت عنه أم ساعِدة وهي ساخطة, تسُب وتلعِن ...
أما هو فقد صعد إلى غرفته, مُبتهج بالنصر المؤزر

الذي حققه على أخيه

الفقير المُعدم المسكين و بناته السبع اليتامى

ولم يتخيَّل أن الحمار في غرفته

فألقى بِجثته الضخمة على السرير وهو متخم

بعد أن التهم الكثير من الطعام
بينما حَرَمَ بناتَ أخيه من القوتِ في ذلك اليوم ...
إذ أن أباهن راقد في (الماريستان)
يثئن من وطئة الألم, كسير الخاطر, حزين, مُهُموم
كان أبو ساعِدة مُثقلا, وقد أرهقه إستجواب القاضي

و نكّد خاطره ذم زوجته
فأراد أن ينال قِسطا من الراحة, وما إن وضع رأسه
حتى غط في النوم.
فنامَ نومة أهل الكهف, وحين أستيقظ وجد نفسه

مُتأخِرا عن السوق
وقد ولى وقت العصر, وفاته مجلس القوم

فاراد أن يرتدي ملابسا فخمة
تُظهر سطوته و جبروته, فأندفع نحو الخزانة

وأمسك بالمغلاق يرزعه

وما إن أحس الحمار بحركة الباب حتى ...



يتبع



إن شاء الله



ناجى جوهر



التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 05-03-2013 الساعة 01:42 AM سبب آخر: تلوين
رد مع اقتباس