[حمد السيابي]

وجه يبحث عن الحقيقة

أفكار لا تعرف العناء .. ومتاهات لا تعرف المخاطر .. ووجه يبحث عن الحقيقة .. تلك الحقيقة المدفونة تحت أنقاض الماضي .. ذلك الماضي الممزوج بوهج اللقاء .. وجه تصرخ قسماته .. يحاول اختزان ألمه .. يبعثر ابتسامته محاولا إخفاء واقعه المؤلم .. وجه يعرفني جيدا .. رافقني دوما نبحث عن أسطورة امرأة .. امرأة جعلت مني وهجا .. امرأة علمتني معنى الحياة .. أخذتني إلى ما هو أبعد من البعيد .. أشعلت داخلي مواقد كانت خامدة .. وفجرت آلاف ينابيع الشوق الدافئة .. ورسمت خطوط العالم على يدي اليمنى .. ومدارات النجوم والكواكب على يدي اليسرى .. علمتني كيف أكون في عالم مليء بالضياع .. امرأة ملأتني عنفوانا .. وأيقظتني من حلم مخيف .. امرأة تعني الكثير .. هي أرقى الحضارات .. وأحلى الأمنيات .. وأشهى ثمرة في حدائق النساء .. هي عالم جميل .. هي قنديل مضيء في ظلام دربي الدامس .. هي ميلاد أسطورة لا تعرف سوى طعم التحدي ومذاق الكبرياء .. هي امرأة أخذتني إلى حيث لا أدري .. رأيت حينها أن العالم لا يسعني .. أنا وحدي من رأى روعة الخالق تجلت في حضور كيانها العذب الجميل .. أنا وحدي من تذوق طعم العنب من شفاه تسكر كالنبيذ .. هي بلسم الألم .. هي وجه النهار .. هي الحلم والحقيقة .. هي الدمعة والابتسامة .. هي امرأة تعني وجه المستحيل .. وجه غاب لحظة اشتياق .. وحقيقة ضاعت لحظة اختناق .. وألم لم يجد أمامه سوى وجهي فاتخذه ملاذا ليعصرني .. ويقذف بي في متاهات الضياع .. لأصرخ حينها وقد فقدت حقيقتي في عالم يبحث هو الآخر عن حقيقته .. خلت نفسي أني قد فقدت وجهي .. ليته حدث .. بل فقدت حقيقة وجهي .. لقد ضاعت ..فلم تكن سوى سراب في رمال الحياة .. هذا السراب لم يكن سوى حب امرأة وجدت في حضنها كل ما أفتقده .. ووجدت في جسدها كل ما أشتهيه .. وفي كلامها ما هو أشهى من مذاق العسل .. وفي لقائها أنشودة المكان وحلاوة الأحضان .. امرأة وجدت في خيالها الواسع براءة الطفولة وعذوبتها .. وجدت في محياها الجميل حقيقة وجهي ووجه حقيقتي هي النور .. هي الميلاد .. هي قبلة الحب .. هي الطفولة في أرقى معانيها ..
هي وجه حقيقتي .. وحلم طفولتي .. وخيال قصيدتي التي لم أكتبها بعد ..