عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-11-2009, 01:51 PM
نبهان الحنشي نبهان الحنشي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 29
افتراضي المثقف العماني..بين مطرقة المجتمع وسندان الإبداع.

إذا وقع المثقف في مأزق المعيشة البعيدة تماما عن اهتماماته.. نقول هي طبيعة الحياة العادية جدا... وضريبة الخيارات التي نعي اهميتها متأخرين جدا...
وإذا انزلق المثقف في طريق سالك غير وعر ولا مظلم.. قلنا هي طبيعة المثقف العادية جدا.. يغفو حينا.. ويصحو حينا.. ويكون في أحيان ما في غاية التركيز.. ويكون في غالب الحال بعيدا جدا عن التركيز...
وإذا تكرر مشهد التأزم المادي الذي يعيشه المثقف.. قلنا هي الحالة المادية العادية جدا للمثقف..ذلك أنه كائن لا يعيش كباقي الكائنات.. لأن غايته التي "يستسفهها" الكثير، لا تتضمن في حقيقتها المادة بالدرجة الأولى.. وأن أيّ مثقف يساوم في الأمرين بين أعمال تنفخ من جيبه وقلم يملأ من بياض أوراقه.. فلربما يكسب الأولى ولكنه بالتأكيد سيخسر الأخرى بلا ريب.. ذلك أن الثقافة كالعبادة في الشكل كثيرا وفي المضمون قليلا.. وكما يحدث في العبادة حين لا ينفع إلا عبادة رب واحد.. إما الله وإما المال.. كذلك يحدث في الثقافة..غالبا وليس دائما!!
ولـكن...حين يصبح المثقف لقمة سائغة للجميع.. وإمكانية تنَقلّه من محكمة لأخرى كما يُفعل عادةً بالمجرمين، بسبب أنه أخطأ بكونه مبدعا.. وأجرم كونه تخيّل..فترجم ما تخيّله بقلمه.. وإمكانية رميه بالحجارة وجلده كما يُفعَل بالزناة.. وربما قطع يد إبداعه كما يُفعَل بالسارقين.. فهذا لا يعني إلا أمرين لا ثالث لهما:
- غياب المساندة الكافية والمُطمئنة للمثقف من المؤسسة الثقافية. والتي غالبا لا تبرعُ إلا في التحصل على وساطة المنصب ورضا المسؤوليين.
- عدم وجود الوعي الكافي للمجتمع، بأهمية المبدع وحساسية العمل الكتابي الذي يُقدّمه، الذي يشكل في غالبه همّا لا يُثنى عليه ولا يُقدّر.
وأي أمر ثالث هو مجرد وهم.
ولعل المثقف الأديب في عمان، كالسامريّ، محرم اتباعه ومساسه.. وأي عمل يأتي به هو من صنع الشيطان وجب التعامل معه بالأوردة والتعاويذ.. وأحيانا بالقضاء إن لزم الأمر.. لأنك تتعامل مع شخص في مفهوم البعض، وظيفته هي فضح المجتمع وسلخه والتباهي بأخطائه.. وتم تجاهل فكرة : أن المثقف مجرد كائن عادي في عمومه، متميز في خصوصه، وأن كل ما يصدر عنه من قول أو عمل، مجرد ممارسة للحرية العادية المتمثلة في قول رأي ما أو التعبير عن مشاعر ما..
المؤسسة الثقافية في عمان بعيدة تماما عن الوقوف بجانب مثقف ينزلق أو يتوّرط أو يفلس أو يُحاكم أو يقدمه العامة ذبيحة أو لقمة سائغة.. يبدو أن المؤسسات الثقافية.. غير مطالبة بالوقوف مع مثقف لا يُراعي احترام الآخرين.. ولا احترام مجتمعه.. فالبتالي وجب أخذ جزاءه.. وربما هي ستكمل على ذلك بأن تتجافاه وتتجنبه وتمارس القطيعة بحقه..
المثقف العماني في أزمة مزعجة.. وغريبة.. ومدهشة.. وعبثية ومؤلمة وتصيبك بالغثيان... تفسيرها الوحيد هو: عدم النضج المجتمعي لأهميته.. وأنه سيظل دائما يبحث عن مكان غير متوفر.. ومكانَةٌ لم ولن يطولها.. فصاحب العقار والتاجر أهم من قلم مزعج تافه فوضوي.. ومثقف يُتقن التصفيق والتطبيل والتهريج والمدح والثناء.. خير من مثقف جاحد للنعمة مثير للقلاقل..
الحالة التي يعيشها المثقف لا أدري ما هو السبب الرئيسي لها.. ولكن غياب المساندة الرسمية من المؤسسة الثقافية للمثقف شيء يثير التساؤلات والريبة والشك.. فما هو دور المؤسسة الحقيقي إذن، وهل هي على علم بما يحدث للمثقف حقا.. وكيف يحدث، أن لا توضع إلى الآن وثيقة تحمي المثقف الكاتب، وثيقة صريحة وواضحة، تتحدث عن ما هو مسموح وغير مسموح له الكتابة عنه،ولماذا لا تُوضح حقوقه المادية في النشر..
لا ندري من الذي سيقع غدا.. ولا ندري من هو في القائمة حقا... وربما خميس قلم وسعيد الحاتمي وحمود الشكيلي مجرد تحلية لوجبة دسمة أكبر وأشمل.. وأن الكتابة في عُمان.. هي إجرام لا بد من التخلص منه ومحاربته مثلما يحدث مع السرقة والمخدرات.. وأن الكتابة المرغوب فيها هي كتابة تسقط عنها الأسماء والأوصاف والأحداث.. كتابة صمّاء بكماء عمياء.. والكتابة الوحيدة المسموح بها.. هي كتابة التصفيق والتطبيل.. لأننا بين أناس كاملون متميزون.. فكيف يأتي من يُنقص من قيمتنا... ويظهر عيوبنا..؟؟؟
ولكم في مصائبنا عبرة يا أولي السقطات...
رد مع اقتباس