الموضوع: هو الحبّ
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-02-2010, 10:58 PM
الصورة الرمزية داود السريري
داود السريري داود السريري غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجنّة
المشاركات: 33
Post هو الحبّ






( هو الحبّ )














مدخل





كلّما جاء صباح
يطير عصفور
إلى نافذة
لينصت إلى
تواشيح لحن امرأة .

قد نهضت من نومها
مرتدية البياض
وفي وجهها ملامح ماء
والعطر ..
البنفسج ،
ويدها
المحبرة .

يذوب على فمها
حبر شاعرها
وتبارك بعينيها
أبيض ورقه
وتخفي عن وجهه
الوهن .

من ثقوب الوقت
وتساقط القلق
وجذور الحزن
التي مضت عميقاً
كان شاعرها ،
يكتب ..
نشيد الوطن .



مخرج





برقت إلى بالي مشاهد شتّى ، صور عبرت بها أعواماً مضت ، أحلام مشت خطوات قلقة ، أمان نبضت على غصون أيّامي ، وتساقطت على دفتري حكايات الفرح ، والحزن .
رأيتُ أنهر مشاعر تفيض على وقتي ، رأيتُ الأفق ، والشمس تميل إلى الغروب .. تهيأ حضور الظلام ، تخفي الخيط المضيء في صفحة السماء .
تكثّف نظري إلى الأفق ، لأرى ما ينجبه لي غدي الموعود .

______


في الازدحام ، وانشغالي بالضجيج المتصاعد ، والانتظار الموسوم على جبيني، في وسط انغمار الذكريات المنسيّة ، ونثيث الشوارع ، والمطر الذي يهمي على نافذة غرفتي .
في كلّ هذا ..
كانت عيناك تجعلني أصحو من نعاسي المؤقّت
وشعركِ ..
يعبر بي حقول الحبّ
كنتِ أيّتها الجميلة
تورقين في قلبي
كشجرة
في الصحراء
ترتعش من دفق
الأمطار المجنون .


______



وقفت أرقب لحظات الاغتراب ، والفصول الخريفيّة التي مرّرت فيها ، ولعي المجنون بالذكرى ، الحرف القاسي صمتكِ ، بوحكِ البحر القصيدة المكتملة التكوين ، بوح الياسمين ، واحتفال قوس قزح بالمطر ، ونهار لم تكوني فيه سوى زائرة تجيء وتروح ، ورسائل حبّ نثرتِها ، ولقاءات لعاشقين مبتدئين ، يخافان أن تعتقلهما ( القبيلة ) في أقفاص عيونها .


______


مبلّلاً بالذكرى ، أدخّن بشراهة سيجارة الأحلام التي تراودني ، أخرج إلى الشاطئ لأتأمّل وقع الزحام ، ومعانقة الضوء جسد الماء .
البحر يا مولاتي ، أما كان حكايتنا الأثيرة ، وخطواتنا على الرمل ، والمطر الذي لم ينقطع عن الغناء منذ أتيتِ ، وقلبي المتدثّر بعينيكِ ، مبلّلاً بالذكرى كنتُ ، عارياً ويتيماً كنتُ ، ولم يكن اخضرار الحقول ليغريني بلذّة الفرح ، ولا العبور إلى أزقّة الربيع .


______


حتّى الصباح
لم أنم ..
إنّما بقيت مشتعلاُ
ببريق عينيكِ
أرقبها وهي
تزداد وهجاً
لتقترح حدوداً لوجودي .


______



تأمّلتُ وجهي في المرآة .. ارتكبت ، وكأنّي أراني موغلاً في غابات النسيان ، وكانت عيناك أمامي .. كانت أمامي ، تكتب على وجهي ، وصولاً إلى الدهشة ، حكايات الشوق والحنين ، تغزل لعمري بخيوط نورها ، توقظ أيامي من سبات راودني كلّ خفق ، وانهزام ، وانكسار ، تمحي أحزان وقتي ، تلملم أوراقي الذابلة .


______


مواسم مؤجّلة لم تبح بسرها ، إذ تقطّر في مدى عينيها بريق الحنين ، وانزوائها إذ استبد بها الكحل خلف ستار الخجل ، فكأني أنظر إلى صفحة ماء وأرتبك .


______


في كفّ السنين القادمة ، رأيتُ على وجهي المرهق وطناً .. تحسسته ، تبعته .. فانبعثت من رمادي ، ومرّ على وجهي نسيم بارد ، وطن .. الحكمة التي آمنتُ بها ، خلاصي .. وطن ، أخذ يسحبني في عمق هذا الوجود ، وأنا أوغل أوغل تاركاً خلفي الليل المخبّئ بالهزائم .. لأرتمي في حضنه الأبد .


______


هو الحبّ
الرهبة
النور الأزلي
ينحدر إليّ
كتراقص الضوء
فوق الماء
وما كنت أبصر سواكِ
أيّتها الندى الهف
المتساقط على جسدي
بداية خطواتي
ونهاية أشيائي
مأخوذاً بعينيكِ
صوتكِ ..
مرمم القلوب
هو الحبّ
تراقص الأنامل
فوق بياض الورق
وخطاكِ على ردهات قلبي
تسرّب النور
في ( شرفة فجري )
عصف الرعشة
في الجسد
وانهمار البياض
في معابر الروح
وطن أنتِ
فعل بي
ما لم يفعل ( الوطن )


______


تدافع جسدي خارج الغرفة ، مثقلاً بالخطايا ، موهناً من فرط أوجاع لم يتعهّدها صمتي ، تدافعتُ ، أخطف الفرح الملّفع بصوتكِ ، حتّى أنخطف في بهجة اللقاء ، إذ يعبر بي في زحام الوقت ، أسرّح الهمس المصحوب بأنفاس الخوف ، أطوف حول مواقد الروح المشتعلة ، وانعتاق هذا الخاطر ، وتناثر أحرفه في الريح ...


______


ولم تهدأ الريح
ولا وردة
شمّها القلب
لمّا انتظر .
****


كيف أوغلتُ
في الحبّ
حتّى أراني
أشعل قناديل
سهر .
****

أرى سريع قلبي
وخطوي الأطول
في الوقت ..
وفي الحبّ
دهر .
****

غيمة صيف
تفتحين دفتر مطركِ
في حقل أنفاسي
تبلّلين وقتي
إذ صارت يدك
دواة
وقلبي سطر .
****
من كتب الحبّ القديمة
جئنا
تلبّسنا النور البهي
وغنّتنا أجراس حدائقها
والعطر .. نام
إذ تحوّل وجودنا
بنفسجاً .. ودِفلى
في القلب
أزهر .
****

غطّت الفراشة
فوق شعركِ
وأتكئ الورد
على مقلتيكِ
والعصافير ..
حوّلت جبينكِ
مسرح غناء
ونهضت من نومها
أغصن الشجر .











__________________



(الحريّة ليستْ في أنْ نتخلّى عنْ ما ننال.الحريّة في أنْ نتخلّى عنْ ما نحبّ
) رواية ( لون اللعنة ) لِ الرّوائي الليبي ( إبراهيم الكُوني )


(حمار بين الأغاني) مثل إيطالي
عنوان رواية اليمني ( وجدي الأهدل )
رد مع اقتباس