عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-02-2014, 09:25 PM
إدريس الراشدي إدريس الراشدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2012
الدولة: دياري وإن جارت علي عزيزة ,, وأهلي وإن قسو علي كرام
المشاركات: 937

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يزيد فاضلي مشاهدة المشاركة
...( الإحباط )-أخي الحبيب إدريس-هو إفرازٌ طبيعيٌّ لعدةِ عواملَ ذاتيةٍ-في كينونةِ الإنسان-أو عوامل مؤثرةٍ في المحيط الذي يتواجد فيه ويتعامل مع أفراده...

طبعاً..لا يختلف اثنان أن ضعفَ الإيمان وخواء النفس من رقابة الله عز وجل مدخلٌ رئيسٌ لكل هَبَوَاتِ اليأس والقنوط والاكتئاب والإحباط..ولا يختلف اثنان أبداً أن رصيدَ الإنسان من إيمانه بربه يُلقي في روعِه جرْعاتٍ من إكسير الأمل والتفاؤل والإقبال على ( صناعةِ الحياة ) ولو كان المغرَمُ أشدَّ وطأة ًوأحدَّ قسوة ً..!!

...ثم هناكَ عواملُ موْضوعية أخرى...

لعلَّ ( عقدة النقص ) في مجالٍ من المجالاتِ الحيويةِ ترمي بصاحبها-آجلاً أم عاجلاً-إلى براثن اليأس وفقدان الأمل والثقة في كل ما هو جميل ومبدِع...

إنه المعنى الذي رددناهُ ونحن تلامذة صغار مع شاعر المهجر الأكبر إيليا أبو ماضي :

والذي نفسه بغير جمالٍ ** لا يَرى في الوجود شيئًا جميلاَ..!!

عقدة النقص تجعلُ من الإنسان طعماً لرداتِ الفعل تجاه مَنْ حوْلَهُ..لأن الدميمَ يرى في وجود الجميل عدوانا عليه..والضعيفُ يرى في وجود القوي تجنٍّ على حِمَاه..والناجحُ يَرى الفاشلَ مُغِيراً على واقعِه..وهكذا باقي النظائر...

فشيءٌ طبيعيٌّ أن يتولدَ اليأسُ والإحباط في نفسِ صاحبنا مادامتْ عقدة النقص لعنة ًتجاورُ وجودَه حيثما حل وارتحل...

ثم هناك عاملٌ آخر...

إنه ( المحيط والبئية ) بما فيها من أشخاصٍ ومجتمع...

أكثر النفوس إحباطاً وانكساراً في مجتمعاتنا هي تلكَ التي جرَفَ المجتمع الظالمُ آمالها وأحلاَمَها ورمى بها في ردهاتِ الضياع...

وانظر معي-أخي إدريس-إلى هذه الكلمة العميقة للإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله في أثر البيئة على الإنسان :

(( الليثٌ بن سعدٍ-فقيه أهل مصرَ-أفقهُ من مالكٍ..ولكنَّ أهلَ المدينةِ أوفى لمالكٍ من أهل مصرَ.. ))...

إن أهلَ المدينة احتضنوا مالكاً ودفعوه للصدارةِ فانتشر مذهبُه،بينما أهلُ مصرَ أهالوا الترابَ على فقه الليث فلم يتجاوز الفسطاط..!!

إن البيئة والمجتمعَ والمحيط له دخلٌ قويٌّ في إيجادِ صورةٍ نمطيةٍ معينة للإحباط والاكتئاب في نفوس أفراد تلك البيئة..وكذلك في إزاحتها بالتفاؤل والاستبشار والطموح...

ولما كان الإحباط كالعدوى..فما من ريبٍ أن الإحباطَ سيجدُ ترويجاً من نفوسهم إلى غيرهم...

في تقدير أن الإنسانَ المحبِط ( اسم الفاعل بكسر الباء ) هو أيضاً ضحية ما استقر في كيانه من إحباطٍ وانكسار،وهو مع إمكانيةِ التقرب منه ومحاولة وعظه بالحسنى وإرشاده بطرق نفسيةٍ معينة،وربما زجرهِ إن اقتضى الأمر في لحظةٍ ما تستدعي الزجرَ،إلا أنه يبقى مثيراً للعطف والإشفاق اعتذاراً لظروفه وانصافاً لحاله...

المحبط والمُحبَط-في تقديري-يكونان في كثير من الأحيان وجهيْن لعملةٍ واحدةٍ..كأنهما الفعل وردة الفعل...

مع هذا يبقى الإسناد من المجتمع-أفراداً وجماعاتٍ-هو الوقاية المثلى من شيوع ( ثقافة الإحباط )..

وإن أولى معالم التعامل مع المحبطين والمحبَطين تأتي أساساً من شيوع ( روح التفاؤل ) في أوصال المجتمع في عقد الشراكة الاجتماعي بين الراعي والرعية..بين الكبير والصغير..بين الأستاذ والتلميذ...بين المخطئ والمُصيب..بين المتعثر والناجح...

إن إيجادَ طرفِ الخيط بين أطراف تلك المعالم،هو في تقديري طلائع البشائر في مكافحة اليأس والآيسين...

شكراً-أخي إدريس-على جمال الطرح...وشكراً لمن أدلى بدلوه...ودمتَ دائماً إدريسَ الجميلَ الوضيء الذي لا تندرسُ آثارُه بيننا أبداً...
أخي العزيز وأستاذي القدير يزيد فاضلي

بدايةً .. أشرت الى نقاط هامة جدا الا وهي أن الإحساس بالنقص في أي جانب من جوانب الحياة قد يولّد لدى المرء ذلك الشعور المنكسر ( الإحباط ) ، كما أشرت أنّ البيئة لها ألأثر الكبير في تلك الإفرازات (إيجابية كانت أم سلبية).وأضيف علاوة على ما أشرت اليه: بما إن ضعف الإيمان وقلّة الوازع الديني هو أهم الأسباب في خواء الأنفس وهوانها ، ففي المقابل كلّما انار القلب والروح إيمانا وتُقى فإن ضياء الأمل والتفاؤل لا يخبو مهما كانت الظروف هكذا تسمو الطاقة الإيجابية لدى المرء فتقتل تلك الروح الانهزامية.

كم من الناس من تجده يمضي قدُما بخطى حثيثة نحو هدف ما ، وبمجرّد ما يعترض طريقه إمتحانٌ ما إلّا وتجد أوراقه تتساقط فتتولّد لديه تلك المشاعر السلبية من إحباط وغيرها ، والإيجابي من يُحسن فهم الحياة وأسرارها بأنّ درب المعالي والنجاح تتطلّب الصبر على الصعاب ، الصبر تجاه المطبّات والعوائق ، والصبر تجاه العوامل المحبّطة والمثبّطة.

يقول الله سبحانه وتعالى:
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) . سورة فصلت

أخي يزيد ، لا أدري كيف أفي كلماتك حقّها ، فقد أثرت الموضوع برؤيتك وفكرك النيّر زادك الله علما ونورا ، وتقبّل أطيب التحايا مع خالص الود والتقدير
__________________



التعديل الأخير تم بواسطة إدريس الراشدي ; 02-02-2014 الساعة 09:34 PM