عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-09-2014, 10:50 AM
الصورة الرمزية زياد الحمداني (( جناح الأسير))
زياد الحمداني (( جناح الأسير)) زياد الحمداني (( جناح الأسير)) غير متواجد حالياً
مشرف الكتابات العامه
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 2,482

اوسمتي

افتراضي القراءة النقدية الثالثة (( دخان الخيانة ج1)) للكاتب ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


يسرني ويسعدني أعزائي الكرام طرح هذه القيمة السردية الراقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكاتبنا الأنيق الأديب أ. ناجي جوهر نتباحث هذا الفكر المنساب الجذاب ..

في سلسلته الرائعة (( دخان الخيانة)- (حياة الريف)) الجزء الأول..








الجزء الأول

حياة الريف


كان يا ما كان في سالف العصر و ماضي الزمان
كانت هناك أسرة مكونة من رجل و امرأته و إبنهما
يسكنون في منطقة ريفية
تبعد خمسة عشرة كيلو متر غرب المدينة
الرجل في الخامسة والعشرين من العمر.قصير القامة
أسمر اللون,تشعر بأنه فقد عزيزا منذ عهد قريب حينما تنظر إليه
و ذلك بسبب مسحة الحزن التي تعلو وجهه,و لفرط حياءه
لا تكاد تسمع كلامه,فهو على درجة رفيعة من الأخلاق الحسنة
زوجته إمرأة عشرينية أيضا,بيضاء هيفاء غيداء
متدينة, رقيقة المشاعر
محبة لزوجها و ولدها إلا أنها ضعيفة البنية,عليلة الجسم
أما وحيدهما فهو ما شاء الله
في منتهى الطاعة لوالديه يحبهما حبا جما
ذكي الفؤاد, متقِّد الذهن,غير هياب
حكيم رغم صغر سنة,إلى درجة أن والده كان يستشيره
في كثير من الأمور لثقته في رجاحة عقله و صواب نظرته
تمتلك هذه الأسرة الصغيرة السعيدة قطيعا من الأبقار
وجملا ضخما,وعدة رؤوس من الماعز, وهي ثروة في ذلك العصر
أمّا مسكنهم الريفي فيتكون من كوخين متجاورين
وبهو يسمى باللغة الشحرية ـ حُش ـ ويحيط بالمسكن سور عريض
مصنوع من أغصان الشجر اليابسة, تغطيه النباتات الزاحفة مثل:
(بيدأول,قمراوت,لوسزيف,شثكلفن) وغيرها من النباتات المتسلقة
وبجوار المسكن توجد حظائر الحيوانات
و بيت الماء المسمى ب ـ سحيحه ـ
تقع شجرة ـ طيق ـ باسقة على بعد أمتار قليلة من مسكنهم

وتحيط بالمكان سهول ـ جربأوب ـ و أودية ـ نحِر ـ
ومرتفعات وهضاب وجبال ـ حِيُر بجيلتي ـ
تشعرك رؤيتها بالبهجة, خاصة في موسم الخريف
وعلى بعد أمتار عديدة أخرى توجد مساكن مربي حيوانات آخرين
هم عادة من الإخوة و بني العم و الأقارب و الأرحام
توجد عين ماء تسمى ـ ميحيسي ـ على بعد نصف ميل من الحي
أمّا المراعي فكما ذكرنا سلفا تمتد على مساحات واسعة
من السهول و المرتفعات,والتي يكسوها العشب صيفا,أى في الخريف ـ محليا ـ
أما في غير الصيف فتتوفر الأعشاب اليابسة ِـ شثعر ـو الشجيرات
و الجنبيات والأشجار المحلية مثل:
تُورآيل,صاغات.حيناء, حرأوضظ وغيرها

مع ساعات الفجر الأولى تنهض الأسرة السعيدة لأداء الصلاة
و من ثم ينشطون لممارسة الأعمال اليومية
حيث يحضر الولد كمية من الحطب الموجود خارج الكوخ و يشعل فيها النار
داخل المطبخ الموجود في ركن الحوش
ثم يذهب لمساعدة والده الذي يتولى حلب الأبقار
بينما تقوم الأم بعجن الدقيق و خبزه
بعد الإفطار ينصرف كل إلى مهمته, الأب يتفقد الحظائر و يصلح التالف منها
ثم يتفقّد الحيوانات وخاصة الحوامل والصغار والمريضة والمسنّة
وبعد ذلك يذهب إلى الحقل المجاور للمسكن ليقوم بسقاية ورعاية النباتات
المزروعة وهي: الخيار ـ حشثبىء ـ الذرة الشامية ـ ذى رت ـ والبامية ـ سزمرحأوت ـ
والذرة العويجة ـ مهيندي ـ و الفاصوليا واللوبياـ دُجُر بمُنج ـ وغيرها
كما يقوم بالتخلص من الحشائش المتطفلة
فإذا تأكد من أن كل شىء على ما يرام
حمل فأسا و حبلا وقاد الجمل إلى حيث يتوفر الحطب
و يسوق الولد قطيع الأبقار نحو المراعي منتقلا معها من مكان إلى آخر
طلبا للعشب الوفير
فإذا جاء وقت العصر ضوى بها إلى المسكن
أمَّا الأم فما إن ينصرف زوجها وولدها حتى تتولى
تنظيف المسكن و خض قربة الحليب لعمل الزبدة ثم السمن
و بعدها تدبغ الجلود أوتصنع بعض المواد الطبية التي ترغب بها بنات المدينة
من النباتات المحيطة بمسكنها, مثل: المر ـ طُف ـ والعلقم ـ سيقل ـ
كما تصنع في وقت فراغها الآنية الطينية ـ الصلصال ـ
أو الحصر والبسط من سعف النخيل ـ قفع ـ
عند الأسيل يجتمع شمل الأسرة من جديد
فيقومون بحلب و إطعام الحيوانات من الأعلاف مثل:
العومة ـ سردين ـ والشعير والذرة و نوى التمر المدقوقة و غيرها
واحيانا يقومون ببعض المهام الأخرى مثل: كي بعض الحيوانات
للعلاج أو لوضع علامة خاصة بهم,توزيع منتجاتهم
مثل السمن,العسل,المر والحبوب في أوعية خاصة
كما يربطون الحطب في حزم تمهيدا للبيع في المدينة
بعد صلاة العشاء يتناولون المتيسر من الطعام, ثم يقومون بزيارة
بعض الأهل, ويسمرون معهم على الأحاديث الودية
والحكايات الشعبية,وقد يشتركون في سمرة غناء ناناة ريفية
تمر الأيام هكذا قلما يتغير برنامج الأسرة و ذلك في حالات نادرة كأن :
يزورهم أحد ما,أو أن يذهب الأب لبيع الحطب أو السمن أو المر
أو بعض العجول أو أي شيء آخر من منتجاتهم في المدينة
و من ثم يشتري ما يحتاجون إليه من أطعمة و ألبسة و أدوات.
لم يكن يخطر على بال الولد إبن الثانية عشر من العمر أن الأحوال
ستتغير في يوما من الأيام,وهذا كان شعور أبيه أيضا
أما أمه فكثيرا ما كانت توصي زوجها قائلة :
(هل هلله بيب رن ات شان ليش لاو) الله الله لا تصدق على إبننا
كان الأب يمتعض من هذا الكلام,و يرجو من زوجته الكف
عن مثل هذه الأقوال لأنه لن يصيبها شيئا بإذن الله
لكن الأم زادت من جرعة الوعظ في الأيام الأخيرة
و كأنها كانت تشعر بدنو أجلها,وعندما رآها زوجها ذات يوم
و قد كادت تقع من طولها وهي تحمل جرة الماء على رأسها
شعر بالخوف و الفزع, و أسرع إليها ليحمل عنها الجرّة
وفي الكوخ سألها عما بها.فآخذت تراوغ وتتهرب
من الإجابة, لكنه أصر على معرفة علتها
فقالت له بعد أن تأكدت من عدم وجود إبنهما:


يتبع إن شاء الله

ملاحظة : أسماء النباتات و الأماكن
باللغة الشحرية - الجبالية





نبدأها







العنوان بحد ذاته نص فلا دخان بدون نار..


تتابع آثاره لتتهادى الأفكار تتابعا...



هنا الكاتب اتخذ اسلوب سردي راقي تحلى بسحر ما يحيط به من معالم وآثار كانت محسوسة أو غير محسوسة.. تذكرني بالمدرسة الطبيعية التي يكون مناط الأفكار مستوحاه من الطبيعة وربطها بأحداث واقعية لا تتآتى في الفكر من الوهلة الأولى بل بتأني وأحاسيس مروية تتحد مع خيال الكاتب الشاسع والبيئة المحيطة به ويكون نتاج ذلك الإمتزاج هذه الجزالة السردية..




وذلك ما أدرج من لغة شحرية أو جبّالية... تخدم مغزى الكاتب القصصي ليضيف نكهة جمالية على الحوار ويعيش المتلقي لها تلك اللمحة الثقافية لطبيعة أولئك المتحاورين في النص وكأنك تعيش الأمر أمام عينيك..


وما يميز الكاتب في أغلبية كتاباته القصصية استحضار بعض الإشراقات الإسلامية ومعالمها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فمثلا إستحضر هذه الفكرة الرائعة حول استيقاظ أفراد الأسرة لأداء صلاة الفجر..
((مع ساعات الفجر الأولى تنهض الأسرة السعيدة لأداء الصلاة ))




وهناك أُفق سردية أخرى تكون معالم الأستحضار الراقي للإرث الإسلامي واضح في سرده الراقي ...



ما طُرح غيثٌ من فيض فتتابع الأجزاء جزءاً تلوى الآخر لتذكر المزيد من تلك الجماليات الفريدة...

متاحة للجميع في التعمق في احداث القصة والأكتشاف المزيد من المناحي الراقية في هذا الواقع القصصي المذهل بصاحبه...

بأمانة الأستاذ ناجي جوهر كتاباته القصصية تستحق تجسيدها بشكل سيناريوهات تعرض مرئياُ لأنه يُعيّش المتتبع بعالم آخر يجعله جزءاً من ذلك السرد ..


رغم موجز ما ذكرت من قراءة إلا أنها ستكون بداية لقراءتِ كُل من ستنالهُ هذه الصفحة شرف إمضائه الكريم...


بإختصار هنيئاً لنا بأستاذنا القدير حفظه الله ورعاه...



والحمدلله رب العالمين..
__________________
سرى البرق في نـــاظــري وأهــتزْ الــشعور

وعانقت غيمة ْعيوني دمعْ وصارتْ سحابه
رد مع اقتباس