عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-06-2014, 10:47 PM
هواجس الشعر هواجس الشعر غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: May 2014
المشاركات: 66
افتراضي فنجان من القهوة..

كم أحببت فنجان القهوة..
عندما يكون مع من نحب..
وتصحبه السوالف والحكاوي..
عنده يكون تبادل الأخبار..
وتفقد الأحوال..

كم أحبك يا فنجاني..
وكم أعشق تجمعات النساء ما بين العصر ومغيب الشمس..
كم أهوى رؤية أمي وهي حاملة دلتها..
والفاكهة تعلو رأسها..
والتمر في حضنها..
ذاهبة لجمعة صاحباتها..
لتبادل الحديث والأخبار..
وتفقد الأحوال..
لزيارة المريض..
أو تهنئة مخلوطة ببسمة بقدوم الغالي بعد غياب..
أو بمولود قد أبصر على الدنيا..
أو مباركة بقدوم العيد السعيد أو الشهر الفضيل..
أيما كان السبب فإن فنجان القهوة يكون حاضرًا..

آه..
كم نفقد هذه الجمعات..
وكلمة " معصرات "
كلمة تدل على موعد فنجان القهوة..
فعند بسط الحصير..
تحت شجرة قد تواعدن مع ظلالها..
لتشاركهنّ جمعتهنّ..
عندها تعلو الأصوات..
وتخطلت فيه السوالف..
ما بين معارض وموافق..
ما بين سوالف القديم الراحل والحاضر القادم..
في حلقات دائرية..
حتى أني لا أكد أميز صوت أمي من بين الأصوات..
ولا أعلم إذا ما كن فرحات..
أو الحزن في ملامحهن..
لكني متأكدة أن الود والمحبة تجمعهن..
حتى بعد تعارض الآراء..
فإن كل واحدة تسارع بحضن جارتها..
دلالة على مسامحتها وأن ما حدث لم يكن سوى زلة لسان..
كما أن التمر يدور بينهن..
وتتناقل الأيادي الفاكهة..
وكل ما حواه ذاك الحصير يجب أن يمر على الحاضرين..
حتى أن الجارة تقاسم جارتها حبة العنب..

أشد اللحظات تأثيرًا على نفسي..
هي تلك اللحظة التي إذا فُقدت الجارة في موعد القهوة..
تتسارع الجارات الحاضرات إلى بيتها..
ما بين مهرولة وماشية..
ما بين متسائلة ومتوقعة..
عن سبب الغياب..

اليوم..
وكم هو حزين اليوم..
رحلت تلك العادة وتناسيناها..
هُجرت تلك الحلقات..
وطويت الحصير والجلسات..
وذُرفت دموع الأشجار..
وشتاقت الأطيار..
وغابت الأخبار..
يا ترى ألم نشتق لذلك الفنجان؟!!