عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-09-2010, 10:10 PM
الصورة الرمزية إبراهيم الرواحي
إبراهيم الرواحي إبراهيم الرواحي غير متواجد حالياً
شخصية مهمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 2,196

اوسمتي

Lightbulb الحب عند الشعراء ( ج3 / البياتي )

مرحبا بكم
استكمالا لموضوع ( الحب عند الشعراء)
إليكم الجزء الثالث منه


وبالتأكيد تعرفون جميعا الشاعر عبدالوهاب البياتي ، فهو شاعر عراقي، ولد في بغداد عام 1926 ، وتوفي عام 1999 م
وقد ورد في الموسوعة العالمية للشعر العربي:
(((تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها 1950م، واشتغل مدرساً 1950-1953م، ومارس الصحافة 1954م مع مجلة "الثقافة الجديدة" لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفييتي 1959-1964م، واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963 أسقطت عنه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964م وأقام فيها إلى عام 1970 )))

***موقف البياتي من الحب

ربما كان الحب في شعر عبد الوهاب البياتي قوة موحدة تربط بين الشاعر والكون ، وتصل ما بينه وبين الآخرين ، وتخلق علاقة بين الواقع واللاواقع ، ولكن مجاورته للكره تجعل قوة التوحد أملا لا حقيقة ، ذلك لأنه محتاج للكره من أجل الثورة ، ولهذا فإنه حين يحس نوازع النقمة والغضب على الفساد والشرور ينكمش الحب إلى حد التلاشي :
من أين يأتي الحب يا حبيبتي
ونحن محكومون بالإعدامْ
محاصرون منذ ألفي عامْ
نحاول الخروج من دوائر الأصفارْ ...

وحين يفسح الغضب الطريق للحزن الصوفي تتسع دائرة الرؤيا ، ويصبح الحب قوة كونية خفية لا تبيد . وتتعدد الرموز في شعر البياتي ( عائشة ، لارا ، عشتاروت .... ) لتشير إلى حقيقة واحدة لا تتعدد وهي : المحبوب ، أو الحب الذي ضاع ولكنه لم يمت ، بل هو يحل في كل مجال ، ويتراءى في صور وأشكال .. كالفراشة ، والنجمة ، والشجرة ....
عائشة تبعث تحت سعف النخيل
فراشة صغيرة
تطير في الظهيرة
ها هي ذي ترشق بالقرنفل الأحمر وجه الموت
تقول لي : تعال
خذني على ظهر جواد الليل والنهار
إلى سهوب النار
راعية لغنم القبيلة
خذني إلى مدينة الطفولة
فإنني أموت من كوني ... لا أموت .

لكن هذا الخلود دون اتحاد بالمحب هو موت أيضا ، ولهذا كان ذلك البحث الدائب الذي لا يعرف الإعياء طلبا للاتحاد ، ليتم به انتصار الشاعر على الزمن والموت ، ولكن حين يدنو المحب من لحظة الوصول ينزل بين الروحين ( أو الجسدين ) حجاب يحول دون ذلك الاتحاد ... يقول البياتي :

أرسم صورتها فوق الثلج ، فيشتعل اللون الأخضر
في عينيها .. والعسلي الداكن
يدنو فمها الكرزي الدافيء من وجهي
تلتحم الأيدي بعناق أبدي
لكن يدا تمتد ,, فتمسح صورتها
تاركة فوق اللون المقتول
بصيصا من نور ..
لنهارٍ .. مات !!!


إن هذا الاتحاد الذي يراه البياتي مستحيلا ، كما جعله بديلا عن كل إخفاقات الحب في الواقع ، هو نفسه مطلب حياتي ، وجودي ، فلسفي ، لدى الشاعر الحديث .. ولهذا فإنه يحاول البحث عنه عامدا أو مداورا من زوايا مختلفة .



دمتم بود...
__________________
رد مع اقتباس