الموضوع: مجرد حلم !
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15-07-2012, 10:59 AM
رحيق الكلمات رحيق الكلمات غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: في قلوب أحبتي أحيا بصمت
المشاركات: 2,212

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال النوتكي مشاهدة المشاركة
مجرد حلم

جلست وحدها، منفصلة عن الأشياء، متحدةً مع نفسها, وجلسَ هو كما جلستْ تمامًا، الفرقُ بينهما هو أنه يغالبُ حياءَه، وهي يغالبُها حيائُها، المسافةُ بين كرسييهما أمتارٌ قليلةْ، تتلاشى المسافةُ عندما تفاجئُه بيدِها ممدودةً على لوحِ الكتابةِ في كرسيّه، تختفي جميعُ الوجوه حولهما خالقةً جواً من الخُصوصيَّة المربكة، يُنزِلُ بصره ليَدِها، يتأمَّلُها تأمُّلاً مُسكِراً، بيضاءُ مائلةٌ للصُّفرة المشعَّة، عليها دُكنةٌ أنيقةٌ عند مفاصلِ الأصابع، وأصابعُ ممشوقة متباعدةٌ عن بعضها قليلاً، وأظافرُ لم تقلّم لأيام جعلتها أكثر إغراءً، لم يكن يتوقَّع يدها بكل هذه النَّظارة، شيءٌ وحيدٌ أثر على جماليةِ الممدودةِ على الطاولةِ ولمْ يلغها، أظفرُ الأصبعِ الوسطى به ثلمةٌ ملحوظة، ينفقَ لحظةً طويلةً يتأملُ تلكَ الثلمة.. وما زالت اليدُ على اللوح ممدودة إلى أمدٍ لا يعرفُ أجله.. يعمُّ البياضْ.

ثلاثُ ودقائق فقط وستقامُ صلاةُ الفجر، يحثُّ خطاهُ أملاً أن يصل قبل تكبيرةِ الإحرام، يصل لأذنه صوت خفيف كأنه ينادي باسمه، يلتفت، محمد، أحدُ أقرانه.يمد محمد للمصافحة يدَهُ وهو مقبلٌ لصاحبنا بخطًا حثيثة، وكالتماعِ البرقِ يتذكَّر مشهدَ اليد الممدودة.. يضحكُ بوهَنْ.ويمضيانِ معًا بصمتْ.

صوتُ الإمامِ أجبرهَ أن ينسى الدنيا لدقائق، وبعد السَّلام، مدّ محمد يدهُ ليصافحَ صاحبَنا، ومن جديد يتذكرُ المشهدْ، اليدَ المدودة، ولكنّه هذه المرةَ بكاملِ تفاصيله وجزئياته المُغرِقةْ، بدءَ المسجد يفرغُ من المصليّين، وصاحبنا ما زال يتأمل الكفّ الممدودةَ على اللوح،.. حفظهُ لتفاصيلِ المنامِ وتفاصيل اليد لدليلٌ على أن الرؤيا مسكونةٌ بمعنىً لا يعرفه.. سيحاولُ أن يسرق اليومَ نظرةً ليدها ليتأكد إن كانت هيَ كما رآها في المنام، ولنْ ينسى الثُّلمة في الأصبع الوسطى، موعدهمْ الساعة 12.
كعادتِه.. يدخل غرفة الدرس متأخراً بضعَ دقائق، وكعادتهِ يجلس بنفسه نائياً عن العيونِ في الركنِ القصيِّ من الغرفة، يأمرهمْ الأسمرُ الطويلُ الذي يقفُ على رؤوسِ الجميعِ أن يتَحلَّقُوا، يختارُ لنفسهِ في الحلقة مكانًا يقابلها فيه، خبثٌ برِئ، يسترقُ النَّظرْ، يداهَا خارجَ مرمَى بصرِه وكأنها تخفيهما عنه، ينتظرُ بلهفةٍ وأملٍ لعلمهِ أنها ستحتاجُ أن تكتبُ، وعندها سينْقَضُّ بِبَصرهِ على يَدِهَا لينالَ بغيته..
كفُّ الأسمرِ الطويلِ تقعُ على كتفه بلطفٍ، ينظرُ ليراهُ يبتسمُ له معاتباً:
-you have to work with the group!
-ok. Sorry.
يبتسمُ على سخافةِ الموقف، يلقِي نَظرةً أخيرةَ تِجَاهَهَا، عيناها مصوبتانِ نحوَه ، يراقبُ حركةَ عينَيها، هما غارقتانِ ساهمتان.. يتابعُ خطَّ مَرماهُما.. الخيطُ يُوصِلهُ إلى يدِه.
طلال النوتكي
4\ 7 \ 2012

اهلا بك اخي طلال هنا وانت تطرق ابواب القصة القصيرة
طرقا هادئا ورائعا قصة متسلسلة الأحداث ربطت بين الحلم والواقع بطريقة متميزة وأسلوب أخاذ
تحيتي لك
__________________
رد مع اقتباس