عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 08-09-2013, 06:31 PM
الصورة الرمزية الملتقى الأدبي
الملتقى الأدبي الملتقى الأدبي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 46
افتراضي

(٥)

السيدُ الغيابُ
لـ إبراهيم السوطي


يوماً وقد حَضَرَ الغيابْ
والفجرُ عند رَحيلِه تَرَكَ البريدَ وغابْ
وكأيِّ صُبْحٍ جاء يجْتَثُّ الخطى
وكأيِّ صبْحٍ تنحني كُلُّ القِبابْ
وأنا أُدقِّق في ارتجاف الأرض تحتي
في انكسار الغيم بين أصابعي
وأنا أنا
لا بارد لا ثائر
أتفيّأُ الآياتِ في تكوينيَ الأزليِّ
حتى صرت أجهل ما أود بأن أصيرْ
هي هكذا تتحطم الاقلامُ في دمنا وتنحرف السطورْ
** ** **

يوما وقد حَضَرَ الغِيابْ
وبِكفِّهِ تَتَقلَّبُ الذكرى على جَمْرٍ
فَلَمْ تسألْهُ كيف النايُ في عينيه كانَ
وأيُّ ريحٍ صَرْصِرٍ زرعته في أحشائنا قَصَباً يَبابْ
زرعته كالغرباء ورداً في ضلوعِ الصَّخْرِ
يأتينا مُريدا رافضاً وجهَ الحقيقةِ
قال للكلماتِ إِنَّ الأرض أَجْمَل ما تكون على طَريقَتِهِ الفَريدَةِ
فاسْتَفاقَتْ شُرفَةٌ حبلى بِحُضنِ الصبْحِ
تُرْجِعُ عَنْدَليباً نَحْوها كَيْ يُضْبِطَ اللإيقاعَ حَوْلَ الشَّايِ
والكفِّ التي حُفِرَتْ سُطُورَ قصيدةٍ
وجزيرةٍ أوراقُها شِعْرٌ ونَسْمتُها رَبَابْ
** ** **

لمْ نَدْرِ يَوْماً إذْ خَطَرْنا فِكْرَةً في بَالِ فَجْرٍ
رُبَّما يوماً سَنُوقِدُ في شرايين السَّماءِ لَهُ الشُّموعَ
اليومَ صرنا ما اسْتَحلنا أَنْ نَكونَ بِذاتِ يَومٍ
ما الذي قد ظَلَّ؟
لا بَحْرٌ طَويلٌ يُتْقِنُ التَّرتيلَ في خَصَلاتِ فَاطِمَةٍ
وَلا بَحْرٌ بَسيطٌ شَاءَ يُصْبِحُ ذاتَ يَوْمٍ جائِعٍ تُفَّاحَةً في كَفِّ طِفْلٍ
كَمْ نُفَتِّشُ في عُيونِ اللَّيلِ عَنْ مقهى صَغيرٍ فيه يختبئُ الضياعْ
** ** **

أمي تُبَعْثِرُ ياسمين الشَّمْسَ في دربي وأزهارَ القمرْ
وتقول لي نم يا حبيبي
كي تُهاجِمَني كَوابيسُ المَطَرْ
أمي ترتب للمساء دفاتري وملابسي
وأنا أراها تترك التاريخ في جيبي
وتتركني وحيدا في مقاهي الليل
كي أتقمص الغرباء ما بين السكارى والسهارى
أستلذ القهوةَ السوداءَ كي تستلَّ مني العنترياتِ التي
تمتد أطلالا بأرصفة الرخام وفوق جدران الضجر
** ** **

مَرْضى وَفِي يَدِنا القَلَمْ
النزفُ ثارَ وما شَعَرْنا بِالأَلَمْ
مَرَّ الرَّصَاصُ كَغَيْمَةٍ مَا بَيْنَنَا
وَكَأننا بين الرَّصاصِ صَنَمْ
حَلَفَتْ مَصابِيحُ الشَّوارِعِ أَنْ تَصُبَّ لَهيبَها
لكننا..
ذابَ الرَّصيف ولَمْ تُحِسُّ به القَدَمْ
مَرَّ الزَّمانُ وكُلُّ آمالِ المَدادِ بِأَنْ يِمُرَّ بِه الزَّمانُ
يمرُّ يسرق ليلُهُ أجفانَه لِيسُدَّ جوعَ الأرضِ
حيث الصمتُ قوتٌ ليس يُغني من عدمْ
فَيَمُرُّ مَطْوِياًّ على ماضِيهِ في يَدِهِ رَغِيفاً مِنْ ضِياءٍ
مثل ليلِ العاشقين يطوف يصرخ
يا حفاةٌ يا عراةُ
يا أنبياءَ الشعرِ يا رسلَ القصيدةِ
ياااا...
لقد مات الكلامُ وماتت الكلماتُ
رد مع اقتباس