عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-08-2011, 03:52 PM
الصورة الرمزية محمد الراسبي
محمد الراسبي محمد الراسبي غير متواجد حالياً
مدير الموقع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,754

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى محمد الراسبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد الراسبي
افتراضي


3- شلة العربان للشاعر سليمان الجهوري

قصيدة (شلة العربان)، تتحدث عن القرية وتحديدا عن أهلها الذين لم يعودوا مخلصين لها وأوفياء بل هجروها وباعوها من أجل المادة ويستخدم الشاعر جده كرمز للوفاء والأصالة وحب الحارة..( يا جدي ماتهون سنينك العوده...تعودنا عليك وإيدك البيضاء ..يا جدي ليش راحت شلة العربان ..؟وفيديهم سواد ../و وجوههم حمراء؟؟) نلاحظ اعتماد الشاعر على الصفات (السنين العوده)،( الأيد البيضاء)،(ووجوهم حمراء)، وهي صفات تثقل كاهل القصيدة وتضعفها كما أن عبارة(سنينك العودة) لا يستقيم معناها وهي صورة خاطئة لا يستسيغها الذوق،فكيف نستطيع تخيل السنين العوده؟.. إن لفظة (العوده) تستخدم في معظم اللهجات العمانية ويقصد بها الكبيرة ولكنها جاءت في الجملة السابقة بمعنى الكثيرة.. وكأنه يقول يا جدي ما تهون سنينك الكبيرة!!.. حتى أن البعض يطلق على الجد أسم العود، أي الكبير في العمر والقدر والمكانة.. ولو افترضنا أن الشاعر يقصد بالعودة الرجعة، فإن المعنى سيختلف كليا ولن يتوافق مع حب الشاعر لجده وارتباطه به كما تظهر القصيدة. ومن الملاحظات السلبية على القصيدة استخدام الشاعر لحرف الواو بصورة مبالغ فيها لا تخدم القصيدة حيث كرره (تسع مرات) في القصيدة العمودية. وفي بعض الأشطر قد أضر إيقاع الحرف(الواو) ببحر القصيدة بل أن الوزن قد أختل في هذا الشطر :(ويعسوا من يديهم قافر الوديان).. وحتى يستقيم الوزن لابد من حذف الواو وقد تدارك الشاعر هذه النقطة عند الإلقاء بعد أن ناقشته لجنة التحكيم عنها في ورشة العمل . لقد أستخدم الشاعر حرف الواو كرابط بين الجمل لا اكثر، لنقراء : ( وحطب لك من ضلوعه موقد البردان) ،(ويموت إللي زرع وردك وريحانك )، (ويبقى لك ظليل نخيلك العوان)، وحتى نبيّن الخلل الموسيقي الذي تسبب به حرف (الواو) فيجب أن نضع الأشطر على ميزان بحر الهزَج (مفاعيلن .. مفاعيلن ..مفاعيلن) ومن الأبيات الصحيحة(غفى طرفي وأنا من داخلي شرهان ..على عينٍ ترابيهم بأحضانك)، وتكتب عروضيا هكذا(غفى طرفي.. ونا من دا.. خلي شرها+ حرف النون)، (//o/o/o) (//o/o/o) (//o/o/o) بينما جاء الشطر الثاني تاما بدون زيادة ( على عي نن.. ترابي هم.. بأح ض انك) (//o/o/o)، (//o/o/o)، (//o/o/o).. بينما لو حاولنا تقطيع هذا الشطر سنكتشف الخلل مباشرة، (ويموت إللي زرع وردك وريحانك) فالتفعيلة الأولى تغيرت من مفاعيلن إلى (متفاعلن+حرف)،( ويموتللي) (///o/o/o).. ونفس الحديث ينطبق على هذا الشطر(ويعسوا من يديهم قافر الوديان). وبرغم الملاحظات السابقة غير أن السبب الأول لتراجع القصيدة عن المراكز الأولى تركّز في تكرار الأفكار ودورانها حول معنى واحد، فالقصيدة كلها تختصر في بيتين أثنين وهما (يا حارتنا وإذا خوفك ع ولدانك... ف شيابك بنوا من أصلك العمدان)، (ياجدي لجلهم بيعّت طويانك..وخذلونا وفاحت ريحة العربان)، بينما أتت بقية الأبيات بسيطة لا تنضوي إلا على نفس المعنى كهذا البيت مثلا(يا جدي .. لك يبيعوا ناس حضرانك..ويعسوا من يديهم قافر الوديان) فشطر (ياجدي لجلهم بيعت طويانك) يتضمن نفس المعنى للشطر الآخر(يا جدي لك يبيعوا ناس حضرانك) فالحضران هي الطويان والعكس صحيح، كما تسبب في استبعاد القصيدة المبالغة في استخدام أسلوب النداء حيث جاء في القصيدة عشر مرات توزعت بين (يا جدي ويا حارتنا ويا ربعي) ، وكان على الشاعر أن يقلل منها ويكثف من لغته ويختصر في بعض الجمل حيث أضعف أسلوب النداء كثيرا قوة الأبيات الشعرية حتى هبطت إلى مستوى الحديث العادي، كهذه الأمثلة( يا حارتنا يعزك صاحبٍ صانك) أو(يا حارتنا وإذا خوفك ع ولدانك).


4-رسالة عريس : للأمل أمل للشاعرحمود المخيني


من القصائد التي تميزت بعاطفتها المدهشة ولغتها السلسة وكان لها فرصة الحصول على مركز متقدم وبجدارة، لولا الفروقات البسيطة جدا ما بينها وبين الاخريات من القصائد. القصيدة تتحدث عن معاناة شاب يريد االزواج من حبيبته ولكن الظروف المادية بالإضافة إلى تزمت أهل العروسة هي الأسباب التي أفشلت الأحلام، والقصيدة كتبت كأنها رسالة إلى الحبيبة فيها الكثير من الحب والوفاء والحزن، ((مرحبا ...هذي " رسالة " . . معا حب وْ شكر.. جرجري فيها عيونكوَ لا تستعجلي !!يا عرووسة..أعتذر ..لوخذلتك .. أعتذر . !ما قدرتْ أهْديكَ " خاتم " !وَ لبْسْكْ " الحُلي)، للأمانة قد أعجبتني القصيدة كثيرا وهمت في تفاصيلها وشد انتباهي أسلوب الشاعر السلس وأحزنني كثيرا عدم فوزها بمركز متقدم غير أنني مقتنع بالعيوب التي فرضت علينا تأخيرها ومن العيوب تضمين الشاعر للعبارات المستهلكة والدارجة برغم توظيفها بشكل جيد غير أنها كانت كثيرة جدا وأثقلت كاهل القصيدة ومن العبارات (كـــان حلمــــي..أسكْــــنْــكْ الْـــقـــمر)،( دامَها يبْســـت " غُصون الأمـل)،( " راتـِبـي " ينتـَهـي ( نـصْـف الشّـهر)،( احْــــفِـــري قبْـــــري اِذا كـــــان ودّك تـــــرْحَـــــلي !)،( طـاحـت " أوراق الأمـانــي ")( حـــاولي تفــــهــــمي " بوح الحبر "لن يختلف اثنان على أن المخيني شاعر قادم للساحة بقوة وسوف يتبوأ مكانا مرموقا وعلى أمثاله من الشعراء الشباب تعوّل ساحتنا الشعبية. فموهبته لافتة وعفويته مدهشة وتنسيقه لأفكاره ولقصيدته رائع جدا. ولو حافظ على براعته في بعض الأبيات لحصد مركزا متقدما جدا في المسابقة، فمن الأبيات التي نادرا ما نقراها : (مـن كثـر مــا ضــاق صــدري .. تنفّـسـت الشـعـر !يـمـكَــنْ اْنْــفــث لـك قـصـيـدة ! .. لــجــل تـتـأمـلي) أو هذا البيت(
ليـت لـو فيـنـي بــدل " ظـهـرِيْ الأعــوج " صــدر ..ع الأقل .. يمكـن يخفّـف علـى " الصـدر المِلـي).


5- تميمة للشاعر حمد البدواوي(المركز الثالث)

إن قراءة الشعر العميق تجلب الكثير من المتعة، ويكفي المتلقي متعة التأويل وصياغة النص من جديد.. ولا شك أن اللغة الشعرية الرمزية غنية بالمعاني العميقة وفي قصيدة تميمة للشاعر حمد البداوي سنستمتع بلغة تتفجر بينابيع العاطفة ، وتجري كأنها نهر الكوثر. فالقصيدة تتحدث عن الوحدة والحزن والعجز، وتعتمد على الصور السمعية والحركية، ولقد أعطت الأفعال الكثيرة في القصيدة حيوية هائلة لتدفق الصور ذات المعاني المرتبطة مع جو القصيدة الحزين..(ترتل عيني أسفار الرجوع لأخرس البيبان..طلع شوك السهر في محجري وأصفرت أجفاني)(وسط ليل ذبل.. عبرة تغافل قبضة السجان) (وتنزل كنها صوت الحبيبة داخل آذاني)..لغة غير معقدة، وفي المقابل فهي ليست بلغة بسيطة وسطحية. إن المتلقي بإمكانه تشكيل الصورة النفسية التي يهمس بها البيتان السابقان. والرائع في الأمر أن تذوقنا لجمال الصور وتأثرنا بعاطفتها لا يعني أننا نستطيع تفسير اللغة بسهولة.. وحتى نثبت ذلك فلنحاول تحليل البيتين السابقين:

أولا المعنى الأول للشطر الأول : العين ترتل أسفار الرجوع لأخرس البيبان، إن الوحدة التي يعيشها الشاعر مقترنة بالظلام .. حيث لا يرى سوى الأبواب الصامتة، وهذا الصمت يقابله ترتيل العين وهذه العبارة تستعدي في ذاكرتنا عبارة القراءة بالنظر، أي أن العين ترقب الأبواب حتى تنفتح برجوع الغائب، ولكن الأبواب تبقى صامتة.. ويتابع الشاعر في الشطر الثاني: بأن سهر الانتظار والترقب أنبت الشوك في محجر العين وهي صورة بلاغية جميلة تظهر التعب والأرق الذي بان على الجفون المصفرة.. نلاحظ أن الشاعر في البيت بأكمله لم يخرج عن محيط العين. ثم أنتقل بسلاسة إلى فكرة مبهرة أخرى بواسطة جملة شعرية مكثفة(وسط ليلٍ ذبل) إن الليل هو موعد العشاق وموعد سكون النفس والهدوء ولكنه للشاعر ليل للمعاناة والسهر لذا فأنه ليل ذابل ليس به حياة ولا بهجة، في وسط هذا الليل تغافل السجان دمعة ساقطة في الأذن كأنها صوت الحبيبة.. نلاحظ تحول نفس الصورة من حركية إلى سمعية، فالدمعة تسقط ثم تتحول إلى صوت كأنه صوت حبيبته.. لقد تهاوت الصور متتالية ومتتابعة، والمتلقي يستطيع أن يتخيلها وربما يكون قد عاش نفس اللحظات التي يعيشها الشاعر، وفي محاولة لتقريب الصورة فإننا نستطيع تخيل الشاعر وهو في غرفته مستلقيا يصارع ذاكرته وخياله. أن الذي يؤكد هيئته هو صورة الدمعة التي تسقط في الأذن، فمن المحال أن تسقط الدمعة في الأذن إلا في وضعية الاستلقاء فقط.. وسيقول أحدكم وماذا يقصد الشاعر بالسجان؟إن سياق المعنى يدل على أن السجان هو عزة الرجل وكبرياءه، والدليل أنه لم يكن بكاء بل عبرة واحدة، سقطت بعد سهر أنهك الروح.. لذا فإنني قد ذكرت سابقا بأن القصيدة صعبة الأسلوب وفاتنة المضمون.. ولكن للأسف فأن القصيدة بعد ذلك ضعفت وفقدت طاقتها تدريجيا حتى أنطفأ نورها وبدأ الشاعر بتكرار أفكاره، فبعد صورة العين التي كابدت السهر وتحايلت على كبرياء الشاعر بدمعة، فإننا سنجد صورة مكررة ولكنها ضعيفة: وسال الحزن غصبٍ عن عيوني !!، وسنتفاجا أيضا بجملة شعرية مبهمة سببها التركيب اللغوي الخاطئ وهي: (عجنت بطينتك ماي الضواحي وأزهر الرمان)، فالمعنى يقول أن الشاعر عجن الماء بالطين ومن الاستحالة أن نتصور ذلك فالحقيقة الدامغة هي عجن الطين بالماء.. لذا فلا يمكننا تحليل رموز هذه الجملة حسب الطريقة السابقة، فالمعنى خاطئ .. وهذا البيت يذكرني ببيت للشاعر أحمد مسلط من قصيدة رسالة إلى والدي، فلنلاحظ كيف يشتغل الشاعر على الرموز بطريقة رائعة، يقول مسلط (أوصّيك بعناقيد الفؤاد وزهرة الرمان،،) ويقصد بعناقيد الفؤاد أبناءه، ويقصد بزهرة الرمان زوجته.. هكذا بكل سهوله أخفى مسلط عائلته في أجمل أشكال الطبيعة، عناقيد العنب وزهرة الرمان.. كما أن الشطر الثاني من البيت الأول بدأ أنه ناقصا والمتلقي سيشعر بهذا النقص حينما يقرأ (وحيد إلامن الضلما ووجهي وأثمد النسيان.. معي طعم السوالف في غيابك/ فارع أحزاني)، فعبارة (معي طعم السوالف في غيابك) لم تكتمل في ذهن الشاعر وهو يربطها بطعم المرارة في الغياب ولكن هذا الطعم لا يستطيع المتلقي الحصول عليه من البيت بأكمله، فالشاعر أنتقل مباشرة إلى (فارع أحزاني). إن جملة ( وحيد إلا من الضلما ووجهي وأثمد النسيان)جملة مكتملة ونستطيع تشكيلها في أذهاننا بعد التفكر فيها ولكن جملة (معي طعم الثواني) ستصيبنا بربكة وتشويش يؤثر في تذوقنا الجمالي لها.
__________________
ديواني المقروء
رد مع اقتباس