عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 21-07-2011, 05:02 PM
الصورة الرمزية أحمد الهديفي
أحمد الهديفي أحمد الهديفي غير متواجد حالياً
اللجنة الإعلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 123
افتراضي

الحُبُّ الكَبِيرْ


(1)
أُلَوِّنُ قَلْبِي بِلَوْنِ المَحَبَّةِ
عَلِّيَ أَشْتَمُّ رِيحَ الزُّهُورِ
وَصَوْتَ الطُيورِ غِناءً
إِذَا مَا انتشَى القَلبُ مثلَ الطُيورِ
سَأفرِشُ رُوحِي
مِهادًا
وِدَادًا
لِتعبُرَ للقلبِ فِي العَابِرينَ
تُطهرَهُ منْ بقايَا السنينْ
وتنضَحَ فيهِ مياهَ الحياةْ
فيورِقَ حُبا بِلونِ المياهْ
تَدَلتْ مصابيحُ قلبِي لَكَا
وَجدتكَ فيهِ فأحببتُكَا
خَرَقْتُ سفينَ النوَى لئَلا أكونَ معَ المغْرقِينْ
لأَني أحبُكَ .. حبَّ الهوَى
****
رميتُ فؤادِي كحبةِ قمحٍ كساهَا الغُبارْ
تناوشَها القحطُ حتى ذَوَتْ
وبَادرَهَا الموتُ حينَ الْتَوَتْ
ولولاكَ
ما بللتْ ريقَهَا وانتشَتْ
رَحِيقًا مِنْ الوُدِّ أهديتَهَا
وخففتَ منْ رعشَةِ القَلْبِ
لما عَرَتْهُ ارتجافَةُ عصفُورةٍ يُبللهَا القَطْرُ ليلَ الشِّتَاءْ
ولا مِنْ رياشٍ ولا مِنْ وقاءْ
سِوَى سكنٍ منكَ أنزَلْتَهُ
تلفعْتُه
يخامِرُني كالصباحِ الرَبِيعِي وَرْدًا
فأَطبعُ في وجهِهِ قُبلَةً
وَأُرْسِلُهَا للفؤادِ الحزِينْ
يُبَاركُ روحِي ويُحْيِي المَواتْ
لِتَزْكُو الصِّفَاتْ
فَأَلْفِظُهُ نفسًا حَانِيًا
أُحِبُّكَ حُبَّ الهَوَى
****
سَرَابٌ هُوَ الحُبُّ عِنْدَ البَشَرْ
وَلَكِنَّ حُبِّي كَصَوْبِ المَطَرْ
إِذَا لامَسَ النَّفْسَ أَوْرَى بِهَا
لَهِيبًا مِنَ الشَّوْقْ
كَالمَاءِ غَنَّى مَعَ السَّاقِيَةْ
فَأَبْكَى بِأَلْحَانِهِ الحَانِيَةْ
زُهَاءَ قُرُونٍ تَعَمَّقْتُ فِي فَلَكِ البَاحِثِينْ
وَجَدْتُكَ فِي كُلِّ شَيْءْ
فَأَطْلَقْتُ أَجْنِحَتِي فِي المَسَاءْ
جُؤارًا إِلَيكْ
فَصِلْنِي أَيَا قِبْلَةَ الوَاصِلِينْ
وَخُذْ بِيَدَيْ تَائِهٍ لِمْ يَزَلْ
يُمَزِّقُهُ الحُزْنُ مِثْلَ الخَرَابْ
وَتَصْفِرُ فِيهِ الرِّيَاحُ
كَأَرْضٍ يَبَابْ
بِقَارِبِهِ المُهْتَرِي الوَاهِنِ
يُصَارِعُ مَوْجَ الحَيَاةْ
فَكَيْفَ تَكُونُ النَّجَاةْ
إِذَا لَمْ يُمَسِّكْ بِأَسْبَابِكَا
وَلَمْ تَرْتَفِعْ مِنْهُ أُغْنِيَةُ الحُبِّ
كَالعَنْدَلِيبِ الحَزِينْ
يُسَرِّحُ نَشْوَةَ شَوْقٍ دَفِينْ
فَيُطْلِقُهَا كَالصَّدَى الفَاتِرِ
أُحِبُّكَ حُبَّ الهَوَى
****
هَنَالِكَ حَيْثُ الْتَقَى العَاشِقُونْ
سَمِعْتُ رَفِيفَ فُؤَادِي
فَأَطْرَقْتُ أُصْغِي إِلَى هَمْسِهِ
لَقَدَ كَانَ يَبْكِي لِفَرْطِ الحَنِينْ
يَحِنُ إِلَيْكَ وَيَشْتَاقُكَا
فَطَارَ مَعَ الرِّيحِ فِي رِحْلَةٍ
يُحَاصِرُهُ الحُبُّ مِنْ كُلِّ بَابْ
فَخَلِّصْهُ مِنْ قَيْدِهِ
إِنَّهُ يَجُودُ بِأَنْفَاسِهِ كُلِّهَا
يُفَجِّرْ مِنْ عَيْنِهِ وَبْلَهَا
وَيَنْشُقُ رِيحَكَ فِي كُلِّ شَيءْ
فَضَمِّخْ حَنَانَيْكَ قَلْبَ المُحِبِّ بِأَلْطَافِكَا
وَقَطِّعْ حِبَالَ النَّوَى
لأَجْلِ حَبِيبٍ...
يُحِبُّكَ حُبَّ الهَوَى
****
(2)
ثَمِلْتُ فَأَحْبَبْتَ ذَاكَ الغِيَابْ
عَنِ الوَعْيِ وَالليْلُ كَانَ الحِجَابْ
لأَنِّي وَجَدْتُكَ
خَيْرَ حَبِيبٍ أُسَامِرُهُ فِي لَيَالِي الشَّرَابْ
أَنِسْتُ بِمَائِدَةٍ مِنْ سُكُونْ
وَبَرْدٍ عَلَى القَلْبِ خَيَّمَ فِيهْ
وَحَطَّ عَلَيْهْ
فَلَمَّا تَغَشَّاهُ جَادَ بِدَمْعٍ هَتُونْ
أَلا فَلْتَدُمْ خَمْرَةُ العَاشِقِينْ
تُزَيِّنُنَا بِلَبُوسِ النَّقَاءْ
وَتُوْجِدُ فِي النَّفْسِ بَرْدَ اليَقِينْ
أَعَرْتُكَ كُلِّي لأَنِّي فِدَاكْ
وَهَبْتُكَ حُبِّي لأَنَّكَ أَهْلٌ لِذَاكْ
***
رَكِبْتُ سَفِيْنَ الحَيَاةْ
إِلَى شَاطِيءِ المَوْتِ
حَيْثُ الأَنِينْ
وَحَيْثُ انْتِشَارُ الضَبَابْ
فَنَادَيْتُ مَنْ مُنْجِدِي
فَرَدَّ الصَدَى كَالنَّدَى
حَبِيبِي يَمُدُّ اليَدَا
هُنَالِكَ خَلَّيْتُ قَلْبِي لَكَا
فُؤَادِي أَحَبَّكَ حَتَى بَكَى
فَخُذْنِي
كَطِفْلٍ تُهَدْهِدُهُ فِي المَسَاءْ
بَكَى حِينَ غَيَّبَ مَحْبُوبَهُ
فَلَمَّا رَآهُ انْتَشَى
كَمَا البُرْعُمِ النَّاضِرِ
تَعُودُ إِلِيْهِ الحَيَاةْ
إِذَا هَلَّ غَيْثُ السَّمَاءْ
فَدَامَتْ هَوَامِي سَمَاكْ
لأَنَّكَ أَهْلٌ لِذَاكْ
***
وَمَهْمَا فَعَلْتُ
وَمَهْمَا بَذَلْتُ
فَلَنْ أَمْلِكَ النَّفْسَ حَتَّى أَرَاهَا
تُعَفِّرُ جَبْهَتَهَا فِي ثَرَاكْ
تَدُلُّ عَلَى حُبِّهَا المُطْلَقِ
وَتَعْرُكُ أَنْفَ التَّكَبُرِ تَحْتَ عُلاكْ
لِتَمْسَحَهَا بِالحَنَانْ
فَتَبْرُدُ ثَوْرَتُهَا العَارِمَةْ
وَتَسْكُنُ حِدَّتُهَا القَائِمَةْ
رَمَيْتَ شِبَاكَكَ فَاصْطَدْتَنِي
وَقَدْ جِئْتُ طَوْعًا لِتَصْطَادَنِي
أُحِبُّ حِبَالَكَ وَالمِصْيَدَةْ
مُحَمَّلَةً بِشَذَى رَاحَتَيْكْ
فَأَلْثُمُهَا بِشِفَاهِ الرِّضَا
لَعَلَّكَ تَرْضَى عَنِ القَاطِعِ
لِيَرْجِعَ عَهْدُ الصَّفَا الوَادِعِ
فَأَرْقُدُ مِلْءَ الجُفُونْ
لأَنِّي أُحِبُكَ أَنْتْ
وَإِنَّكَ أَهْلٌ لِذَاكْ
****
سَقَيْتَ ظَمَايَ القَدِيمْ
وَرَوَّيْتَ جَدْبِي المُقِيمْ
فَأَزْهَرَ فِي النَّفْسِ إِيْمَانُهَا
وَغَنَّتْ بَلابِلُهَا تَصْدَحُ
وَجَمَّلْتَهَا بِالرِّضَا
فَجَاشَتْ مَدَامِعُهَا تَنْضَحُ
فَتِلْكَ دُمُوعُ الحَيَاةْ
سَأَسْقِي بِهَا الظَامِئِينْ
وَأَتْرُكُ للنَّفْسِ مِنْهَا قَلِيلا حِفَاظًا عَلَى حُبِّنَا
سَأُعْلِنُ للعَالمَينْ
بِأَنِي أُحِبُكَ أَنْتْ
أُحِبُّكَ حُبَيْنِ
حُبَّ الهَوَى
وَحُبَّا لأَنَّكَ أَهْلٌ لِذَاكْ


سعيد النوتكي
رد مع اقتباس