عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-07-2011, 07:24 PM
الصورة الرمزية أحمد الهديفي
أحمد الهديفي أحمد الهديفي غير متواجد حالياً
اللجنة الإعلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 123
افتراضي

جدتي.. إذ حكت

جدتي قالت: عبيد لم يكن هكذا..
يقال إنه استيقظ يوما ووجد نفسه ليس رجلا، فاجأه شعور طاغ بأنوثة تطارد مكامن رجولته، أغلب الناس خمّنوا أن زوجته التي تزوجها قبل أشهر من زنجبار هي التي دست له هذا السحر، وآخرون قالوا بأن الله أراد معاقبته عندما دخل المسجد يوما وهو سكران، فتبول على سجادة الإمام.
نعم فعلها ذات يوم غاب عنه القمر، أنت لم تسمع بالحادثة لأنك لم تكن قد ولدت بعد، نبّهك أبوك كثيراً بألا تقترب منه، الجميع يعلم أنه ومنذ صغره مختلف عن البقية، عندما أصابت الحصبة أخوته، ماتوا جميعاً، وظل أقوى من الحصبة وفعل الموت، يقال بأن الشر لا يموت إلا بشر مثله، فماتت الحصبة على يديه، ومما يقال أيضاً بأن جنية رأته عند الفلج فتمنّت أن يكون ولدها فتلبسته.
أتقصد حمدان الشاه!!
لا يا ولدي، حمدان كان رجلاً تقياً، لا تصدّق ما يشيعه الأطفال الصغار عنه، حمدان هذا إحدى مصائب عبيد، ذات يوم طلب عبيد من حمدان أن يزوجه من ابنته، لم يكن حينها شر عبيد بادئ في الظهور، حمدان رفض أن يزوج ابنته رجلا بلا صنعة، وبعد يومين فقط وجد حمدان في الدرس يأكل مع الأغنام، فسمي المسكين بحمدان الشاه.

ـ ما الذي ذكرك بهذه الحوادث الآن؟!، لم يعد في القرية ما يخاف منه.
ـ أنتم الآن أبناء مدارس، ومدارسكم محت كل شيء.
ـ ماذا تقول؟
ـ لا أريد أن أقول شيئا، لأني أعلم بأنها أكاذيب؟ّ!!!
ـ يا قليل الأدب..هل علموكم في المدارس أيضاً تكذيب أمهاتكم وجداتكم!!
ـ أنا لا أريد أن أحكي، لأن كل شيء أوشك على أن ينتهي
أي جلبة تعني؟...جلبة الديدان!!
أه نعم ..كانت بفعل عبيد أيضاً، ولكن أهل القرية هذه المرة فرحوا بفعلته، المزرعة كانت ملكاً لجده، جاءني المخاض فيها وولدت أبيك تحت إحدى نخيل الفرض، كانت مزرعة نخيل كبيرة جداً، عندما مات الجد ورثها سعدون الحرامي عم عبيد، فرفض أن يعطيه نصيب أبيه من المزرعة، فلما جاء الحصاد أثمرت النخيل ديدان صغيرة، وبقت حتى وفاة سعدون تثمر ديدان، بالرغم من أنه ذهب إلى عبيد وترجاه كي يأخذ نصيبه من المزرعة.
عبيد الآن ليس كسابق عهده، كان يؤذي الناس، والآن الناس توشك أن تؤذيه، أنت لا تصدق ما أقصه بسبب هذه الكتب التي ملأتم بها رؤوسكم، أنت بنفسك حذرناك منه كثيراً، ولكنك كنت تبتسم وتقول بأن ذلك الخوف كان في الماضي، عندما لم تكن هذه موجودة...وتشير إلى كتبك.
ـ نعم..هذا الورق أراحنا من أشياء كثيرة، ولكنه جركم إلى أشياء أكثر.
أتضحك من كلامي يا ولد؟
اخرج من غرفتي... ما رباك أبوك هكذا يا متعلم.
لا...
نهاية عبيد بقت غامضة إلى الآن..
ابتدأت نهايته عندما عاد سيف المرضي إلى القرية، نعم سيف ما غيره، أبا نورة التي جئتنا فيها عاشق ومغرم، ما كنت تجهله هو أن سيف كان متعمقا في الدين، حتى غلب على أمره فاتجه دون أن يشعر إلى الكفر، عندما عاد ذات ليلة، قطع عهداً بألا يمكث في القرية ما بقي عبيد حياً، ومنذ ذلك اليوم وذلك العهد، والحوادث تتوارد تارة على عبيد، وتارة على سيف، حتى استيقظت القرية ذات صباح لتجد سيف غائباً مرة أخرى، وعبيد أشبه بالميت.
ـ قم يا ولدي احضر القهوة... ألام المفاصل لا يتركني...لو كان لهذه الكتب منفعة بحق، لأحضرت لي دواء لهذا الداء.

وفاء بنت سالم الشكيلية
رد مع اقتباس