عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-05-2011, 03:55 PM
الصورة الرمزية مريم
مريم مريم غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 48
Post الكتابة على عَجَل


دائماً يا يداهمني الوقت وثمةُ هواجس لا تقفُ عن الثرثرةِ على قمةِ رأسي ، شخوص القصة التي عششت عصافيرُها على رأسي منذُ أشهر تطاردني ؛ التأجيلُ وعدٌ غير مقبول في شريعةِ الكتابة .
أُجدد العهد لذات ، في النهاية الأسبوع سنجتمع ونتحدث عن كل شئ ، مُضحكٌ هذا الأمر ! قائمةُ من الفروض تجعلني دائماً أتجاهلُ وعدي لذات ، وامضي وكأني لا أراني ؟!
تكثرُ الحروف في رأسي ، تنعقُ الأفكار ، تزدحمُ القصص أشباه القصائد وما زلتُ أتعللُ بالوقت وبالفروض الأكثرَ جدوى من الكتابة !
الأرقُ والأزيزُ الذي ينخرُ أذني يجلدني تماماً كما خططت الهواجس للانتقام من شخصي ، لا شئ يوقف تلك الذات عن الثرثرة أينما يممتُ وجهي .
أحاولا بلا جدوى إطفاء شخوصُ اللاواقع لأشعل أضواء شخوص واقعي ، إلا أن شخوص القائمة الأولى يسكنون النبض وامتلأُ بهم بينما شخوصُ القائمة الثانية يحتاجونَ إلى سمسارِ مراوغ ليبادلهم الصوت والصورة .
الثرثرة لا تأريخ لها ، كلما أطلقتها تخطفها الريح في مهبها نحو الغياب وحدها الكتابة من تبقي على صورة الوجع / الأمل في ذاكرة الخلود .
تُرسل لي صديقة لم أرها منذُ الصباح عصر ذاتِ اليوم رسالة اشتياق ، أعلمُ تماماً بان ثمةُ ثرثرة تُعبأ ذاتها ، نلتقي وتكون هي ملزمة على البوح أو الاختناق لا خيار ثالث وأكون ملزمة على الاستماعِ لحروفها الخجلة ، وعليّ أن أفهم ما وراء الكلام وأبدي الرأي الذي تعرفهُ هي جيداً .
يُنهكُنا الجري خلف أضواء الحياة ، نستأذنُ الأيام لنخلع عن كاهِلنا متاع الأحلام ، بسخرية تقفز الأحلام عنّا وتمضي إلى الخطوةِ الأخرى ؟!
أبحثُ في الكُتبِ التي يعييني فهمها عن ما يمنحني حكمة أمي ، أعودُ بصفر اليدين وأتقزم كالمعتاد أمام جمالكِ يا أمي .

و في حوارِ مع صديقة أخرى ، قالت لي بأن عزائها في كل وجع الانتقام ، صمتتُ ، أكملت :إن لم أنتقم سأفقدُ وأستحيل إلى شئِ لا يشبهُ إنساني ، صوتُ بداخلي تمتم وبالانتقام يا جميلة ستخسرين إنسانكِ وإلى الأبد.

أخشى من الصلاةِ على محرابِ الشعر ؛ لشعرِ قداسة تبقي نازع كتابة الأبيات مؤجلاً دائماً ، ولا وقت لإكمالِ رواية يتيمة والقصص تتناسل كبكتيريا مرعبة ومع الوقت تحيلك إلى آلة مترجمة لسيل من الثرثرة لا يتوقف ، هل عليّ أن أراوغ بالمجازات واليوميات إذن ؟!
سمعتُ ذات يوم حكاية لم تحكها لي جدتي وهي تجدلُ ضفيرتي في الحلمِ تقول : كان هنالك كاتبُ لا يملكُ شعر مسترسل ولا بذلة كلاسيكية ولا قبعة أو وشاح ، لا يحبُ شرب الشاي ولا القهوة ، ولا يرتاد المقاهي ولا يحب سماع سيمفونيات بتهوفن ولم يقرأ سوى حروف مخيلته ، كتب ذات يوم قصة عن رجلِ ينام فيأتي إليه الحلم ويمصُ دمه ، قرأ قصته مرات ، استوطن الأرق عالمه ، بات يخشى أن ينام ؟!

وعن صديق لهذا الكاتب سمعتُ حكاية أخرى من جارتنا العجوز ذات العيون المنطفئة التي أخبرتني بأنها داست في شبابها على ابن الجنّية فانتقمت منها الجنّية بأن رضعت الجنّية صغيرها من ماءِ عيون العجوز حتى جفت وانطفأت ، قالت لي العجوز التي زرتها قبل الحلم في مقبرة قريتنا التي تنام تحت سفح الجبل بلا شواهد ولا ورود تسورها أشجار السدر الموحشة وتزورها الضباع ، بأن صديق الكاتب الأول الذي امتص الحلم دمه كتب ذات يوم قصة تحكي عن امرأة وجارها الذي يزورها في الليل ويتهمها بالعهر في الصباح ، أرسل القصة إلى ملحق ثقافي تابع لجريدة محلية ، عندما قرأ القصة على الموقع الإلكتروني انتابهُ الفزع ماذا لو أنّ جاره والمرأة عرفوا بأمر القصة ؟ رسم له خياله الموغلُ في التراجيدية قصة استدعاء الإدعاء العام له ودخوله إلى المحكمة ، خرج لشارع واقتنى الجريدة ، سمع رجلان يتهامسان ومرّ عليه جارهُ ولم يسلم عليه ، الجدير بالذكر أن الجريدة لم تكن تصل نسختها إلى قريته ولم يكن يقرأها إلا بعض محرريها وأصدقائهم .
أخبرتني صديقة بأن الدكتور المحاضر لا ثقافة له ومتعصب لرأيه يدعي بأن العلم وسيلة وليس غاية فلم انبسُ ببنتِ شفه.

تجادلت مع أخي عن كون القراءة فرض يجب ممارسته في كل فروع الحياة ، لم يقتنع ولذتُ بالصمت .
وفي حوارِ آخر مع أختي أكدت لي رأيها بقولها يتوهمون النجومية ويثيرون الضوضاء على وقع لا شئ والأغبياء يصفقون لهم ويُصيرونهم نجوماً .
أذكرُ بأنني بقيت صامته وثمة ثرثرة لا تتوقف من المرأة التي كُنتها في تلكَ الليلة .
__________________
رد مع اقتباس