الموضوع: الجرحُ الأخير
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-03-2011, 07:54 AM
الصورة الرمزية عمر حامد
عمر حامد عمر حامد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 92

اوسمتي

افتراضي الجرحُ الأخير

كُنتُ أقعدُ مَعهــا .. نَتَبَادَلُ أطرافَ الحديثِ سَويّه.. أمام مرأى من الناس!!
بل أتطاولُ أحياناً .. وأُطوِّقُ يُمنايَ حولها.. أو تُسنِدَ رأسها .. على كتفي!!
بل أكونُ أكثرَ براءه.. فأُقبِلُها أمامَ المارّه.. !!









كُلُّ هــذا .. ولم يوبِخُنا أحدٌ .. فَكُنّا لم نتعدى الرابِعَةَ من العُمر..
نُفوسٌ بريئه! تَحلُمُ بِغدٍ تلعبُ فيهِ تحتِ المطرِ .. حُفاةً .. نلتَمِسُ من الأرضِ
عُذراً فَتَقبَلُهُ .. ويَسعدُ الطينُ كثيراً عِند رؤيتنا سويًّا!!



على مائِدَةِ فواله : جَرحتُها.. عِندَ لِقائِنا الأخير!

كانت فُوالَةٌ في بيتهم .. تسحبتُ مع اهلي .. وقعدتُ على المائدةِ كعادتي
إلا أنَّ صاحِبَتي كانتْ عُدوانيةً نوعا ما .. كأي طِفلةً أخذتها الحِميَةُ داخِلَ
بَيتِها! .. كُنتُ مُمسِكا بالسِّكين .. حاولت هي انتزاعها مِنى ..! نزعتُها من
يَدِها بدوري ! .. فكانَ صُراخا.. ودماً ينزُفُ .. ولطمةٌ إلى رأسي! لا اذكُرُ
ممن؟ من أُمي أم من أُمها! .. عموما.. مرّت خمسُ سنواتٍ بعدها .. حتى
فهمتُ ان تلك المائدةِ التي حظرها الكثيرون ما كانت إلا وداعيةً أخيرةً ..
رَحلوا بعدها الى اقاصي مسقط..فلم أرى من كُنا نقعدُ سويا..! ومضت
السـنـينُ .. والشهورُ والأيامُ .. ونحنُ صِرنا عن بعضنا غُرباءَ حـقًّا..!
فَتمرُ الساعات.. وصرتُ مُشتاقا اليها .. اتذكرُها .. واتذكرُ احاديثنا
براءتنا .. ضحكاتنا .. فأقسمتُ ان اجدها يوما!..






بعدَ ان صارَ سِنّي تسعٌ وعشرونَ عاما .. راودني الشوقُ .. او فلنقُلِ
الفضـول.. فبحثتُ عنهـا وسئلتُ كثيرا.. فتـأكدتُ منها وأين تعمل ..
فعـــزّمتُ ان اجِـدها .. علـى الاقل كي اعـتذرَ عن ندبةِ السِّكينِ التي
تـــركتُها اثراً فيهـا .. لن تنساني بعدها ابدا! انتظـرتُ بِجـانِبِ ما
وصفـــوهُ لي انهُ مقرُ عملها .. انتظرتُ قليلاً .. وصلت سيارتهــا
الزرقـاءُ الجميــله!.. خَفقَ قلبي .. ناظرتُها.. انها هي..! فرقعــتُ
أصــابعي.. دخلتْ هي.. نظرتُ الى مرآة السـياره نظرةً أخيـره
عدّلتُ كُمتي .. وجُفناي.. ومسحتُ علــى العــرق في وجنتـي ..
عطّرتُ يداي.. قرأتُ المعوذات.. وانطلقتُ مُرتجِفا..




وصلــتُ اليها .. كانت مُنهمكَةً في العمل.. على غيرِ عادتها ..
فلـم أعهدها تُعطي اهميّةً لأي شيء!! فها هي قـد صـارت
رسميّةٌ فعلا!! لم يُعجبني ما كانت عليه!! اقتربــتُ
اكثر.. بحثتُ عن بعيني عن الندبه .. فوجدتُ شيء
آخر.. رأيتُ (خاتَم خُطوبَةً) يتلألأُ في إصبعِها..
وكأنما أحدهُمُ سكبَ الماء علي جسدي.. !!!
عِنــدها قالت..: "نعم اخي .. تفضل" !!
لم اتكلم .. نظرتُ اليها .. وأطلتُ النظر..
قُلتُ : "شُكرا"..







وقبلَ ان أُديرُ ظهري لها .. ركّزتُ ناظريّ الى الندبةِ التي غرستُها..
وقُلتُ في داخلي ،، الم تكُ كفيلةً بأن تجعل صورتي امامها دوما؟!
لاحظَتْ الفتاةُ ذلك .. خبأت يديها تحتَ عبايتها.. فتذكرتُ يوم
رششتُها بالماءِ يوما .. وجعلت تعصرُ ثوبها!! كانت اياما...

.. قاطعتني: تفضل اخي.. ممكن اساعدك؟ ..

ااااا أأأ،، أنا .. أنا فُلان.. (قُلتُها رافعا حاجبي).. فُلان.. أتذكريني؟
فقالت: "من أي شركه؟" !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ربّــــــااااه!!! .. هي لا تعرفُ اسمي!!!...

عِندها عرفتُ بأني خسرتُ كل شيء .. فقلتُ بِسُخريه:
"انا لستُ من شركه .. انما من عيادَةٍ تُعالجُ الجروحَ القديمه!"

قالت وقد خبأت ندبةَ السّكين:
" اخي .. اذا تطاولتَ فَسأعلم الامن الان.. وهم سيقُمون بواجبهم!"

قلتُ : "حسنا حسنا.. لا داعي... " أدرتُ ظهري هذه المره ...
وبدون أن أوّدعُها .. كالمرّةِ السابِقَةِ .. رحلتُ عنها ..
مؤمنا ،، ان الدُنيا صغيره.. وقاسيه..

رباه.. جئتها لأعتذر عن ندبةٍ قديمه
فزرعت بداخلي جرحا لا يندمل!!
__________________
لا لَــيــلَ يـكـفـيـنــا لـنـحـلُـمَ مـرّتـيـن
رد مع اقتباس