[حمد السيابي]

سهام مطرزة بالعشق
كانت تجلس في الصف الأول .. في قاعة الهدوء .. لم تكن الوحيدة بين الحضور .. لكنها كانت الأجمل ..
لم أستطع وأنا أقدم ورقة العمل الخاصة بذاكرة الطفولة والنسيان .. أن أنظر إلى الحضور دون أن يقع نظري على عينيها .. كانت تملك كل مقومات الجمال .. كانت قمرا بين النجوم ..
لم أستطع إزاحة عيني عنها ..وكم مرة كدت أتعثر بالأسلاك الملقاة على الأرض .. وكم مرة طارت مني فكرة تعبت أياما في غرسها داخل الذاكرة .. وكم معلومة قلبتها رأسا على عقب .. وكم مرة خرجت فيها عن صلب الموضوع ..
آه منك أيها الجمال الأنثوي .. أي سحر أنت .. ؟ أي تعويذة تخلصنا من جبروتك ..؟
أنت أيها الجمال المسبب للجنون .. الفاضح في العلن .. ماذا فعلت بك حتى تبعثر أوراقي .. ؟ ماذا فعلت بك حتى تجعلني أضحك في وقت الحزن .. وأحزن في وقت الضحك ..؟
أنت أيتها الأميرة الأندلسية القادمة من زمن الجمال ..
أيتها الوردة الدمشقية القادمة من حدائق الشام ..
أيتها الساحرة البابلية القادمة من حضارة آكاد ..
أيتها النخلة العمانية القادمة من شموخ العزة والإباء ..
أيتها الجميلة الفاضحة الجمال .. لاشيء من الألفاظ أملكها كي أقدم لك عربون جنوني ..
كل الحروف تبعثرت أمامي على ورق البوح .. ركعت خجلا أمام قدسية الجمال ..
ما الذي أتى بك هذه الليلة لتجلسي على عرش الضياء .. ؟ ما الذي أتى بك لتقذفي سهاما مطرزة بالعشق .. ؟ ما الذي أتى بك لتبعثري في داخلي ما تبقى من هدوء ؟
لتفجري داخلي ينابيع الشقاء .. لماذا أنت .. ؟ ولماذا أنا .. ؟ ولماذا في هذا المساء يحدث كل هذا .. ؟
أحقا أن الحب يأتي في الوقت الذي لا ننتظره .. أحقا أن يصاب بالجنون من جاء بعقله الراجح كي يقدم ما يتمنى الآخرون معرفته ..
أنت أيتها الجالسة لعيني بالمرصاد .. تارة تعبثين بخصلات شعرك المنسابة كقوس فوق عينك اليمنى .. وتارة تثيرين انتباهي بإزاحة غطاء رأسك لتعيديه كما كان ..
وتارة تلملمين أطراف فستانك ليتسنى لك وضع ساق على الأخرى ..
كانت حركات حذائك على رجلك المنتصبة فوق الأخرى مصدر إزعاج لعيني ..
وكان إزاحة غطاء رأسك الذي تكرر كل دقيقة مصدر تبعثر أفكاري ..
ليتني ما كنت هناك .. وليتك كنت في الصفوف المتأخرة قليلا ..