عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-01-2011, 01:36 AM
الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
فيصل الزوايدي فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 453
افتراضي ليس عن السودان .. بل عنا جميعا ..

ليس عن السودان .. بل عنا جميعا ..
ما بقيت إلا أيام قليلة و على العرب أن يتقبلوا سودانا جديدا مجزأ و غريبا.. السودان الجديد دون جنوبه الممتد على مساحة تعادل ثلثه تقريبا بما فيه من بشر و موارد كثيرة .. على العرب أن يتقبلوا فقدان الفضاء العربي و الإسلامي مساحة كبيرة وإمكانيات هائلة كان من الممكن أن يتم توظيفها من أجل التغلغل في العمق الإفريقي بما يخدم مصالحهم الاقتصادية و السياسية و الحضارية .. و بعيدا عن لغة التحسر بسبب هذا الانحسار العربي الجديد الذي يتعامل معه الكثير من الساسة ببرود عجيب فإن العلامات على تجدد هذه المأساة في بلدان أخرى واضحة و علينا ألا ننسى تصريحات مسعود البرزاني الأخيرة خلال المؤتمر الثالث عشر للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه فقد طالب بحق الكرد في تقرير المصير بل إن كردستان العراق يتمتع بكل مقومات الدولة تقريبا في استقلال عمليّ عن السلطة المركزية و الصومال مشتتة بين إسلاميين يرفضهم العالم و يرفضون هم بعضهم و اليمن مهدد بالانقسام و كذلك المغرب .
تمكّن الحركة الشعبية من الوصول إلى هذه المرحلة كان مختلفا عن المصير الذي وصلته كثير من الحركات الانفصالية التي فشلت في تحقيق أهدافها .. لكن نجاح الجنوبيين ارتبط بدعم أمريكي بل و أحيانا عربي في إطار رفض النظام السوداني و توجهاته الإسلامية خاصة في بداياته .. كان الغياب العربي متوقعا في ظل فقدان المشروع القومي و الانكفاء القطري الضيق للمحافظة على مكاسب محدودة و إهمال العمل على حماية حدود العربية. هذا الانفصال تهديد حقيقي للأمن السوداني خاصة بعد تصريحات الحركة الشعبية الأخيرة بالدفاع عن حقوق الجنوبيين و تأسيس حزب سياسي لهم في الشمال فلا تبدو النوايا ايجابية تجاه ما سيتبقى من السودان بل إن قضية دارفور مازالت حية و قد تم تدويلها بعد صدور مذكرة اعتقال الرئيس البشير بسببها بل إن مصر هي أيضا مهددة في أمنها المائي عندما يزداد عدد الدول المطالبة بحصتها من المياه ، و الأصابع الإسرائيلية واضحة في دول أعالي النيل في ظل انشغال عربي مشبوه بإثارة قضايا الاختلاف المذهبي و التشكيك في نوايا الدول التي تتدخل على غير ما يوافق الولايات المتحدة و إسرائيل مثل تركيا و إيران و سوريا.
وثائق ويكيليكس كشفت كثيرا من مظاهر الضعف العربي خاصة في المسألة السودانية بالتخلي عنه تماما في قضية دارفور و مذكرة توقيف الرئيس و انفصال الجنوب و العقوبات المفروضة عليه منذ سنوات في مقابل دعم مالي و سياسي و عسكري تناله الحركة الشعبية في الجنوب من أطراف مختلفة خاصة بعد اتفاق نيفاشا سنة 2005.
انفصال جنوب السودان يقتضي مراجعة شاملة للوجهة السياسية العربية التي تردت كثيرا في هاوية المصالح القطرية و مكاسب الأنظمة فالحاجة ماسة إلى يقظة من أجل قراءة الواقع قراءة منطقية و التعامل معه تعاملا مؤسساتيا بعيدا عن الأمزجة و الأهواء و الانتماءات الضيقة حتى لا نسمع قريبا خبرا عن انفصال قطعة غالية جديدة من التراب العربي .


فيصل الزوايدي
رد مع اقتباس