الموضوع: شعراء الطين
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-09-2010, 07:03 PM
الصورة الرمزية أبو المؤيد
أبو المؤيد أبو المؤيد غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: In Sohar Heart
المشاركات: 1,435
افتراضي شعراء الطين

عندما تتشابه العناصر الذرية في التركيب بين جسم الإنسان والطين ولا يكون بينهما إلا اختلافات بسيطة لا تكاد تذكر، ليرجع الإنسان إلى أصله الذي خلق منه فيتأثر ويؤثر فيه، حيث أن التشابه بين الأشياء يولد نوع من الحميمة فيما بينهما، مثلها مثل التوائم الذين يؤثر كل منهما على الآخر عن طريق التواصل الذهني.

عرف الإنسان الطين منذ القدم فشكله وطوعه كيفما أراد، فصنع منه المسكن وأدوات المأكل والمشرب، وتعدى ذلك أيضاً للمدفن، ومع تطور الحضارات والتقدم التكنولوجي لم يعد للطين تلك المساحة التي كان يصول ويجول فيها سابقاً، وصار شيءٍ لا يعدوا كونه كلمةً تنطق، إلا أن الطين بداء مرةً أخرى بالحضور بقوة ولكن هذه المرة ليس على أيدي الحرفيين أنما على ألسنة الشعراء، فكان حضوراً لافتً للأنظار، حيث أن العديد من الشعراء قد تأثروا منه، فصار متضمنً في العديد من قصائدهم، وهنا يتساءل المرء: لماذا يا ترى هذا العشق الغريب للطين؟!.

في الملتقى الأدبي السادس عشر والذي أقيم بولاية صحار كان الطين حاضراً بقوة في قصائد الشعراء، وحتى الناقد والشاعر العراقي "عدنان الصائغ" الذي قدم قراءة في "اشتراطات النص الجديد – رؤية في القصيدة الآن" كان الطين حاضراً في ثلاث قصائد من القصائد التي ألقاها، فهل الطين فعلاً يؤثر على المشاعر الإنسانية أم أن ذلك لا يعدوا كونه صدفة؟، بحسب اعتقادي لا وجود للصدفة هنا، وأن الشعراء يتعمدون وضع الطين بين جوانب قصائدهم سوء كان ذلك بقصد أو بغير قصد، فبما أن الطين والإنسان يكادان يكونان توأمان كما أسلفت، فلا بد من وجود لغة للتواصل بينهما بحيث تخلق جوً من التقارب بين الشاعر والمتلقين له، والقصد من اللغة هنا ليس اللغة المتعارف عليها أنما هي شيء محسوس يسري من روح الشاعر لأرواح المتلقين، أي من الطين للطين بتأثير من وحدة النشأة ووحدة التركيب، وبذلك نصل لنتيجة مفادها أن كلمة طين تلغي الحواجز بين الشاعر ومتلقيه ضاربةً على الأوتار الحساسة لديهم، وبما أن لجان تحكيم المسابقات من المتلقين فهم أيضاً يتأثرون بما يتأثر منه غيرهم، لذلك نرى أن غالبية القصائد المحتوية على كلمة طين تكون في صفوف القصائد الفائزة.

أن ما يدعو للدهشة أن شعراء الفصيح العُمانيون بدءوا بالتخلي عن كلمة "تراب" في قصائدهم ليستبدلوها بكلمة "طين"، فهل يا ترى سيكون "الطين" هو العامل الأوحد لتقبل القصائد من قبل المتلقين للشعر أم أن التطور سيمحو بريقه؟.

دمتم بخير.
__________________
ما أروعك.. يا قابوس الإنسان


رد مع اقتباس