عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-08-2010, 03:51 PM
سلطان الرحيل سلطان الرحيل غير متواجد حالياً
كاتب جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 16
افتراضي لعبتي ... و أميري .... و دماي ...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ... نص نثري اضعه بين يديكم بالنيابة عن كاتبته : roo7alqmar.... اتمنى ان تشاركوني أرائكم النقدية فيه ...



في مساء ماطر .. فتحت الأرض يديها .. لتعانق حبات المطر المتراقصة... معلنةً بداية عرس الأرض.. الناس يتراقصون – بالأحرى يهربون منها – بخطوات متسارعة كراقص نقرٍ بارع .. يبحثون عن تلك الزوايا ليتابعوا من خلالها رقصة المطر – أو لتحميهم منها –

حبات مطر ..... خطوات متسارعة ...

أصوات اخترقت روعة المنظر ..

" تبللت " ....

" تبللت ملابسي كيف سأذهب للحفل ؟!" ....

" أغلق المحل بسرعة .. ادخل المحصول أسرع .. أسرع .."

" أمتعتي .." "...

لا اااا كتبي ...

" " ساعدوني ..... "

أصوات.............. هنا و هناك ...


في تلك اللحظة خرج هو مسرعا من مستشفاه الذي يعمل فيه .. فلقد انتهى موعد عمله و حان وقت العودة – شخص أخر قرر الدخول لقصتنا – جل ما يفكر فيه ... هو العودة للمنزل ... و الاحتماء من المطر.. رغم تبلل معطفه.... وأخيرا كوب شاي ساخن يتناغم دفئه مع صوت اشتعال الحطب داخل مدفئته ...

"شعور حميمي " يتغلغل جسده المتبلل...

.. ابتسم ابتسامة جانبية و هو يرى تدافع الناس .. شد على معطفه عله يكسبه بعض الدفء .. و هم بالتحرك .. لكن سرعان ما أوقفه شئ ما .... هناك في الشارع المقابل لمكان وقوفه ...


فمن بين الناس المتدافعة ... جسد واجم ... لم تصدر أي حركة .. عيناها شاخصتان .. شعرها التصق بوجهها حتى أخفى معظم ملامحه .. رجفتها الواضحة و اهتزاز جسدها يدل على إنها تشعر بالبرودة .. لا بالتجمد .. لكنها لم تحرك ساكن ... و كأن ما تراه أمامك جسد تعلقت روحه بعالم أخر و ظل هو أسير تلك اللحظة ...


****



" أنظر .. أنظر .. إنه المطر .. قالتها و هي تسارع للخروج من المحل .. أتابع خطواتها بعيني .. هاهي الآن تقف تحت المطر .. بدأت تتمتم لحنا قيثاريا و لأول مرة اسمعه.. لم يتبادر في ذهني بأن لها صوتا رائعا كهذا .. و ترقص مع اللحن بخطوات رقص تختلف عن الخطوات المعتادة .. راقبتها و مشيت نحوها .. ابتسامة بدأت ترتسم بمحياها .. سألتها :" أين أنت الآن ؟ " . أجابت : " أنا الآن تحت المطر .. عند أول مرة ألتقي بك فيها .. ألا تذكر ؟ .. كان المطر ينهمر بقوة .. و بما أن كلانا يعشق المطر .. بدأنا بالرقص تحته .. بعدها .. التقت أعيننا و نحن نرقص .. ضحكنا على أنفسنا وقتها سألتني " أتحبين المطر ؟! " أجبتك نعم أحبه.. ولم تكن تعلم بان هنالك مجنونا أخر يحب المطر غيرك و لم أكن أظن بان هنالك من يهوى الرقص تحته مثلي .. بعدها دعوتني للرقص تحت قطراته علمتني الخطوات و علمتك اللحن .. " و بدأت تدور حول نفسها و ترقص من جديد .. بعدها رأته واقفا بعيد عنها يراقبها .. ذهبت إليه و بطريقة حنونة احتضنت وجهه بين يديها و قالت :" لماذا تنظر إلي هكذا باستغراب و كأنك لأول مرة تراني .. لقد اعتدنا على الرقص تحت المطر .. تعال معي هيا لنرقص ".. سحبته من يداه و بدأا يرقصان .. لم يعرف الخطوات ولم يعرف اللحن فثارها ذلك ودفعته بعيدا عنها .. وقالت بنبرة عالية " حتى الخطوات و الرقص نسيتهما ؟ "


تنهدت و أنا أردد بداخلي " لم تعلم و لن تعلم بأنني لست ذات الشخص أبدا .. عقلها لا يريها الفرق بيني و بينه ......! "


بعد دقائق ..

قالت و هي توجه الكلام لي : " أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟وكيف يشعرُالوحيدُ فيه بالضياع؟" .. لكنك كنت دوما تقول:" أتعلمين أي فرح يبعث المطر ؟! و كيف يشعر الوحيد فيه بالانتماء ؟! طبعا لأنني معك .. يصلني صوت ضحكتها الناعمة .. و تعود لخطوات رقصها المجنونة مع ذلك اللحن الذي يجعلك تتذكره و تبدأ بتمتمته معها ..

للحظة نسيت بأنها مريضتي و نسيت باني طبيبها .. للحظة شعرت فعلا بأنني من أحبت ذات يوم و بأنني أنا من تحاول تشبيهه بي ... ابتسمت لابتسامتها وشاركتها جنونها ورقصها تحت زخات المطر ..



حل الليل و مازلت ألاحقها من مكان إلى أخر .. لقد كشف لي مخزون خيالها الواسع الكثير عن حياتها .. أعلم ألان بان اسمها غلا .. و اعلم بأنها بعمر الزهور .. و اعلم بأنها تزوجت من من أسمته أميرها ثم تحول إلى سجانها .. و أخر ما تبقى أن أفهم هو " دميتي " ... كنت مسترسلا بأفكاري غارقا في تحليلاتي إلى أن سمعت صراخها ألتفت لها بقوة ..

لأجدها تلوح بجنون و شغف .. مالئة المكان بصراخها العالي مشيرة لتلك الباخرة القابعة في منتصف المحيط منيرة سطحه بإنارتها الكبيرة .. أرعبتني بعثرتني شتتتني .. أضحك ساخرا لحالي مستغربا- فكأنما كتب لي أن أرحل و أعود لواقعي بصرخاتها المتتالية - متسائلا .... هل أنا أمام إمراة؟؟!! .. أم أمام طفلة بجسد امرأة ؟؟؟!!! ..


***


لقد تعبت رميت بجسدي الهالك على رمال الشاطئ .. تمددت .. ورفعت نظري إلى وجه القمر .. وقتها ظهر لي انعكاس وجهها المبتسم .. " لقد جننت فعلا "

أغفو قليلا عنها- لأعود لتلك اللحظة التي إلتقيتها فيها شدني جمودها تحت المطر .. اقتربت منها لتصدر بعدها صرخة وجدت لها مكانا بين الصخب الموجود في المكان .. وتهوي بجسدها على الأرض .. و بحكم أني طبيب أسعفتها إلى غرفة الطوارئ بأسرع ما يكون .. كنت وقتها أصارع الوقت لإنقاذها .. شئ ما شدني لها .. الكل أستغرب حماسي خوفي .. هلعي عليها .. مما جعلهم يظنون بأنها قريبتي رغم إنها لم تعن لي شيئا وقتها .. و بعد أن استقرت حالتها قضيت الليل بجانبها مستغلا وضعي كطبيب و كل ما جال بخاطري هو أن اعرف من هذه ؟؟!! - لكن سرعان ما يقشعر جسدي لإحساس قرب جسدها مني ... أفز من مكاني و أفتح عيني فأجدها مستلقية بجانبي ممسكة بيدي و باليد الأخرى تحاول رسم خيالاتها بأصبعها النحيفة في وجه السماء تحاول ربط النجوم ببعضها البعض بخيوط وهمية مشكلة رسوما وأشكالا تضحك عليها ... أعود لنفس الوضعية فلقد أصبحت تلازمني منذ أول لحظة استفاقت فيها .. تعلقت بي كثير و أنا الذي يربكني قربها في كل مرة .. أخذت أسبوعا كاملا لتستيقظ من سباتها لنكتشف بأنها تعاني من فقدان ذاكرة مؤقت و عالمها كله تمحور حولي كوني أخر من رأت قبل أن تنهار و لأكون صادقا أكثر أنا لست إلا صورة مشابهة لواحدة حفرت بذاكرتها و تحاول استرجاعها .. فقررت اليوم بأن أريها العالم الخارجي علها تذكر سبب سقوطها .. سبب فقدانها لذاكرتها ..وهذا أنا ذا معها منذ الصباح إلى الآن...

أتأملها.. أحاول أن أقرأ ما تفكر فيه! ما تشعر فيه بهذه اللحظة .. يشدها شئ ما أرفع بصري .. لأرى ما شدها .. ما الذي استحوذ تفكيرها و حثها على الوقوف .. كانت أشكال و ألوان الأصداف المبعثرة على الرمال .. تذهب إليهن .. تتبع تناثرهن المتتالي و كأنهن بذلك التبعثر يشكلن طريق مفروش ما أن تتبعه حتى يقودك لما يخفيه في نهايته .. أتابع خطواتها ..


لوهلة بسيطة خيل لي بأن هنالك من يقترب منها أجول ببصري حولها لأجده واقفا هنالك على بعد خطوات منها .. يراقبها مثلما أفعل أنا .. ثانية و بدأ هذا المجهول يقترب منها .. بلا شعور أجدني أسارع لها .. اعلم بأنها ستصرخ مرة أخرى فهي إلى الآن لم تقترب من شخص غيري .. و هذا المجهول يمشي نحوها و كأنها غايته و يعرف من هي .. لم أصل لغايتي .. فقد رفعت رأسها نحوي لتريني ما وجدت و تحثني لمشاركتها .. تنتبه له ... تلتفت نحوه ... تتجمد ... أعيد مشهد المطر أمامي ... تصرخ ... و قبل إن تسقط مددت ذراعي لأمسكها...


***


في صباح اليوم التالي .. تستفيق .. يفحص الطبيب إشاراتها الحيوية .... يسمح لنا بالدخول لرؤيتها .. تنتقل نظراتنا أنا وذلك المجهول .. خائف .. متوتر .. مرتبك .. مشتت الأحاسيس و الأفكار .. أخبرنا الطبيب بأن الموقف بالمكان و الزمان و الشخوص أيقظ ذاكرتها من سباتها المؤقت .. و هي الآن بخير و بأن ذاكرتها عادت تماما لها ... لأول مرة أدعو بأن يكون الطبيب مخطئا وبأنها ما زالت فاقدة لذاكرة .. نسمع صوتها و هي تصرخ .. نتسابق لغرفتها .. لنجدها واقفة شامخة فوق سريرها تبعد الممرضة عنها تنادي :" بــــــــــنـــــــــدر " أبعدها عني أنا بخير .. لا أريد الإبرة أرجوك بندر أبعدها ...


"قلبين... احدهما أحس بالضياع و الأخر أحس بالاحتواء..

عيون.. عادت لتيه .. و عيون وجدت مستقرها ..

تساؤلات انفجرت من عقل طغى عليه الغباء.. و تساؤلات وجدت لها حلول ..


انسحاب تخاذل لدقيقة أحسست بأن جسدي قد شل .. لساني عجز أن يسألها و أنا الم تتذكريني ؟!.. مطعون اجر أذيال....لم أستطع أن أكمل و أنا أراها .... أراها كيف تعلقت به .. تنادي اسمه .. تحتمي به .. تذكرته ... كان هو حبيبها .. زوجها .. أميرها النبيل.. "


لن أنكر بأنها أثارت سواكن وجداني .. أحببت العالم الذي صنعته لي .. و أحببت استسلامها لي .. لكن العلاقة بين الطبيب و المريض منعتني من أن أنجرف أكثر.. وبقي سؤالي .... أفعلا نسيت من أنا ؟؟!

***

رحلت بعد أن نحتت صورتها بداخلي و خطت ذكريات يوم لن ينمحي من صفحاتي .. أعود إليها متى ما تعبت من حياتي هذه و من روتينها .. متى ما شعرت بالحنين للحظة جنون و خروج عن المألوف ..



رحلت بعد تركت لي صدمة أخرى.. (ورقة وجدتها على سطح مكتبي بعد أن تابعت بعيني خطوات ابتعادها )..



" قالوا لي بأن الزواج مجرد لعبة .. تلعبين فيها مع أميرك .. و بعدها تكون عندك دمى خاصة بك .. ليس لأحد حق فيها .. و سيملئ قلبك شعور بالحب و الخوف من فقد الأمير أو الدمية .. لكن في الحقيقة أميري رحل لينضم في لعبة أخرى مخلفا إياي .. ابحث عن دماي .. الدمى التي تبعثرت و ما عدت اعرف أين رحلت ؟


أميري في لعبتي كان فارس من فرسان القلعة الكبرى .. في طياته يحمل شهامة يتخلله حب ملكي .. إخلاص ووفاء .. لكن أميري الحقيقي ليس إلا رجل عادي من حاشية الملك .. في طياته يحمل جبنا لا مثيل له و قوة على ظلم الناس و الضرب .. بعدها قرر أن يتركني ..


دماي في لعبتي .. عرائس رائعة الجمال تلبس أفضل الملابس و الحلي .. إشراقه وجهها و ابتسامتها تجعلك فرحا على الدوام .. لكن في الحقيقة دميتي كانت طفلتي التي قدمت إلى الحياة و رأت الحياة من نافذة عيني و طعم الحب من حناني و عطفي .. دماي في لعبتي جامدة و لكن طفلتي كانت حية ترزق من روح و جسد لكن .... فقدتها في مكان ما و لا أعلم أين هي ..


في لعبتي كانت تتمحور حولنا نحن الثلاثة أنا و أميري و دميتي .. و لكن في الحقيقة .. دخل شخص أخر إلى حياتي و قام بتلوينها .. شخص .. مثلت بأنني لم أتعرف عليه فقط لأخفي لمعان الشوق بعينيه .. شخص سأحمله دوما بين جدران قلبي و حنايا ذاكرتي .. ما حييت .... "


ابحث عني بعد فترة ستجدني قابعة في أورقة احد المستشفيات مرة أخرى ... و دعنا نعيش يوما أخرا بجنون ..



والتوقيع كان باسم : مريضة من نوع أخر ..
رد مع اقتباس