عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 10-05-2010, 02:44 PM
عبدالله الزعابي عبدالله الزعابي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: في قلب الرنين
المشاركات: 435
افتراضي



وفي ذات مساء ..
بينما كنت أنبش في دفتري القديم ،
صدفة وجدتها تبحث عن بقايا خطوة لها في مسائي المحموم بذكرياتها ..
فإذا بها تعثر على مجموعة من العهود ، ترقد على منضدة ، في زاوية من الصمت ،
طال بها الانتظار في الركن المهجور.. فتوجهت نحوها حتى
استقرت بها أقدامها عند ذلك الألم الراقد فوق تلك المنضدة.
ثم راحت تنفض من فوقه حبات الغبار ، علها تجد ما يوحي بالأمل
لتعود فتحيي قصة عفا عليها الزمن ووري ثراها في مدافن التاريخ.

وبينما كانت تبحث ، أبصرت يرقة بيضاء تنبض ببطء شديد ..
تتحرك في عشوائية من الخطى ، تزحف على ألواح ذكرانا يمنة ويسرة ..
فبقيت ترقب ذلك الكائن الضعيف وكأنها تبحث في شيء عن أشياء كثيرة.

واستمرت واقفة على رأس عهودها .. حتى نظرت إلى مرآتي البعيدة ..
فإذا بها تتكرر مرتين .. أيٍ من هما هي ..؟
هكذا تساءلت حينما فوجئت بشخصها صورة كاملة مَلئت بجمالها برواز المرآة ..
حتى استفاقت على صوتي المرسوم فوق سطور خواطري إليها وفي متن مؤلفاتي.

يومها .. أول مرة أسمع صوتها في أذني ..
وأول مرة ألمس صورتها في قلبي بعد غياب لها طويل ..
غادرت فيه مدائن اشتهائي .. حتى شعرتُ بها تتدفق عذوبة في فمي.

فصاحت بي .. أيها الطاووس .. أين كنت عن أرض البطاريق ..؟

ما أجمله من نداء .. لقد كانت تبحث عن صوتي في مساحات الفرص ..
أرض البطاريق يا سيدتي ليست مساحاتي ..
فأنا بحاجة أكبر إلى بحر من المساحات الزاهية بالتميز والألوان المتوهجة.

فراحت تكرر ما قلت على أذنيها علها تجد نفسها في بطن المعنى الذي
قلت أو على الأقل ربما تجد ما يشير إلى أنني أبحث عنها هي دونما سواها ..
حقاً ( بل ) يقيناً أنها تعلم عمن أنا جاد في البحث عنها ،
فليتها تسألني لتختصر المسافات الطويلة إلى قلبي.




قالت .. حسنٌ سيدي .. أي شيءٍ تود أن.......................!!
فقاطعتها القول بل أي شيءٍ أودها أن تكون.. يا سيدتي .؟

فأعادت صياغة السؤال كما أردت .. ليتأكد لها الجواب ..!!

سيدتي .. إنني أبحث عن ذاتـ الغريزة الماهرة ، تجيد كل أنواع الفنون ،
تجيد العيش في قلبي وتجيد الرقص والعوم في صدري ..
تجيد أشياء كثيرة .. وكثيرة..!!

فتبسمت .. وقالت في أخرى .. أي شيء تودها سيدي أن تكون .؟

شعرت أنها حقاً قد فهمت ما أود في النهار لرضائي ..
وما يشتهيه من الليل جسدي ..! فهمت غذاء روحي .. !
وما تعشق أن تغوص فيه أصابعي ( ضفائرها ) تلك وما أرجوه منها ..!

عرفت أي الرجال أنا إن أردت عنها سفراً ما أريد منها ليرافقني ..؟
عرفت أن حقائبي بعدد اشتهاءاتي .. وأن قهوتي بلون ملذاتي ..
وأني لست كمن يشربون الماء في عجل .. كمن يمتطون ظهر الخيل في سبق.

عرفت أني لا أحب إلا شمعة من يديها تضئ الليل حمرة في كل ركن من زوايا غرفتي.

كل هذا كان إليها حديثاً قد اشتهته .. حتى التصقت بشفتي بكل قوة وحضنتني ..
وقالت .. أيها المجنون أي شيء هذا الذي قد صدعت به كل أركان عشقي ..؟

أيها البطريق .. أنا أرضك هنا وفي بطن سريرتك رغم خجلي ورغم استحيائي ..
أيها البطريق .. لقد أوقدت إليك مدفئتك .. فأقبل ..
لأن كل شيء في داخلي أشعر بأنه قد استوى ونضج .. البلح الأحمر في صدري ..
وأنهرٍ تروق إليك .. تسيل بخمرها كالعسل .. تفيض من كل جوانبي ..!
أنثى أنا يا سيدي فترفق بي وبقلبي ..
ثم راحت تجري و هي تعض على شفتيها وتعلن في صرخة ..
أدرك يقيناً من أنت ( بحق بربي ) ومن تكون..!


الطيــر المسافــر ..

الأول من شهر تموز/ يوليو 2009م
__________________
-----------------------------------------------

هل إنحازت اللغة للرجل ..؟
وهل تم تذكير اللغة تذكيراً نهائياً ..؟
أم أن هناكَ مجالاً للتأنيث ..؟


-----
عبدالله الغَـذَّامي
كتاب المرأة واللغة

---------------------
(الـطــــــــالطيرالمســــافــرالطيرـــيـــــــــــر)