عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-05-2010, 10:03 PM
الصورة الرمزية محمد الطويل
محمد الطويل محمد الطويل غير متواجد حالياً
عضو مجلس ادارة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 2,036

اوسمتي

افتراضي لا أملك قرار اختياري !!!


تعربد الفوضى في ذاتي وأنا أشهد عن قرب مشهد خرابي فلا أمل أغمض عليه جفني لأنطلق معه في الصباحات ولا بقايا فرح أبقيها بين يدي أطوف بها عمر الزمن وأتذكرها مبتسماً ، ظلام أخترقه وحدي والدرب طويلة وأنفاسي كلها ألم واحتراق .

مذنب في حق نفسي أعلم ذلك لكن من أين آتي بشموع تنير ظلمة النفس أو تقتل العتمة فيها .. اشتهي السعادة حد الاحتراق ولا أجد غير غربة تمنحني ضياعا وشتاتا وتعاسة .. مذنب في حق نفسي لكنني لا أجمع من الأيام غير بؤسي أما فرحي فقد غادرني من زمان بعيد .


ألم يقل نزار يوماً ( أنا شاعر كان له ككل الرجال تراث من الصدق لا يخجل منه ، ومجموعة من الرسائل لم يجد الشجاعة الكافية لإلقائها في النار ).
كان يدرك نزار أن في تلك الرسائل ذكريات دفينة وطريق طويل قطعه ومجد حب توالد في الذات فاعترف بعدم شجاعته ، إذ ذاك ما تبقى من خيط الحب ، فكيف يقطع ما تبقى من خيط حب ربما سيعود أو ربما تلذذ بذكراه في وحدته .... هكذا هو حالنا تضعنا الأيام على مقصلة الوداع فلا نملك أن نقول لا ولا نملك الخيار بأيدينا فنتمسك ببقايانا حتى وإن عذبتنا طويلاً .

تمر السنون وفي داخلنا ألف جرح منذ أن تفتح لنا الصباحات شرفاتنا بشمسها إلى أن تؤول تلك الشمس إلى مخدعها خلف قمم الجبال .. تمر السنون والصحراء تتمدد فينا كل نهار وليل بل تزيد من كثبان رمالها فينا فتغير ملامحنا وترسم على وجوهنا خرائطها وتجز بمشرطها علامات الهرم .

لم يمت الماضي ولم يقوى الحاضر على محوه والغد تفاصيله تشبه ما قد مضى وما سيأتي يشبه ببعضه فالغيوم الرابضة لا تمطر وخيوط الشمس المدلاة التي تخترق وجه الغيم لا تنير وأوراقي اصابها الخريف فتساقطت تباعاً محدثة دوي عند سقوطها .

أعلم أن شيء في داخلي يتكسر لأني أسمع شظاياه وهي ترتطم بجدران صدري .. أعلم أن طير قلبي ما عاد يطير فقد وضعوه على مقصلة الزمن وقطفوا جناحاه .. أعلم أن الريح تعوي في جوانب قلبي المكلوم منذ الرحيل الأخير .. أعلم أن الزوابع الدائرة في الذات سوف يأتي غبارها على كل شيء .. كل ذلك أعلمه لكن ليس بيدي تحنيط الزمن ليتوقف ولا بيدي أن أزيل ألغام الذاكرة لأنسى ، ولا لقلبي حيلة في أن يبقى معلقاً بخيوط أمنيات مستحيلة فماذا أفعل ؟! .

قالها سنان المسلماني : ( في العتمة تكتسب الروح مساحات من وجد مضنٍ .. في العتمة تستيقظ آلامي وأحس أن هذا العالم الموحش يمضي لبطن الحوت ، عابراً جسراً من أشواك تدمي ).

قبل أن أرحل نسيت قطرة من دمي سقطت على التراب سأجمعها بأصابعي وأغادر ذاتي لعلني أتزود منها للعطش القادم في الغد الآتي .


محمد الطويل
3 مايو 2010م
مسقط
رد مع اقتباس