الموضوع: غموض
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-01-2016, 12:05 PM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي غموض

ذات مرة زرت المصرف؛ الذي اعتدت إيداع نقودي فيه، وفي كل مرة أدخل فيها إلى المصرف كنت أشعر بالسعادة والسرور، طبعا ليس من أجل المال، ولكن لأنني كنت أستمتع بمنظر كبار السن وهم يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم، فبعضهم يتميز بروح الدعابة، وبعضهم يتميز بالصبر الجميل، وآخرون يتقدمون سواهم لدواع كثيرة، وفي هذه المرة، كنت أجلس في آخر زاوية هناك، وكنت أسترق السمع لحكاياتهم اللذيذة، فجذب انتباهي صوت أحدهم وهو يصيح فيهم: ياجماعة الخير، سأروي لكم حكاية حدثت في الماضي البعيد، وبدأوا ينصتون بشغف، وبدأ الرجل يسرد القصة بأسلوب رائع وجميل، مع تغيير في نبرات الصوت وبلغة منظمة مرتبة، وكأنه تخرج في إحدى الجامعات، كنت أعرف هذه القصة، وكنت أطلب من أمي أن تحكيها لي مرارا وتكرارا عندما كنت صغيرة.
تتمثل هذه القصة في أن هناك امرأة كبيرة في السن، رغب عنها وحيدها وألقى بها في الصحراء، وجاءها ثلاثة من الملائكة وطلبوا منها ماء، فجادت عليهم، فدعا لها كل واحد منهم بدعوة مباركة، وتحققت الدعوات، وزارها ولدها بعد حين ليجدها في أحسن حال، وأنعم بال.
كنت أتابع القصة باهتمام كبير وهو يحكيها بنفس طويل وكأننا في حضرة الحكواتي، الذي كان يطرب الجميع بحكايات أبو زيد الهلالي وعنترة بن شداد، عندما أنهى الرجل القصة، بدأ ينتقد الفتى في القصة، ويوبخ ويقرع كل من تسول له نفسه أن يعق والديه، ومن كان لهم الفضل في تربيته، والحدب عليه في هذه الأثناء كنت أبذل مجهودا كبيرا، لأعاين الرجل الذي كان يحكي القصة لكثرة الجمع، وخشية أن يظن بي ظان الظنون، وفعلا تمكنت من رؤية الرجل ، وهنا كانت المفاجأة، فقد بدا هذا الرجل في ثياب رثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وكان إزاره متدليا على الأرض، ويلبس عمامة عفى عليها الدهر، وبدت لحيته كبيرة وكثيفة غير مرتبة، والأدهى من ذلك، أنه كان حافي القدمين، شعرت بالأسى والحزن الشديدين ، وتسرت في جسدي قشعريرة عجيبة وأنا أحدث نفسي قائلة: لعل هذا الرجل يشكو من عقوق أبنائه؛ لذلك كان يحكي هذه القصة،و خرجت من المصرف وعلامة استفهام كبيرة تدور في رأسي حول هذا الرجل المسن.
تمت بحمدالله
بقلمي، أم عمر

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة السوسن ; 21-01-2016 الساعة 12:08 PM
رد مع اقتباس