[حمد السيابي]

قراءة في ذاكرة المطر
عندما يسقط المطر يزداد الشوق إليك ..
من أين أبدأ رحلتي إليك أيتها المسكونة بالزهو والدلال .. كل شيء فيك يمنحني حق تسلق جدران الذاكرة .. والقفز فوق حقيقة الأحزان .. حق البكاء تحت أشجار الكلمات، وسطور النهايات، التي تذوقت طعم عشب لياليها ، وأنا أسجل في دفاتر ذاكرتي أرصدة الشوق والدمع والفرح.. الممزوجة بجنون جمالك الذي لم يترك لي إلا الهذيان على ضفاف الورق
الآن وأنا أسابق ظلك تحت المطر .. أقبض على جمرك فتحترق أصابع الحروف .. المطر وحده من يعيدك مبللة كعصفورة تطلبين الدفء .. عصفورة أثقل المطر أجنحتها فحطت على أغصان الروح ..
يسقط المطر على ذاكرتي الموحشة بغيابك عن أماكنها .. يسقط ليغسل ما تبقى من حضورك .. ما تبقى من وجع غيابك .. هنا تمتزج رائحة عطرك برائحة المطر، فينبت المكان زهرة بلون البنفسج ..
يا امرأة مسكونة بالذوق مسكونة بالموج مسكونة بالريح مسكونة بالكلمات.. مسكونة بالعطر مسكونة بألوان قوس قزح مسكونة بالمطر..
آه ، من لفؤادي ينفض عنه غبارك.. ينفض عنه ما علق على جدرانه من أشيائك .. من يزيح عنه ثقل غيابك .. من يمسح عنه دمع طعناتك ..
يأتيني صدى صوتك مبحوحا وكان ذات يوم معزوفة عشق ..
تأتيني كلماتك شحيحة على ورق الإهمال فوق طاولة العمر ..
أيتها السحب العابرة سماء يومي .. أيتها الغمامة المثقلة بمطر الذاكرة اعبري لحظاتي بدون ألم بدون مزيد من الضياع .. اعبري بأقل خسارة من كلمات مبعثرة .. بأقل خسارة من هذيان، اعبري قلبا معروضا للبيع ..
تساقطي يا حبيبات المطر على قلبي وأعيدي إليه بعضا من شبابه .. أعيدي إليه رائحة عطر حبيبته .. أعيدي إليه ابتسامته .. أعيدي إليه جنون سفره وهو يسابق حقائبه في مطارات مدن المطر ..
أيتها الآتية مع ذاكرة المطر .. ها أنا أحملك طيفا يجلس بجانبي على مقاعد العبور .. ليتك الآن معي أعبر بك مطارات عواصم الدنيا .. أعبر بك مدن الأحلام .. مدن الجمال .. مدن الشوق .. مدن المطر .. ليتك الآن معي نتسابق كما كان حلمك ذات يوم تحت المطر ..
يا من تملأ دفاتري عطرا وذاكرة .. ليتك الآن معي وأنا ألملم أوراقي حتى لا يبللها المطر ..
( من أجلك كتبت رغم أن أحزاني تملأ المكان ، فأي كلمات أنت؟ )