كان اتجاهي علميا ، كنت أبدي ميلا للمواد العلمية ، وكانت أمي – رحمها الله – تتهمني بالتخريب
كنا نقوم بتصدير الخضار ، والفواكه ، والحبوب للبنان ، وتركيا ، وبعض أسواق الشرق الأوسط ..
قرية صغيرة ، وادعة ، في عمق سهل حوران محاذية للجمهورية العربية السورية،
لكنها في القلب كبيرة ، بتكافل أهلها ، وتماسك أفرادها ..
كانت هوايتي ممارسة اللعب بالخضار، والفواكه .
الغرفة الشرقية - وهي إحدى الغرف التي كانت تجمع أفراد العائلة - كانت مخزنا للحبوب
والمحاصيل .
سكين كتب عليه : صنع اليابان ، لكن مقبض السكين كسرت ، قمت بعمل مقبض من الخشب ،وقمت
بتثبيته بقطعة من المعدن لتصبح أقوى من ذي قبل ..
وفي عام دعفل ، هطلت الأمطار فيه بغزارة ، جرت السيول ، لترتبط من أقصى الشمال حتى تصب في
نهر اليرموك الخالد ، لتكون موسما لهجرة الأسماك إلى وادي الشلالة .
نبدأ بممارسة هواياتنا بصيد الأسماك ، والسباحة ، ونجني من الخيرات الوفيرة ، في الشعـــــــــاب
والسهول :
الفطر ، والزعتر ، والجلتون ، والقصيصة ، والقريص ، والخرفيش ، والعلت ، والعكُّوب ، والقُرّة ،
والجعدة ، والخبيزة ، وغيرها الكثير ، كل ذلك في فصلي الشتاء ، والربيع ، حتى في الخريف ،
والصيف لا تنقطع الخيرات. فالحمد لله دائما ..
أسماء أعشاب كثيرة نسيت أكثرها ، لكنها سبحان الله ! في سهول بلدي متنوعة، وفوائدها كثيرة ..
وتبدأ المعركة بيني ، وبين المحاصيل ، كنت من هواة تقطيع الخضار ، لترى أمي مجزرة من جنى
الحقول (أكواما) ، وأما العقاب ، فقد اعتدت عليه ، لدرجة أنني أصبحت بليدا ، نوعا ما ...
إذاعة (صوت العرب) كانت محظورة من قبل والدي
وكانت أمي تنعتني "بالمخرب "، فتأتيها ابتسامة ، حينما تستمع لنشرة الأخبار ،يتصدر موجز الأنباء فيها عبارة :
قتل مخربان وأصيب آخران بشكل شبه يومي ..
هههههههههههههههههههههههههههه
هذه العبارة ، كانت تبث في قلب أمي السرور ، حينما تسمعها ، لكنني هذه المرة أيقنت أن العقاب كان درسا لن أنساه ..
لست مخربا يا أمي والله ، لكنني ببراءة الأطفال أحب اللعب ، فقلبي طيب لأبعد الحدود ، ولا شك أن
ابتسامتك في وجهي خير دليل على ذلك ..
وفي المدرسة ، حينما كان الجرس يعلن نهاية اليوم الدراسي ، كنت أقضي بعض الوقت للاستماع (للراديو) .
كان حجمه آنذاك بطول 35 سنتمترا تقريبا ـ وارتفاعه ما يقارب 15 سنتمترا .
كنت أفكر ، كيف يتسع مثل هذا الجهاز لمذيع ، وحينما أهم بفتح صندوق المذياع ، أرى قطعة صغيرة
فينتابني الفرح ، لأقول لأمي :
يُمّه.. يُمّه :
هذه أسنان المذيع ، فأين بقية أجزاء جسمه ؟!