عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-11-2013, 12:31 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي علاقة القرآن الكريم بالسُّنةِ النبويَّةِ الشريفة...



________________________________________


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم
واهتدى بهداهم إلى يوم الدين وبعد:


علاقة القرآن بالسنة

ينبغي أن نعلم يقيناً أيها الأفاضل -من إخوة وأخوات-
أن القرآن أحوج إلى السنة من حاجة السنة إلى القرآن
أكررها وهي قولة العلم الإمام الأوزاعي رحمه الله قال:
القرآن أحوج إلى السنة من حاجة السنة إلى القرآن.
والقرآن لا يمكن على الإطلاق أن يفهم إلا من خلال سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
بعض الناس لا يقبل السنة إلا إذا كانت موجودة في القرآن
فمن الناس من يهجر السنن ويتركها بحجة أنها ليست في القرآن الكريم
وهذا خطر عظيم، لقد ظهرت جماعة تسمي نفسها بالقرآنيين
والقرآنيون جماعة ظهرت في بلاد الهند تزعم أنه لا حاجة في السنة
ويكفينا القرآن؛ فهؤلاء لا هم أخذوا بالقرآن، ولا هم أخذوا بالسنة؛ لماذا؟
لأن من ضيع السنة فقد ضيع القرآن.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك بسند صححه الذهبي وغيره
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي
ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )
لن يفارق القرآن السنة، ولن تفارق السنة القرآن
حتى يرد القرآن والسنة على النبي صلى الله عليه وسلم
في حوضه الشريف، والقرآن نفسه يأمر باتباع السنة
قال الله جل وعلا: { وما آتاكم الرسول فخذوه }
[الحشر:7]
الذي يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام إما سنة قولية، أو سنة فعلية، أو سنة تقريرية
فالقرآن يقول:
{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب }
[الحشر:7]
والقرآن يقول: { من يطع الرسول فقد أطاع الله }
[النساء:80]
والقرآن يقول: { وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون }
[النور:56]
والقرآن يقول: { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا }
[المائدة:92]
أي: احذروا أن تحيدوا عن طريق رسول الله تبارك وتعالى أو تقعوا في معصيته
والله تبارك وتعالى في آيات كثيرة جدا يأمر باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم:
{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
[آل عمران:31].
أحوال القرآن مع السنة :
انظر إلى التفصيل البديع لـ ابن القيم رحمه الله
حيث يقول السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
أن تكون السنة موافقة للقرآن من كل وجه.
يعني: يأتي القرآن فيأمر بالتوحيد، والصلاة، والصيام
والزكاة، والحج، فهذه وردت كثيراً في القرآن
الله تبارك وتعالى يأمر عباده بعبادته، ويأمر عباده بالصلاة
ويأمر عباده بالتوحيد في آيات كثيرة جداً:
{ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى }
[البقرة:256]
{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
* لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
[الأنعام:162-163] إلى آخر الآيات.
ويأمر بالصلاة: (وأقيموا الصلاة)، ويأمر بالزكاة:
(وآتوا الزكاة)، ويأمر بالحج: { وأتموا الحج والعمرة لله }
[البقرة:196]
ويأمر بالصيام:
{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم }
[البقرة:183]
فتأتي السنة هي الأخرى لتأمر بمثل ما أمر به القرآن
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( بني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله -دعوة للتوحيد-
وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان
وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ).
الوجه الثاني: أن تكون السنة موضحة لما أجمله القرآن.
رب العزة أمرنا في القرآن بالصلاة، قال تعالى: { وأقيموا الصلاة }
[البقرة:43]
افتح لي المصحف من أول سورة الفاتحة إلى سورة الناس
وأخرج لي آية من القرآن الكريم تقول:
إن صلاة الظهر أربع ركعات؛ هات لي آية في القرآن، مستحيل!
هات لي آية في القرآن تحدد لي أركان الصلاة!
اقرأ علي آية في القرآن تبين لي أسباب بطلان الصلاة
أو تبين سنن الصلاة، أو أحكام الصلاة تبين ذلك، مستحيل! إذا:
أين نجد هذا الكلام؟!
في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصلي الفجر
والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء،
ويعلم الصحابة رضوان الله عليهم؛ ثم يأمرهم ويقول:
( صلوا كما رأيتموني أصلي ).
القرآن قال: { وأقيموا الصلاة }
[البقرة:43]
لكن متى أصلي؟ وكيف أصلي؟
يأتي النبي عليه الصلاة والسلام ليوضح ما أجمله القرآن،
هذا هو الوجه الثاني:
أن تأتي السنة مفسرة موضحة مبينة لما أجمله القرآن الكريم
يقول ربنا تبارك وتعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله }
[البقرة:196]
كيف نحج؟
متى نقف على عرفات؟ وما هي حدود عرفات؟ وما الفرق بين وادي عرفة ووادي عرنة؟
وكيف نرمي الجمرات؟ ومن أين نأخذ الجمرات؟
كل هذا لا تجد له ذكرا في القرآن، إنما جاء الأمر مجملاً:
{ وأتموا الحج والعمرة لله }
[البقرة:196].
فيأتي الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم ليفصل، ويفسر
ويوضح ما أجمله القرآن في قوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله }
[البقرة:196]
فيحج أمام الصحابة، ويعلم الصحابة رضوان الله عليهم مناسك الحج والعمرة
ثم يلتفت إليهم ويقول: ( خذوا عني مناسككم ).
هذا هو الوجه الثاني: أن تكون السنة موضحة لما أجمله القرآن
وعلى ذلك أمثلة كثيرة جداً في القرآن كله
وكما ذكرت لا يستطيع أحد مهما كان عقله أن يزعم أنه يفهم القرآن
بعيدا عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
يعني: مثل هؤلاء اجعله يغلق كل كتب السنة، ويقرأ القرآن وحده
ويفهمني من القرآن كيفية الصلاة، وكيفية الزكاة
مستحيل حتى يرجع إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم
ليقف على تفصيل هذه الأوامر القرآنية المجملة.
الوجه الثالث -وهو من أخطر أوجه السنة مع القرآن-:
أن تكون السنة موجبة أو محرمة لما سكت عنه القرآن:
إذاً: السنة مصدر تشريع مستقل تماماً
اسمع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ماذا يقول؟
روى أبو داود ، و الترمذي وغيرهما بسند صحيح
من حديث المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:
( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه -يعني:
القرآن والسنة، وليس الكتاب فقط، انظر إلى التعبير النبوي-
ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول:
عليكم بهذا القرآن -يعني: يكفينا القرآن-
فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه -يعني:
في القرآن فقط- وما وجدتم فيه من حرام فحرموه -
اسمع لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول-
: ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي )
أخرج لي هذا من القرآن، لا تجدها في القرآن
هذا تشريع جديد، النبي صلى الله عليه وسلم يحرم:
( ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة المعاهد )
وفي لفظ: ( إلا لمن عرفها ) وفي لفظ:
( فإن ما حرم الله كما حرم رسوله صلى الله عليه وسلم ).
فالنبي صلى الله عليه وسلم مشرع، فالسنة هنا تحل وتحرم.
ومن هنا يتضح لنا أيها الأفاضل :
أن القرآن أحوج إلى السنة كما رأيت
لأنه لا يمكن لعاقل على وجه الأرض أن يفهم القرآن
إلا إذا رجع لسنة النبي عليه الصلاة والسلام
فلا ينبغي أن نحقر السنة أو نقلل من شأن السنة
بل إذا نظرت إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
لرأيت العجب العجاب في اتباعهم للسنة وحرصهم عليها.
أذكر نقاطا سريعة جدا، يقول الصديق رضوان الله عليه:
(إنما أنا متبع ولست مبتدعاً)
ويقول عمر بن الخطاب وهو يقبل الحجر الأسود:
(والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك) اتباع للسنة.
ويقول سيدنا علي بن أبي طالب : لو كان الأمر
-أمر الدين- بالعقل؛ لكان المسح على باطن الخف أولى من المسح على أعلاه -
لأن باطن الخف هو الذي يقع في الأرض-
لكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على أعلاه، فهم يمسحون على أعلاه.
كان النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول
: اسمعوا اجلسوا أنصتوا، و عبد الله بن مسعود لم يدخل المسجد بعد
فجلس عبد الله بن مسعود خارج المسجد؛ لأنه سمع قول النبي:
(اجلسوا) وهو ما دخل المكان الذي بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فجلس
وقد ثبت مثل هذا عن غير ابن مسعود رضي الله عنه.

هكذا ينبغي أن نكون مع سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم
وأسأل الله أن يردنا إلى السنة رداً جميلاً، آمين يا رب العالمين.
دمتم برعاية الله

منقول
عن محاضرة لفضيلة الشيخ : محمد حسان




التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 01-12-2013 الساعة 08:54 PM
رد مع اقتباس