عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-10-2013, 08:59 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لاريْبَ-أستاذي الكريم طارق..-أن الشخصية المسلمة اليومَ تعيشُ في أزمةٍ،لأنها افتقدتْ الكثيرَ من منهجيتِها الربانيةِ وصوابِها في الفكر والممارسة،وراحَ شهودُها الحضاري ينحسرُ بشكلٍ يُثيرُ الدهشة والذهولَ معاً،وراحَ أداؤها الحضاري يظهرُ في مظهَرٍ يَجمَعُ بين الدونيةِ والتقهقر ويكشفُ عن مَدَى عجْزها في ( التقويم والمراجعة المَوْضوعية ) ومعرفةِ أسباب القصور،وتحديد مواطن الخلل والتقصير،فترتبَ عن ذلكَ-وهذا شيءٌ مُتوَقعٌ جدًّا-أنْ توقفتْ عن أداءِ رسالتِها الحضاريةِ في الشهادة على الناس،والقيام لهم، كما أرادَ لها خالقـُها جَلَّ وعَلاَ على مَرِّ الأعصر والأزمان،فأصبَحَ-للأسف-موقعُها خارجَ السياق التاريخي والواقع المشهود والمستقبل المأمول،وصار تفاعُلـُهَا الحضاري لا يَعدو أن يكونَ انبهاراً أمامَ الطرف الآخر وانكفاءً إزاءَ التحدي،لأنها دخلتْ في ذلك القمقم الآسر الذي لخصَّهُ العلاَّمَة ابن خلدون رحمه الله في كَوْنِ ( المغلوبُ مُولعٌ دائماً بتقليدِ الغالبِ )...!!

ومعروفٌ أن هذا ( الغياب الحضاري absence de la civilisation )-كما يصطلحُ عليه منظروا الحضارات في الدراساتِ الإنسانية الشاملة-أو الأزمة الحضارية التي تعاني منها أمتنا الإسلامية اليوم ليستْ بسبب العَوَز في القيَّم التي أكمَلها الله تعالى وتعهَّدَ بحفظِها في الوحيين المعصومين ( الكتاب والسًّنة )،الأمْرُ الذي تستلزمُه خاصِّيَّتَا : ( الخلود والخاتميَّة )-في رسالةِ الإسلام العالمية-أو بتعبير آخر : ليستِ المشكلة أو الأزمة التي يعاني منها العقلُ المسلم ؛ مشكلة قِيَمٍ،أو أزمة قِيَمٍ،وإنما المشكلة-كل المشكلة-في العجز الرهيب عن التعامل مع القِيَمِ ومع القدرة على الإنتاج الفكري المُبدِع الذي يُجَسِّرُ العلاقة بين هذه القِيَمِ-بمنطلقاتِها وأهدافِها-وبين مقتضيَاتِ العصر والتحدياتِ الحضارية الضخمة الراهنة بما يساهم في استصحاب الرؤيةِ القرآنية الشاملة لغاياتِ الوجودِ ونواميس الحركة في هذه الحياة،وفي إدراكِ معالم الخلود في الرسالةِ الإسلاميةِ وقدرتِها على العطاءِ المتجدِّدِ المجردِ عن حدود الزمان والمكان لحل كل المُشكِلاتِ الإنسانية...وهذه-بداهَة ً-هي ( وظيفة الفِكْر ) أو وظيفة عالم الأفكار الذي نعاني اليومَ من التأزم فيه،لذلك نرَى أن الخلطَ بين ما نسميه ( الأزمة الفكرية التي يُعاني منها العقلُ المسلمُ ) والتي أورثتـْهُ العجْزَ عن التعامل مع القِيَمِ من جانبٍ،وأفقدتـْهُ القدرة على تنزيلِها على الواقع الإنساني،وبين التوهم المغلوط بأنَّ الأزمَة في القِيَمِ ذاتِها،كانَ وراءَ الكثير الكثير من المغالطاتِ والتراجعاتِ والحواجز النفسية التي لا تزالُ تكرسُ التخلفَ باسم الدين،وما جعجعاتُ العِلمانيين والليبيراليين والشيوعيين واللائكيين والمُسوخ أشباهِهِمْ في ذلك عنا ببعيدة...!!!

لذلكَ نعتقد-واثقينَ-أن من الأبجدياتِ الأولى اللازمة لـ ( أسلمةِ المنظومة الفكرية عند المسلم ) اليوم : إزالة الخلط بين المبادئ المحفوظةِ والبرامج والمناهج أو الأوعية الفكرية المطلوبة لحركة الحياة،وبين القِيَم الثابثة وحقيقتها الغائبة في واقِعِ حياتنا...

مبدئيًّا..هذه وجهة نظري التي هي في الأصل نِتاجٌ فكريٌّ لكثير من دراساتِ وبحوث ونظرياتِ أساتذتنا ومفكرينا الكبار الحضارية..كالأستاذ مالك بن نبي والأستاذ أنور الجندي والدكتور عبد الوهاب المسيري والدكتور محمد عِمارة والدكتور طه جابر العلواني..وباقي روادِ هذه المدرسة الفكرية التي تعتمد على التشخيص المعمق واستحضار البديل الجامع بين ثوابت الأصالةِ ووثبةِ المُعاصَرَة...

قرأت-أستاذ طارق-هذه الإطلالة الفكرية الجادة في جانبٍ مهم من جوانب أزمتنا الفكرية ومأزقنا الحضاري الراهن،فراقني هذا التشخيص العام لهاتيكَ الأزمة ولذلك المأزق وفي محاولةِ إيجادِ بعض البدائل التي تقودُ إلى رؤيةِ طوْق الخلاص المأمول إن شاء الله...

آمُلُ أن لا تحرمنا بين الحين والحين بهذه الإطلالاتِ الرفيعة في طروحاتها..الرفيعة في مناقشاتها والهادفة في إثراءاتها...

ومرحباً بكَ دائماً في القسم الإسلامي...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 11-10-2013 الساعة 09:45 PM
رد مع اقتباس